الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

علم الرسول للغيب

نص الشبهة: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال الله عز وجل في سورة هود في الآية 49 : ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَٰذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ . وظاهر الآية صريح بكون الرسول لا يعلم الغيب وهو في ذلك متساوٍ مع قومه، وأن علمه بالغيب جاء بالوحي وليس بالعلم اللدنـّي فعلمه ليس حاضراً في كل وقت بل يعلم بالغيب حينما يوحيه الله إليه على الأقل في خصوص مورد هذه الآية، وهذا بالنتيجة يؤدي إلى القول بأن الرسول صلى الله عليه وآله لم يعلم الغيب قبل الوحي إليه ولم يكن يعلم الغيب حينما كان صغيراً. وسؤالي هنا: أليس هذا يعارض عقائدنا ـ نحن الشيعة ـ بأن الرسول والأئمة يعلمون الغيب بل هم يعلمون الغيب مذ ولدوا ؟

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإن الآية الكريمة في سورة هود تدل على أن الوحي الإلهي هو طريق معرفته صلى الله عليه وآله بأخبار الماضين من الأمم والرسل، وليس فيها أية دلالة على زمان نزول هذا الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله . .
فإذا اعتقدنا: أن النبي صلى الله عليه وآله كان نبياً منذ صغره استناداً إلى الدلائل والشواهد التي أشرنا إليها غير مرة، بل في الروايات: أنه صلى الله عليه وآله كان نبياً وآدم بين الروح والجسد . . فإن ذلك يفتح أمامنا باب احتمال أن يكون الله تعالى قد أوحى القرآن، أو معانيه إليه صلى الله عليه وآله قبل بعثته، وربما منذ صغره، بل ربما قبل ذلك أيضاً . . في ليلة من ليالي القدر في شهر رمضان المبارك . .
هذا كله بالإضافة إلى ما يظهر من الأحاديث الشريفة، من تعدد نزول القرآن: من اللوح المحفوظ، إلى البيت المعمور، إلى السماء الدنيا، ثم على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله، بمعانيه، ثم كانت له نزولات أخرى أيضاً ، لسوره تارة ، ولآياته أخرى، وقد أشرنا إلى هذا الأمر في إجابة لنا سابقة على سؤال يتعلق بتقدم آية: ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... 1. على آية: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ 2 .
وقد نشر السؤال والجواب في كتاب: «مختصر مفيد» . . 3 .
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله 4 . .

  • 1. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 3، الصفحة: 107.
  • 2. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 67، الصفحة: 119.
  • 3. مختصر مفيد ج 4 ص 45 .
  • 4. مختصر مفيد . . (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثامنة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (437) .