الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

أعمال شعبان الخاصة

الليلة الأولى

قد وردت فيها صلوات كثيرة مذكورة في (الاقبال) ومن تلك الصلوات : اثنتا عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد احدى عشرة مرة 1.

اليوم الأول 

ويفضل صيامه فضلاً كَثِيراً. وقد روي عن الصادق عليه‌السلام : أنّ من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتّة 2.

وقد روى السيد ابن طاووس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أَجْراً جزيلاً لمن صام ثلاثة أيام من هذا الشهر يصلّي في لياليها ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وسورة التوحيد إحدى عشرة مرة 3.

واعلم أنه قد ورد في تفسير الإمام عليه‌السلام رواية في فضل شعبان وفضل اليوم الأوّل منه تشتمل على فوائد جمّة ، وشيخنا ثقة الاسلام النوري (نور الله مرقده) قد أورد ترجمتها في نهاية كتابه الفارسي (كلمة طيّبة) ، والرواية مبسوطة لا يسعها المقام ، وملخصها : أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قد مرّ على قوم من أخلاط المسلمين وهم قعود في بعض المساجد في أول يوم من شعبان وهم يخوضون في أمر القدر وغيره وقد ارتفعت أصواتهم واشتد فيه محكمهم 4 وجدالهم ، فوقف عليهم وسلم فردّوا عليه وأوسعوا له وقاموا إليه يسألونه القعود عليهم فلم يحفل بهم ، ثم قال لهم وناداهم :
يا معاشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ولا يرد عليهم ، ألم تعلموا أنّ لله عباداً قد أسكتهم من غير عَيٍّ ولا بَكَمٍ ، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انكسرت ألسنتهم وانقطعت أفئدتهم وطاشت عقولهم وحامت حلومهم إعزازاً لله وإعظاماً وإجلالاً ، فإذا أفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله بالاعمال الزاكية يعدّون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين ، وانّهم براء من المقصّرين ومن المفرطين ، إلاّ أنهم لا يرضون لله بالقليل ولا يستكثرون لله الكثير ، فهم يدأبون له في الاعمال ، فهم إذا رأيتهم ، قائمون للعبادة مروعون خائفون مشفقون وجلون ، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين؟ أما علمتم أنّ أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه ، وأنّ أجهلهم به أكثرهم كلاما فيه؟ يا معشر المبتدعين ، هذا يوم غرّة شعبان الكريم ، سمّاه ربنا شعبان لتشعب الخيرات فيه ؛ قد فتح ربكم فيه أبواب جنانه وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان وأسهل الأُمور فاشتروها ، وعرض لكم إبليس اللعين شعب شروره وبلاياه فأنتم دائباً تتيهون في الغي والطغيان تمسكون بشعب إبليس وتحيدون عن شعب الخير المفتوح لكم أبوابه.
هذه غرّة شعبان وشعب خيراته الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبرّ الوالدين والقرابات والجيران وإصلاح ذات البين والصدقة على الفقراء والمساكين ، تتكفلون ما قد وضع عنكم (أي أمر القدر) وماقد نهيتم عن الخوض فيه من كشف سرائر الله التي من فتش عنها كان من الهالكين. أما إنكم لو وقفتم على ما قد أعدّ ربنا عزَّ وجلَّ للمطيعين من عباده في هذا اليوم لقصرتم عما أنتم فيه وشرعتم فيما أُمرتم به. قالوا : يا أمير المؤمنين ، وما الذي أعدَّه الله في هذا اليوم للمطيعين له؟ فروى عليه‌السلام ما كان من أمر الجيش الذي بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الكفار ، فوثب الكفار عليه ليلاً ، وكانت ليلة ظلماء دامسة والمسلمون نيام ، ولم يك فيهم يقظان سوى زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وقتادة بن نعمان وقيس بن عاصم المنقري وكل منهم يقظان في جانب من جوانب العسكر يصلّي الصلاة أو يتلو القرآن ، وكاد المسلمون ان يهلكوا لأنهم في الظلام لا يبصرون أعداءهم ليتّقوهم ، وإذا بأضواء تسطع من أفواه هؤلاء النفر الأَرْبعة تضيء معسكر المسلمين فتورثهم القوة والشجاعة ، فوضعوا السيوف على الكفار فصاروا بين قتيل أو جريح أو أسير ؛ فلما رجعوا قصّوا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ هذه الأنوار قد كانت لما عمله إخوانكم هؤلاء من أعمال في غرّة شعبان ثم حدّثهم بتلك الأعمال واحداً فو احداً إلى أن قال : إنّ إبليس إذا كان أوّل يوم من شعبان يبثّ جنوده في أقطار الأَرْض وآفاقها يقول لهم : اجتهدوا في‌اجتذاب بعض عباد الله إليكم في هذا اليوم ، وإنّ الله عزَّ وجلَّ يبث ملائكته في أقطار الأَرْض وآفاقها يقول لهم : سدّدوا عبادي وأرشدوهم وكلّهم يسعد إلاّ من أبى وطغى فإنه يصير في حزب إبليس وجنوده ، وإنّ الله عز وجل إذا كان أول يوم من شعبان يأمر باب الجنة فتفتح ويأمر شجرة طوبى فتدني أغصانها من هذه الدنيا ، ثم ينادي منادي ربنا عز وجل : يا عباد الله ، هذه أغصان شجرة طوبى فتعلّقوا بها لترفعكم إلى الجنة ، وهذه أغصان شجرة الزقوم فإيّاكم وإيّاها لاتؤديكم إلى الجحيم.

قال : فوالذي بعثني بالحق نبيا إنّ من تعاطى باباً من الخير في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان شجرة طوبى فهو مؤدّيه إلى الجنة ، وإنّ من تعاطى باباً من الشر في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان شجرة الزقّوم فهو مؤدّيه إلى النار.
ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فمن تطوّع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، ومن صام في هذا اليوم تعلّق منه بغصن ، ومن أصلح بين المر وزوجه ، والوالد وولده ، والقريب وقريبه والجار وجاره ، والأجنبي والأجنبي ، فقد تعلّق منه بغصن ، ومن خفّف عن مُعسرٍ دَينه أو حطّ عنه فقد تعلّق منه بغصن ، ومن نظر في حسابه فرأى دَينا عتيقاً قد آيس منه صاحبه فأدَّاه فقد تعلق منه بغصن ، ومن كفل يتيما فقد تعلّق منه بغصن ، ومن كفّ سفيها عن عرض مؤمن فقد تعلّق منه بغصن ، ومن تلا القرآن أو شيئاً منه فقد تعلّق منه بغصن ، ومن قعد يذكر الله ونعماءه ليشكره فقد تعلّق منه بغصن ، ومن عاد مريضا فقد تعلّق منه بغصن ، ومن بَرَّ فيه والديه أو أحدهما في هذا اليوم فقد تعلّق منه بغصن ، ومن كان أسخطهما قبل هذا اليوم فأرضاهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن ، وكذلك من فعل شيئاً من ساير أبواب الخير في هذا اليوم فقد تعلّق منه بغصن.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبياً وإنّ من تعاطى باباً من الشرِّ والعصيان في هذا اليوم فقد تعلّق بغصن من أغصان الزقّوم فهو مؤديه إلى النار. ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبياً ، فمن قصّر في الصلاة المفروضة وضيّعها فقد تعلّق بغصن منه ، ومن جاءه في هذا اليوم فقير ضعيف يعرف سوء حاله فهو يقدر على تغيير حاله من غير ضرر يلحقه وليس هناك من ينوب عنه ويقوم مقامه فتركه يضيع ويعطب ولم يأخذه بيده فقد تعلّق بغصن منه ، ومن اعتذر إليه مسي فلم يعذره ثم لم يقتصر به على قدر عقوبة إساءته بل زاد عليه فقد تعلّق بغصن منه ، ومن ضرب بين المر وزوجه أو الوالد وولده أو الأخ وأخيه أو القريب وقريبه أو بين جارين أو خليطين أو أختين فقد تعلّق بغصن منه ، ومن شدّد على مُعسر وهو يعلم إعساره فزاد غيظاً وبلاءاً فقد تعلّق بغصن منه ، ومن كان عليه دَين فأنكره على صاحبه وتعدّى عليه حتى أبطل دَينه فقد تعلّق بغصن منه ، ومن جفا يتيماً وآذاه وتهضمّ 5 ماله فقد تعلّق بغصن منه ، ومن تغنّى بغنى يبعث فيه على المعاصي فقد تعلّق بغصن منه ، ومن قعد يعدّد قبائح أفعاله في الحروب وأنواع ظلمه لعباد الله فيفتخر بها فقد تعلّق بغصن منه ، ومن كان جاره مريضا فترك عيادته استخفافاً بحقه فقد تعلّق بغصن منه ، ومن مات جاره فترك تشييع جنازته تهاونا فقد تغلق بغصن منه ، ومن أعرض عن مصاب جفاءاً وازدرأً 6 عليه واستصغاراً له فقد تعلّق بغصن منه ، ومن عقَّ والديه أو أحدهما فقد تعلّق بغصن منه ، ومن كان قبل ذلك عاقّا لهما فلم يرضهما في هذا اليوم ويقدر على ذلك فقد تعلّق بغصن منه ، وكذا من فعل شيئاً من ساير أبواب الشر فقد تعلّق بغصن منه.
والذي بعثني بالحق نبيّاً ، إنّ المتعلقين بأغصان شجرة طوبى ترفعهم تلك الأغصان إلى الجنة. ثم رفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طرفه إلى السماء مليّاً وجعل يضحك ويستبشر ، ثم خفض طرفه إلى الأَرْض فجعل يقطب ويعبس ، ثم أقبل على أصحابه فقال : والذي بعث محمداً بالحق نبيّاً ، لقد رأيت شجرة طوبى ترفع أغصانها وترفع المتعلّقين بها إلى الجنة ورأيت منهم من تعلّق منها بغصن ، ومنهم من تعلّق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على الطاعات ، وإني لأرى زيد بن حارثة فقد تعلّق بعامّة أغصانها ، فهي ترفعه إلى أعلى أعلاها ، فبذلك ضحكت واستبشرت. ثم نظرت إلى الأَرْض ، فوالذي بعثني بالحق نبيّا ، لقد رأيت شجرة الزقّوم تنخفض أغصانها وتخفض المتعلّقين بها إلى الجحيم ورأيت منهم من تعلّق بغصن ومنهم من تعلّق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على القبائح ، وإنّي لأرى بعض المنافقين قد تعلّق بعامّة أغصانها وهي تخفضه إلى أسفل دركاتها ، فلذلك عبست وقطبت 7 8.

اليوم الثالث

وهو يوم مبارك ، قال الشيخ في (المصباح) : في هذا اليوم ولد الحسين بن علي عليه‌السلام وخرج إلى أبي القاسم بن علاء الهمداني وكيل الإمام العسكري : أنّ مولانا الحسين عليه‌السلام ولد يوم الخميس لثلاث خَلونَ من شعبان ، فصمه وادع فيه بهذا الدعاء :
اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ المَوْلُودِ فِي هذا اليَوْمِ بِشَهادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلالِهِ وَوِلادَتِهِ بَكَتْهُ السَّماء وَمَنْ فِيها وَالأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها وَلَمَّا يَطَأ لابَيَتْها ، قَتِيلِ العَبْرَةِ وَسَيِّدِ الاُسْرَةِ المَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ فِي يَوْمِ الكَرَّةِ المُعَوّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الأئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ وَالشِّفاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَالفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ وَالأَوْصِياء مِنْ عُتْرَتِهِ بَعْدَ قائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ حَتّى يُدْرِكُوا الأوْتارَ وَيَثْأَرُوا الثَّأرَ وَيُرْضُوا الجَبَّارَ وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصارٍ ، صَلَّى الله عَلَيْهِمْ مَعَ اخْتِلافِ الليْلِ وَالنَّهارِ. اللّهُمَّ فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ وَأَسْأَلُ سُؤالَ مُقْتَرِفٍ مُعتَرِفٍ مُسِيٍ إِلى نَفْسِهِ مِمَّا فَرَّطَ فِي يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ ، يَسْأَلُكَ العِصْمَةَ إِلى مَحَلِّ رَمْسِهِ ، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ وَاحْشُرْنا فِي زُمْرَتِهِ وَبَوِّئْنا مَعَهُ دارَ الكَرامَةِ وَمَحَلَّ الإقامَةِ ، اللّهُمَّ وَكَما كَرَّمْتَنا بِمَعْرِفَتِهِ فَأَكْرِمْنا بِزُلْفَتِهِ وَارْزُقْنا مُرافَقَتَهُ وَسابِقَتَهُ وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لاَمْرِهِ وَيُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَعَلى جَمِيعِ أَوْصِيائِهِ وَأَهْلِ أَصْفِيائِهِ المَمْدُودِينَ مِنْكَ بِالعَدَدِ الاِثْنَي عَشَرَ النُّجُومِ الزُّهَرِ وَالحُجَجِ عَلى جَميعِ البَشَرِ اللّهُمَّ وَهَبْ لَنا فِي هذا اليَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ وَانْجِحْ لَنا فِيهِ كُلَّ طَلِبَهٍ كَما وَهَبْتَ الحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَعاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ فَنَحْنُ عائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.
ثم تدعو بعد ذلك بدعاء الحسين عليه‌السلام وهو آخر دعائه عليه‌السلام يوم كثرت عليه أعداؤه ، وهو يوم عاشوراء :

اللّهُمَّ أَنْتَ مُتَعالِي المَكانِ عَظِيمُ الجَبَروتِ شَدِيدُ المِحال 9 غَنِيُّ عَنِ الخَلائِقِ عَرِيضُ الكِبْرِياءِ قادِرٌ عَلى ماتَشاءُ قَرِيبُ الرَّحْمَةِ صادِقُ الوَعْدِ سابِغُ النِّعْمَةِ حَسَنُ البَلاِ ، قَرِيبٌ إِذا دُعِيتَ مُحيطٌ بِما خَلَقْتَ قابِلُ التَّوْبَةِ لِمَنْ تابَ إِلَيْكَ قادِرٌ عَلى ماأَرَدْتَ وَمُدْرِكٌ ماطَلَبْتَ وَشَكُورٌ إِذا شُكِرْتَ وَذَكُورٌ إِذا ذُكِرْتَ ؛ أَدْعُوكَ مُحْتاجاً وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ فَقِيراً وَأَفْزَعُ إِلَيْكَ خائِفاً وَأَبْكِي إِلَيْكَ مَكْرُوباً وَأَسْتَعِينُ بِكَ ضَعِيفاً وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ كافِياً ، اُحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا 10 فَإِنَّهُمْ غَرُّونا وَخَدَعُونا وَخَذَلُونا وَغَدَرُوا بِنا وَقَتَلُونا وَنَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ وَوَلَدُ 11 حَبِيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله الَّذِي اصْطَفَيْتَهُ بِالرِّسالَةِ وَائْتَمَنْتَهُ عَلى وَحْيِكَ فَاجْعَلْ لَنا مِنْ أَمْرِنا فَرَجاً وَمَخْرَجاً بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. قال ابن عياش : سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري يقول : سمعت الصادق عليه‌السلام يدعو به في هذا اليوم. وقال : هو من أدعية اليوم الثالث من شعبان ، وهو ميلاد الحسين عليه‌السلام 12.
الليلة الثالثة عشرة : وهي أول الليالي البيض وقد مرّ مايصلّى في هذه الليلة والليلتين بعدها في أعمال شهر رجب.

ليلة النصف من شعبان

وهي ليلة بالغة الشرف ، وقد روي عن الصادق عليه‌السلام قال : سئل الباقر عليه‌السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال عليه‌السلام : هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها فإنها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لايردّ سائلاً فيها مالم يسأل المعصية ، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثناء عليه ... الخبر 13.

ومن عظيم بركات هذه الليلة المباركة أنها ميلاد سلطان العصر وإمام الزمان أرواحنا له الفداء ولد عند السحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ من رأى 14. هذا ما يزيد هذه الليلة شرفا وفضلاً ، وقد ورد فيها أعمال.

يوم النصف من شعبان

وهو عيد الميلاد ، وقد ولد فيه الإمام الثاني عشر إمامنا المهدي الحُجّة بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه ، ويستحب زيارته عليه‌السلام في كل زمان ومكان والدعاء بتعجيل الفرج عند زيارته ، وتتأكد زيارته في السرداب بسرّ من رأى ، وهو المتيقّن ظُهُورُهُ وتملكه ، وأنّه يملأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

أعمال ما بقي من هذا الشهر

عن الرّضا صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ قال : من صام ثلاثة أيّام مِن آخر شَعبان ووصلَها بِشَهرِ رَمَضانَ كتبَ الله تعالى لَهُ صيام شَهرين متتابعين 15.
وعن أبي الصّلت الهروي قالَ : دخلت على الإمام الرّضا عليه‌السلام في آخر جمعة مِن شَعبان ، فقالَ لي : يا أبا الصّلت ، إنَّ شَعبان قَدْ مضى أكثره ، وهذا آخر جمعة فيه ، فتداركْ فيما بقي تقصيركَ فيما مضى مِنه ، وعليك بالاقبال على ما يعينك ، وأكثرْ من الدعاء والاستغفار وتلاوة القران وتبْ إلى الله مِن ذنوبِكَ ليقبل شَهر رَمَضان إليكَ وأنتَ مخلص لله عزَّ وجلَّ ، ولاتدعَنّ أمانة في عنقكَ إلاّ أدّيتها ولا في قلبكَ حقداً على مؤمِن إلاّ نزعته ولاذنباً أنتَ مرتكبه إلاّ اقلعت عَنهُ ، واتق الله وتوكّل عَليهِ في سرِّ أمركَ وعلانيتكَ ﴿ ... وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا 16 وأكثر من أن تقول في ما بقي مِن هذا الشّهر : اللّهُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لَنا فِيما مَضى مِنْ شَعْبانَ فَاغْفِرْ لَنا فِيما بَقِيَ مِنْهُ ، فانّ الله تباركَ وتعالى يعتق في هذا الشّهر رقاباً مِن النّار لحرمة هذا الشّهر 17.

وروى الشَيّخ عن حارث بن مغيرة النضّري ؛ قالَ : كانَ الصّادق صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ يدعو في آخر لَيلَةٍ مِن شَعبان وأوّل لَيلَة مِن رمضان :
اللّهُمَّ إِنَّ هذا الشَّهْرَ المُبارَكَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرآنُ وَجُعِلَ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرْقانِ ، قَدْ حَضَرَ فَسَلِّمْنا فِيهِ وَسَلِّمْهُ لَنا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ. يا مَنْ أَخَذَ القَلِيلَ وَشَكَرَ الكَثِيرَ اقْبَلْ مِنِّي اليَسِيرَ. اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي إِلى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلاً ، وَمِنْ كُلِّ مالاتُحِبُّ مانِعاً يا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مَنْ عَفا عَنِّي وَعَمَّا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، يا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْنِي بارْتِكابِ المَعاصِي ؛ عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ ، يا كَرِيمُ! إِلهِي وَعَظْتَنِي فَلَمْ أَتَّعِظْ ، وَزَجَرْتَنِي عَنْْ محارِمِكَ فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، فَما عٌذْرِي؟ فَاعْفُ عَنِّي يا كَرِيمُ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ. اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ المَوْتِ ، وَالعَفْوَ عِنْدَ الحِسابِ ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ التَّجاوُزُ مِنْ عِنْدِكَ يا أَهَلَ التَّقْوى وَيا أَهْلَ المَغْفِرَةِ ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ. اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ بْنَ عبدِكَ بْنُ 18 أَمَتِكَ ضَعِيفٌ فَقِيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ ، وَأَنْتَ مُنْزِلُ الغِنى وَالبَرَكَهِ عَلى العِبادِ قاهِرٌ مُقْتَدِرٌ أَحْصَيْتَ أَعْمالَهُمْ ، وَقَسَّمْتَ أَرْزاقَهُمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً أَلْسِنَتُهُمْ وَأَلْوانُهُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ ، وَلايَعلَمُ العِبادُ عِلْمَكَ ، وَلايَقْدِرُ العِبادُ قَدْرَكَ ، وَكُلُّنُا فَقِيرٌ إِلى رَحْمَتِكَ فَلا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَاجَعَلْنِي مِنْ صالِحِي خَلْقِكَ فِي العَمَلِ وَالاَمَلِ وَالقَضاء وَالقَدَرِ. اللّهُمَّ أَبْقِنِي خَيْرَ البَقاءِ ، وَأَفْنِنِي خَيْرَ الفَناءِ عَلى مُوالاةِ أَولِيائِكَ ، وَمُعاداةِ أَعْدائِكَ ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَالرَهْبَةِ مِنْكَ ، وَالخُشُوعِ وَالوَفاءِ وَالتَّسْلِيمِ لَكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِكِتابِكَ ، وَاتِّباعِ سُنَّةِ رَسُولِكَ. اللّهُمَّ ماكانَ فِي قَلْبِي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيْبَةٍ أَوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ أَوْ فَرَحٍ أَوْ بَذَخٍ 19 أَوْ بَطَرٍ أَوْ خُيَلاَء أَوْ رِياءٍ أَوْ سُمْعَةٍ أَوْ شِقاقٍ أَوْ نِفاقٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فُسُوقٍ أَوْ عِصْيانٍ أَوْ عَظَمَةٍ أَوْ شَيٍْ لا تُحِبُّ فأَسْأَلُكَ يا رَبِّ أَنْ تُبَدِّلَنِي مَكانَهُ إِيماناً بِوَعْدِكَ ، وَوَفاءً بِعَهْدِكَ ، وَرِضاً بِقَضائِكَ ، وَزُهْداً فِي الدُّنْيا ، وَرَغْبَهً فِيما عِنْدَكَ ، وَأَثَرَةً وَطمْأَنِينَةً وَتَوْبَةً نَصُوحاً ، أَسْأَلُكَ ذلِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ. إِلهِي أَنْتَ مِنْ حِلْمِكَ تُعْصى ، وَمِنْ كَرَمِكَ وَجُودِكَ تُطاعُ فَكَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ ، وَأَنا وَمَنْ لَمْ يَعْصِكَ سُكّانُ أَرْضِكَ فَكُنْ عَلَيْنا بِالفَضْلِ جَواداً ، وَبِالخَيْرِ عَوَّاداً ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صلاةً دائِمَّةً لاتُحْصى وَلاتُعَدُّ وَلايَقْدِرُ قَدْرَها غَيْرُكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ 20 21.

 

  • 1. الاقبال 3 / 289 فصل 3 وفيه : (قل هو الله أحد) خمس عشر مرّة ...
  • 2. الاقبال 3 / 293 فصل 7.
  • 3. الاقبال 3 / 290 فصل 3.
  • 4. المحك : المنازعة في الكلام والتمادي في اللجاجة.
  • 5. أي غصب.
  • 6. ازدرى الرجل : أي احتقره واستخفّ به.
  • 7. قطب الرجل : زوى ما بين عينيه وعبس.
  • 8. التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليه‌السلام : 635 ، ذيل آيه 282 من سورة البقرة.
  • 9. المحال : العقوبة.
  • 10. بالحقِّ : خ.
  • 11. وولد ـ خ ـ.
  • 12. مصباح المتهجد : 826 ـ 828.
  • 13. مصباح المتهجّد : 831 مع اضافات.
  • 14. اعلام الورى للطبرسي : 393.
  • 15. رواه الصدوق في فضائل الاشهر الثلاثة : 115 ، ح 109.
  • 16. القران الكريم: سورة الطلاق (65)، الآية: 3، الصفحة: 558.
  • 17. رواه ابن طاووس في الاقبال 1 / 42 فصل 2.
  • 18. وابن عبدك وابن ـ خ ـ.
  • 19. أو بذخ : نسخة.
  • 20. مصباح المتهجّد : 850.
  • 21. المصدر: مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي قدس سره.