نشر قبل 5 سنوات
تقيمك هو: 1. مجموع الأصوات: 41
القراءات: 6167

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

انتشار الفاظ العرفان

نص الشبهة: 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

قرأت في موقع آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم حفظه الله، هذا السؤال والجواب: السؤال: تنتشر بين الشباب المؤمن الآن، ظاهرة العرفان، والروحان، والعالم بالله، والعارف بالله، والسالك، الخ.. وغيرها من الألفاظ التي تجذب الشباب المؤمن. ما معنى هذه الألفاظ؟! وهل هذا الطريق واجب على المكلفين أم لا؟! وإن لم يكن واجباً فهل سلوكه صحيح؟! وكيف يكون السلوك؟ وغيرها من الأسئلة حول هذا الموضوع.

الجواب: هذه ألفاظ تبتني على دعاوى لا برهان عليها ولا تستقي من معارف أهل البيت عليهم السلام بوجه يصلح الاحتجاج عليه، فاللازم الحذر ممن يدعي ذلك، فإنهم بين مغفل مغلوب على أمره، ومضلل مفتر يخشى منه على الدين والمؤمنين، وربما يصل بهم الأمر إلى تحليل المحرمات وانتهاك الحرمات، كما وصل إلى ذلك غيرهم وإنا لله وإنا إليه راجعون، فإنه لا سوق لهذه الدعاوى إلا بين الناس البعيدين عن المعارف الحوزوية الأصلية بسبب ضعف الحوزة وقلة الممثلين الصحيحين لها.

فما هو تعليقكم على هذا الكلام سيدنا المحقق؟

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، هو من مراجع الطائفة المجاهدين والعاملين، الذي آذاهم الطاغوت في سبيل الله، وقد أعطى رأيه الصريح وفق ما ظهر له..
فجزاه الله خير جزاء، وأوفاه وأمد في عمره، ذخراً للإسلام، وعزاً للمسلمين، إنه ولي قدير..
وعلى الذين يرجعون إليه في التقليد أن يلتزموا بتوجيهاته وفتاواه، ولا يحق لهم الرد عليه..
ولجل توضيح بعض ما ترمي إليه إجابته أطال الله بقاءه، أقول:
مما لا شك فيه: أنه لا بد من الالتزام في العبادات بما حده الشارع المقدس، فإن الله تعالى يريد أن يعبد كما يحب هو، وكما يشرع ويسن لعباده، وليس كما يحبون..
وقد حدد الشارع بعض العبادات، ومنع الناس من تجاوز ما حده لهم، فشرع صلاة الصبح ركعتين، وحدد كيفيتها، وشرط لها شروطاً، ومنع الناس من تجاوز العدد، ومن تجاوز الكيفية والشروط، ولكنه أطلق للناس التسبيح، والاستغفار مثلاً، فلا حد لكثرته، ولا لقلته..
وجمع بين الإطلاق والتحديد في عبادات أخرى..
فقد قال عن الصلاة إنها: «خير موضوع، من شاء أقل، ومن شاء أكثر» 1.
فأطلق من حيث الكمية، ولكنه حدَّها من حيث الكيفية، حيث لا بد من التزام كونها ركعتين بشرائطها، وبأقوالها وأفعالها المقررة. فإن أي تجاوز لذلك يعتبر من الابتداع في الدين..
وإذا أراد أي إنسان أن يحصل على ما قرره الله من مثوبة على العبادات المسنونة، فلا بد من الالتزام بالمأثور، ولا يتجاوزه، إذ إننا نجدهم عليهم السلام لا يرضون حتى بتبديل الكلمة بما يرادفها في نص الدعاء، فقد روي: أن النبي صلى الله عليه وآله علّم البراء بن عازب دعاء جاء فيه قوله: «ونبيك الذي أرسلت»..
فلما أراد البراء أن يعرض ذلك عليه صلى الله عليه وآله، قال: «ورسولك الذي أرسلت»..
فقال له صلى الله عليه وآله: «لا، ونبيك الذي أرسلت».. 2.
وحين علمهم الإمام الصادق عليه السلام، دعاء الغريق، وهو:
«يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
قال عبد الله بن سنان: فقلت:
«يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلبي على دينك».
فقال عليه السلام: إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار. ولكن قل كما أقول:
«يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» 3.
وذلك يشير على أن الله سبحانه هو الذي يحدد وسائل عبادته، ويريدنا أن نلتزم بما حدده..
وأما بالنسبة للألفاظ التي وردت في السؤال، فإننا نقول:
إن العارف بالله، والعالم بالله، هو النبي صلى الله عليه وآله، والأئمة الطاهرون..
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: قوله لعلي عليه السلام ما عرف الله إلا أنا وأنت..
فإطلاق ذلك على غيرهم عليهم السلام، والقول بأنه عارف وعالم بالله، لا بد أن يكون على سبيل المجاز، بأن يكون المراد: أن لدى هؤلاء بعض وجوه المعرفة، ودرجة من درجات العلم به تعالى..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 4..

  • 1. وسائل الشيعة ج 3 ص 518 ط الإسلامية.
  • 2. مناهل العرفان ج 1 ص 182 والبيان لآية الله الخوئي ص 198 عن التبيان.
  • 3. إكمال الدين ج 2 ص 352 والبحار ج 92 ص 326 وإعلام الورى ص 432.
  • 4. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة السابعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (430).