نشر قبل 24 سنة
تقيمك هو: 1. مجموع الأصوات: 91
القراءات: 19111

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

هل يعتبر التقليد أداة من أدوات المعرفة ؟

التقليد في المصطلح الديني هو قبول قول الغير و الاعتماد على ما توصل إليه في رأيه العلمي من غير سؤال عن الأدلة و البراهين التي أعتمد عليها ، و سمّي تقليدا لأن المقلد يجعل ما يلتزم به من قول الغير من حق أو باطل قلادة في عنق من قلّده .
و لأن أصول الدين هي الأسس التحتية لفكر الإنسان و سلوكه ، فلابد للإنسان أن يستند في تأسيس هذه الأسس إلى الوعي و الدليل و البرهان ، حتى تتكون لديه القناعة بأصول الدين و العقيدة ، و يحصل له الإيمان بها أصلا أصلا ، و لا يجوز له التقليد فيها ، إذ التقليد في أصول العقيدة يكون بمعنى الانقياد الأعمى و يعتبر من التقليد المذموم الذي لا يستند إلى الوعي ، و هو مرفوض عقلا و شرعا ، و لا يُعدّ طبعا من أدوات المعرفة المعترف بها في علم الكلام .
ذلك لأن التقليد في الاعتقادات يعتبر تعطيلا لدور العقل ، و لا يجوز للإنسان إهمال نفسه في الأمور الإعتقادية كما لا يجوز له الاعتماد فيها على الآخرين مهما كانت مكانتهم العلمية و منزلتهم الاجتماعية ، بل يجب عليه بحكم الفطرة و العقل المؤيدان بالنصوص القرآنية أن ينظر بنفسه و يتأمل و يتفحص الأدلة و البراهين ، و يتدبر في أصول اعتقاداته التي تسمى بأصول الدين بشخصه ، إذ أن صلابة شخصية الإنسان و استقامته تكون بقدر صلابة و استقامة عقيدته في أصول اعتقاداته ، كما إن العكس صحيح أيضا ، فالإنسان الذي تكون قناعاته في أصول الدين و العقيدة ضعيفة و غير قائمة على أسس يقينية و ثابتة تكون بالطبع شخصيته ضعيفة و مهزوزة تتلاعب بها التيارات الفكرية و العقائدية كتلاعب الرياح بأوراق الشجر .
ثم إن بناء الإنسان أصول اعتقاداته على اليقين و الوضوح هو الذي يؤمّن للإنسان المؤمن الثبات الفكري في مواجهة التيارات الفكرية المختلفة ، و يحصنه في مقابل الاختراقات الثقافية الفكرية .
و من الواضح أنه ليس المقصود من تحصيل القناعة و اليقين بأصول الدين ضبط الاستدلالات العلمية المعقدة الرامية إلى تنظيم الأفكار المتعلقة بأصول الدين بصورة تفصيلية ، فان ذلك خارج عن طاقة معظم الناس ، و إنما المقصود من ذلك حصول اليقين و الوضوح الذي يطمئن إليه قلب الإنسان ، و تصدقه الفطرة و الوجدان .
و ان من أهم تلك الأصول هو التوحيد ، إذ هو أساس الاعتقاد ، و هو أصل الأصول و عليه تترتب بناء سائر الأمور الإعتقادية و الأحكام الشرعية .
و لقد ذم القران الكريم التقليد و الانقياد الأعمى في المسائل الإعتقادية في آيات عديدة نذكر منها ما يلي :
1. قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ 1 .
2. قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ 2 .