أين يقع وادي السلام و ما هو خصوصيته ؟

وادي السَّلام إسمٌ للوادي الكبير الواقع بالجانب الشمالي الشرقي من مدينة النجف الأشرف 1 في العراق ، و وادي السَّلام هذا هو مقبرة عظيمة جداً ، و ربما عُدَّت أكبر مقبرة في العالم ، أو من أكبر مقابر العالم نظراً لمساحتها الواسعة .
و هذه المقبرة بقعة مباركة تضمُّ مرقد النبيين هود و صالح ( عليهما السلام ) ، كما تضمُّ قبور عدد كبير من أولياء الله الصالحين و العلماء الأبرار و المؤمنين الشيعة الذين دفنوا هناك منذ أن عُرف قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) في النجف الأشرف في سنة 170 هجرية .
و منذ أكثر من ألف سنة و الشيعة تجهد في نقل جثث و رفاة موتاهم من شتى بلدان العالم إلى وادي السلام لِما وردت في فضيلته روايات كثيرة تدل على قدسيته و كرامته .
كما أن هناك روايات تؤكد على أن وادي السلام بقعة من بقاع جنة عدن ، و أن أرواح المؤمنين تجتمع إلى بعضها في هذا الوادي .
فقد رُوِيَ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) إِلَى الظَّهْرِ 2 فَوَقَفَ بِوَادِي السَّلَامِ كَأَنَّهُ مُخَاطِبٌ لِأَقْوَامٍ ، فَقُمْتُ بِقِيَامِهِ حَتَّى أَعْيَيْتُ ، ثُمَّ جَلَسْتُ حَتَّى مَلِلْتُ ، ثُمَّ قُمْتُ حَتَّى نَالَنِي مِثْلُ مَا نَالَنِي أَوَّلًا ، ثُمَّ جَلَسْتُ حَتَّى مَلِلْتُ ، ثُمَّ قُمْتُ وَ جَمَعْتُ رِدَائِي .
فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ أَشْفَقْتُ عَلَيْكَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ ، فَرَاحَةَ سَاعَةٍ ، ثُمَّ طَرَحْتُ الرِّدَاءَ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ لِي : " يَا حَبَّةُ إِنْ هُوَ إِلَّا مُحَادَثَةُ مُؤْمِنٍ أَوْ مُؤَانَسَتُهُ " .
قَالَ قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِنَّهُمْ لَكَذَلِكَ ؟ !
قَالَ : " نَعَمْ ، وَ لَوْ كُشِفَ لَكَ لَرَأَيْتَهُمْ حَلَقاً حَلَقاً مُحْتَبِينَ يَتَحَادَثُونَ " .
فَقُلْتُ : أَجْسَامٌ أَمْ أَرْوَاحٌ ؟
فَقَالَ : أَرْوَاحٌ ، وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ فِي بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا قِيلَ لِرُوحِهِ الْحَقِي بِوَادِي السَّلَامِ ، وَ إِنَّهَا لَبُقْعَةٌ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ " 3 .
و عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ 4 ( عليه السَّلام ) قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنَّ أَخِي بِبَغْدَادَ وَ أَخَافُ أَنْ يَمُوتَ بِهَا .
فَقَالَ : " مَا تُبَالِي حَيْثُمَا مَاتَ ، أَمَا إِنَّهُ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ وَ غَرْبِهَا إِلَّا حَشَرَ اللَّهُ رُوحَهُ إِلَى وَادِي السَّلَامِ " .
قُلْتُ لَهُ : وَ أَيْنَ وَادِي السَّلَامِ ؟
قَالَ : " ظَهْرُ الْكُوفَةِ ، أَمَا إِنِّي كَأَنِّي بِهِمْ حَلَقٌ حَلَقٌ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ " 5 .

  • 1. تقع مدينة النجف الأشرف على حافة الهضبة الغربية من العراق ، جنوب غرب العاصمة بغداد و على بعد 161 كم عنها ، و تبلغ مساحة المدينة نحو 1338 كم2 .
    و ترتفع المدينة 70م فوق مستوى سطح البحر ، و يحدها من الشمال و الشمال الشرقي مدينة كربلاء التي تبعد عنها نحو 80 كم ، و من الجنوب و الغرب منخفض بحر النجف ، و أبي صخير الذي تبعد عنه نحو 18 كم ، و من الشرق مدينة الكوفة التي تبعد عنها نحو 10 كم .
    و لمدينة النجف الأشرف أهمية كبيرة و قدسية عظيمة لدى المسلمين لوجود مرقد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و مرقد الأنبياء آدم و نوح و هود و صالح ، و عدد من المقامات و المساجد و المشاهد المباركة .
  • 2. أي ظهر الكوفة .
  • 3. الكافي : 3 / 243 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
  • 4. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
  • 5. الكافي : 3 / 243 ، و تهذيب الأحكام : 1 / 466 .