الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

حديث ارتداد الصحابة لم يستثن عليا وسلمانا

نص الشبهة: 

يستدل الشيعة على ردَّة الصحابة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) بحديث: «يرد علي رجال أعرفهم ويعرفونني، فيذادون عن الحوض، فأقول: أصحابي، أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (رواه البخاري). فيقال للشيعة: الحديث عام لم يسمِّ أحداً دون أحد، ولا يستثني عمار بن ياسر، ولا المقداد بن الأسود، ولا أبا ذر، ولا سلمان الفارسي، ممن لم يرتدوا في نظر الشيعة! بل لا يستثني علي بن أبي طالب نفسه! فلماذا خصصتموه ببعضٍ دون بعض؟! إن كل من في قلبه غل على أحد من الصحابة يستطيع أن يدعي بأن هذا الحديث يخبر عنه!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
أولاً: إن هذا السائل قد اعترف بوجود أحاديث في كتب الصحاح عندهم تتحدَّث عن ردَّة طائفة من الصحابة..
ثانياً: إن هذا الحديث لا يدلُّ على ردَّة جميع الصحابة.. بل يصرح: بأن مقصود النبي «صلى الله عليه وآله» جماعة منهم، حيث يقول: «يرد علي رجال أعرفهم ويعرفونني»، ولم يقل: يرد علي أصحابي.. فيمكن أن يكون الذين يردون عليه، ويكون هذا حالهم هم جماعة صغيرة بالنسبة لسائر الصحابة. بل لعل الرواية تشير إلى قوله تعالى عن المنافقين: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ... 1.
ثالثاً: إن سلمان وأبا ذر، والمقداد، وعلياً «عليه السلام»، وكثيراً غيرهم قد خرجوا عن هذه الجماعة التي تدخل النار، لأن الشيعة والسنة اجمعوا على أن النبي «صلى الله عليه وآله» تحدَّث عنهم بأسلوب واضح وصريح، وذكر فضائلهم وكراماتهم، ومقاماتهم عند الله، وجعلهم أعلام هداية، وأكد دخولهم الجنة.
وهذه الأحاديث تخصص حديث ارتداد جماعة من الصحابة بغير هؤلاء وأمثالهم، لو فرض أن له عموماً وشمولاً، مع أنه ليس له هذا العموم والشمول..
أما غير هؤلاء، فقد انفرد أهل السنة برواية الفضائل لهم. وهذا أمر يثير الريب لدى الفرقاء الآخرين..
رابعاً: قلنا: إن الشيعة لا يكفّرون الصحابة، لا جميعهم ولا جماعة منهم، وتلك هي كتب عقائدهم تشهد على ما نقول..
ولكنهم يخطئون بعض الصحابة، بسبب ما صدر منهم من مخالفات لرسول الله «صلى الله عليه وآله».. ولا يعتدُّ بقول شاذ من الطائفة إذا قال بخلاف ما قلناه، ولا تصح نسبة قوله إلى الطائفة كلها.
نعم.. الشيعة ينكرون صحة ما يقال، من أن جميع الصحابة عدول، ويناقشون في دلالة الآيات الشريفة على ذلك.. وهذا لا ربط له بتكفير أحد..
كما أنه لا يعني صحة نسبة الفسق إليهم، بل المقصود: إن الصحابة كغيرهم من سائر المسلمين، فيهم الذكي والغبي، والعالم والجاهل، والمطيع والعاصي..
خامساً: وأخيراً، قلنا: إن المقصود بأحاديث ارتداد الصحابة على أعقابهم ليس هو الكفر والشرك، بل المقصود هو الإرتداد عن الطاعة، وعدم الوفاء بتعهداتهم، فهو من قبيل الكفر الذي نسبه الله تعالى لمن يستطيع الحج، ولا يحج، فإن المقصود به مجرد عدم الطاعة..
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 2.

  • 1. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 101، الصفحة: 203.
  • 2. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، 1431 هـ. ـ 2010 م، السؤال رقم (123).