نشر قبل 24 سنة
مجموع الأصوات: 199
القراءات: 69036

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

ما معنى الإرادة و المشيئة بالنسبة إلى الله تعالى ، و ما الفرق بينهما ؟

المقصود من قولنا " أن الله مُريد " هو أنه تعالى مختارٌ و ليس بمجبورٍ و لا مضطرٍ .
أما الإرادة ـ بمعناها المعروف في الإنسان و الذي هو أمر تدريجي و حادث ـ لا مكان لها في الذات الإلهية المقدسة ، بل يجب تجريدها ـ أي الإرادة ـ من شوائب النقص و حملها على الله بالمعنى الذي يليق بساحته ، مُجردة عن سمات الحدوث و الطروء و التدرّج و الانقضاء بعد حصول المراد ، فان ذلك كله من خصائص إرادة الإنسان ، و لإستلزام ـ الإرادة بهذا المعنى ـ طروء الحدوث على ذاته سبحانه و تعالى .
من أجل هذا وُصفت الإرادة الإلهية في أحاديث أهل البيت ( عليهم السَّلام ) بأنها نفس إيجاد الفعل و عينُ تَحقّقهِ ، منعاً من وقوع الأشخاص في الانحراف و الخطأ في تفسير و توضيح هذه الصفة الإلهية .
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ 1 ( عليه السلام ) : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللَّهِ ، وَ مِنَ الْخَلْقِ ؟
قَالَ ، فَقَالَ : " الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَ مَا يَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَ أَمَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَ لَا يَهُمُّ وَ لَا يَتَفَكَّرُ ، وَ هَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَ هِيَ صِفَاتُ الْخَلْقِ ، فَإِرَادَةُ اللَّهِ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَ لَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَ لَا هِمَّةٍ وَ لَا تَفَكُّرٍ وَ لَا كَيْفَ لِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا كَيْفَ لَهُ " 2 .
إذن فوصفُ الله سبحانه و تعالى في مقام الذات بأنه مريد يكون بمعنى أنه مختار ، و وصفه به في مقام الفعل يكون بمعنى أنه مُوجِدٌ و مُحْدِث .
ثم إن ما يمكن تصوره بالنسبة إلى الفعل الصادر عن الفاعل هو إحدى الصور الأربعة التالية :
1. أن يكون الفاعل فاقدا للعلم ، و هو لا يجوز بالنسبة إلى الله تعالى .
2. أن يكون الفاعل عالماً فاقدا للإرادة و هذا لا يجوز أيضا بالنسبة إلى الله تعالى .
3. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً و لكن عن كراهة لفعله و ذلك لأجل وجود قدرة قاهرة عليه مثلاً ، أو لأنه ليس أمامه إلاّ أحد أمرين ، إما الفعل و إما الترك ، و هذا لا يجري على الله تعالى كما هو واضح .
4. أن يكون الفاعل عالماً و مريداً راضياً بفعله ، و فاعلية الباري سبحانه و تعالى تكون من هذا النوع ، فهو فاعل مريد مالك لزمام فعله و عمله ، يقول سبحانه و تعالى في القرآن الكريم : ﴿ ... وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ... 3 .
الفرق بين الإرادة و المشيئة :
أما بالنسبة إلى مشيئة الله تعالى فالظاهر أن الإرادة و المشيئة متحدان في المعنى رغم اختلاف التسمية ، و إلى هذا الرأي تشير بعض الروايات المروية عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) منها قول الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) : " و أعلم : أن الإبداع و المشيئة و الإرادة معناها واحد و أسماؤها ثلاثة " 4 .
و هناك تفسير أخر للإرادة و المشيئة و هو أن الإرادة هي أمر الله تعالى ، و إليه تشير الآية الكريمة : ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 5 ، أما المشيئة فتعني أن الله تعالى قادر على منع العباد عن ما يريدون فعله و هم غير قاهرون لله تعالى ، بمعنى أن إرادتهم غير خارجة عن نطاق القدرة الإلهية بل محدودة ضمن المشيئة الإلهية ، و إلى هذا تشير بعض الروايات المروية عن أهل البيت ( عليهم السَّلام ) :
عن أبي الحسن ( عليه السَّلام ) : " إن لله إرادتين و مشيئتين : إرادة حتم و إرادة عزم ، ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء ، أو ما رأيت الله نهى آدم ( عليه السَّلام ) و زوجته أن يأكلا من الشجرة و هو شاء ذلك ، إذ لو لم يشأ لم يأكلا ، و لو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى ، و أمر إبراهيم بذبح ابنه و شاء أن لا يذبحه ، و لو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عَزَّ و جَلَّ " 6 .

  • 1. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) ، سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
  • 2. الكافي : 1 / 109 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
  • 3. القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 21 ، الصفحة : 237 .
  • 4. التوحيد : 435 ، و بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 10 / 314 و 50 / 50 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
  • 5. القران الكريم : سورة يس ( 36 ) ، الآية : 82 ، الصفحة : 445 .
  • 6. بحار الأنوار : 4 / 139 .

تعليقتان

صورة زاز احمد

مشيئة الإنسان و المشيئة الله

مشيئة الإنسان و المشيئة الله
تَنْفيذ مشيئة الإنسان تحتاج إلى مشيئة الله تعالى.
فالإنسان سُمِحَ له أن يخْتار، وشاءتْ مشيئة الله أن تكون له ما يشاء
مثلا
 فالله تعالى يأمر ويريد تنفيذ أوامره وسمح بالاختيار ،
فإن الإنسان إذا نفد أوامره فهو تعالى سَمَحَ له ، و رضي له، و وعده بالجنة أو النعيم
وإذا لم ينفد أوامره فهو تعالى سَمَحَ له ، ولم يرْضَ له، ووعده النار أو العذاب
 فالله تعالى ينهى ويريد تنفيذ نواهيه وسمح بالاختيار ،
فإن الإنسان إذا نفد نواهيه فهو تعالى سَمَحَ له ، و رضي له،. و وعده بالجنة أو النعيم
وإذا لم نواهيه ينفد فهو تعالى سَمَحَ له ، ولم يرْضَ له، ووعده النار أو العذاب
حرية الاختيار
منح الله حرية الاختيار للإنسان لكي لا يكون مثل الملائكة أو الحيوان
منح الله حرية الاختيار للإنسان لكي يكون الجزاء الدنيوي و الجزاء الأخروي