نشر قبل 6 سنوات
مجموع الأصوات: 79
القراءات: 6958

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

عثمان الخميس يتمسك بروايات موضوعة في مقابل حديث الثقلين! 2

نص الشبهة: 

الحديث المزعوم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي).

قال عثمان الخميس: (وقال النبي (ص): عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) فأمر بالعض عليها بالنواجذ.

وقال: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر.

وقال: اهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن مسعود.

ولم يدل هذا على الإمامة أبداً، وإنما دل على أن أولئك على هدى رسول الله (ص)، ونحن نقول إن عترة النبي (ص) لا تجتمع على ضلالة أبداً، ولكن من أصحاب عترة النبي (ص)؟! قد فصلنا ذلك فيما سبق) انتهى.

الجواب: 

أقول:

أولاً: إن هذا الحديث ضعيف من حيث سنده وإن حاول البعض تصحيحه إما وهماً أو مخالفة للأسس والقواعد التي وضعها علماء أهل السنة لتصحيح الرواية وقبولها!.

فجميع أسانيده تنتهي إلى العرباض بن سارية (فهو الراوي الوحيد له وهذا مما يورث الشك في صدوره لأنّ الحديث كان في المسجد وكان بعد الصلاة، وكان موعظة بليغة من رسول الله صلى الله عليه وآله ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، ثم طلب منه أن يعهد إلى الأمة فقال:... فكيف لم يروه إلا العرباض؟! ولم لم يرووه إلاّ عن العرباض؟!).

(إن هذا الحديث إنما حدث به في الشام وإنما تناقله وروّجه أهل الشام وأكثر رواته من أهل حمص بالخصوص، وهم أنصار معاوية وأشد أعداء علي أمير المؤمنين، فالبنظر إلى هذه الناحية لا سيما مع ضم النظر في متن الحديث إليه لا يبقى وثوق بصدور هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله، إذ كيف يوثق بحديث يرويه حمصي عن حمصي عن حمصي! ولا يوجد عند غيرهم من حملة الحديث والأثر علم به؟! وأهل الشام قاطبة غير متحرجين من الافتعال لما ينتهي إلى تشييد سلطان معاوية أو الحط ممن خالفه!) 1.

قال العلامة حسان بن عبد المنان في كتابه حوار مع الشيخ الألباني في مناقشة حديث العرباض بن سارية: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين وبعد أن استعرض جميع طرق هذه الراوية وناقشها، قال: (إذن مدار الحديث – والله العالم – على عبد الرحمن بن عمرو السلمي) 2.
وعبد الرحمن بن عمرو هذا مجهول الحال، لم يرد فيه توثيق إلاّ من ابن حبّان، ومعلوم عندهم أن ابن حبّان في كتابه الثقات كثيراً ما وثّق أشخاصاً مجهولين، وقد صرّح ابن القبطان الفاسي المتوفى سنة 628 هـ بضعف هذه الرواية وجهالة عبد الرحمن السلمي ففي كتابه الوهم والإيهام 2/35، قال متعقباً عبد الحق الأشبيلي في باب سماه: ذكر أحاديث سكت عنها مصححاً لها وليست بصحيحة:

(وذكر من دريق أبي داود عن العرباض بن سارية صلى بنا رسول الله (ص) ذات يوم... فذكره وسكت عنه، وليس بصحيح، فإن أبا داود ساقه هكذا: حدثنا أحمد لن حنبل، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، حدثنا خالد بن معدان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا: أتينا العرباض بن سارية، فذكره.

حجر هذا لا يعرف ولا أعلم أحد ذكره، فأما عبد الرحمن بن عمرو السلمي فترجم البخاري وابن أبي حاتم باسمه، فأما ابن أبي حاتم فلم يقل فيه شيئاً، وأما البخاري فإنه ذكر روايته عن العرباض ورواية خالد بن معدان وضمرة بن حبيب وعبد الأعلى بن هلال عنه ولم يزد، فالرجل مجهول الحال، والحديث من أجله لا يصح.
وقد روى هذا الحديث الوليد بن مسلم بإسناد آخر قال: حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، عن يحيى بن أبي المطاع، عن العرباض بن سارية مثله، وذكره البزار واختاره وهو أيضاً لا يصح فإن يحيى بن أبي المطاع لا يعرف غيره، وهو شيء من أهل الشام) 3.
ثم قال الشيخ حسان عبد المنان: (والذي تبين لي في حديث العرباض ابن سارية أنه لا يصح لذاته، ولبعض فقراته ما يشهد لها، وقد استقصيت ذلك فيما علمت، وما لا نعلمه أكثر، والله العالم) انتهى , ونكتفي بمناقشة سند هذه الرواية الموضوعة ضد حديث الثقلين في حق أهل البيت عليهم السلام، ولو سلمنا بصحتها فإنها لا تنطبق إلا على الأئمة الطاهرين من عترة النبي صلى الله عليه وآله وذلك لما هو ثابت عنه من أمره بوجوب التمسك بهم وكونهم لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم، ومن هم كذلك فسنتهم حجة كسنته صلى الله عليه وآله يجب التمسك والعمل بها.

ثانياً: إن صاحبنا ينقل هذه الأقوال المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وآله ليقول إن الأمر الصادر منه صلى الله عليه وآله بالأخذ والتمسك بعترته في حديث الثقلين لا يدل على إمامة العترة الطاهرة من أهل بيته عليهم السلام، وإنما يدل على أنهم على هدى النبي صلى الله عليه وآله، وأنه يوجد غيرهم على هديه أيضاً، كالذين سماهم النبي صلى الله عليه وآله الخلفاء الراشدين من بعده، وكأمره بالاقتداء بسنة أبي بكر وعمر، والاهتداء بهدي عمار بن ياسر، وبالتمسك بعهد عبد الله بن مسعدو!! يقول عثمان الخميس هذا وهو يعرف أن هذه الأحاديث كلها موضوعة في مقابل حديث الثقلين، وأمر النبي صلى الله عليه وآله لأمته أن تتمسك بهما.
ثالثاً: على فرض صحة هذه الرواية وصدور هذا القول منه صلى الله عليه وآله فمراده بالخلفاء الراشدين بلا شك الأئمة الإثنى عشر الذين خلفهم النبي صلى الله عليه وآله في أمته، فهذا الحديث مؤيد لحديث الثقلين وغير معارض له بحال من الأحوال.

فقد ثبت وصح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش) 4، وفي رواية: (يكون بعدي إثنا عشر خليفة كلهم من قريش) 5، وفي أخرى: (لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش) 6.

وحديث الإثني عشر هذا من الأحاديث التي حار فيها أهل السنة، فقد شرّقوا وغرّبوا في بيان مصاديقه من الخلفاء، وأخذوا يبحثون عنهم بين أولئك الذين تولوا سدّة الحكم من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فمنهم من وضع قائمة بأسماء اثني عشر من هؤلاء ولم يرتضها الآخرون!.
والحق أن هذا الحديث لا ينطبق إلا على الأئمة الإثني عشر الطاهرين من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله دون غيرهم7.

رابعاً: (إن هذا الحديث يكذبه واقع الحال بين الصحابة أنفسهم، فقد وجدناهم كثيراً ما يخالفون سنة أبي بكر وعمر، والمفروض أنهما من الخلفاء الراشدين (عند أهل السنة) بل لقد خالف الثاني منهما الأول في أكثر من مورد!! فلو كان هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله حقّاً لما وقعت تلك الخلافات والمخالفات... هذا ما ذكره جماعة، وعلى أساسه أوّلوا الحديث، وقد نص شارح مسلّم الثبوت (فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت 2/231) على ضرورة تأويله) 89

  • 1. الرسائل العشر (السيد الميلاني) الرسالة (3) صفحة 16- 17، وانظر ما قاله في صفحة 18 – 20 من جرح في العرباض بن سارية.
  • 2. حوا مع الشيخ الألباني: 81.
  • 3. حوار مع الشيخ الألباني 115- 116.
  • 4. صحيح مسلم 3/1452 برقم: 1821.
  • 5. صحيح ابن حبان 15/43 برقم: 6661.
  • 6. مسند أحمد بن حنبل 5/89 برقم: 20862.
  • 7. ومن اراد المزيد من الاطلاع حول هذا الحديث فعلية بمراجعة كتاب (مسائل خلافية حار فيها أهل السنة للشيخ علي آل محسن صفحة 5) وكتاب (مطارحات في الفكر والعقيدة صفحة 61) إصدار مركز الرسالة التابع لآية الله العظمى السيد على الحسيني السيستاني.
  • 8. الرسائل العشر (للميلاني) الرسالة (3) صفحة 16.
  • 9. نقلا عن كتاب الرد النفيس على أباطيل عثمان الخميس، تأليف الشيخ حسن عبد الله العجمي.