تقيمك هو: 1. مجموع الأصوات: 36
نشر قبل 6 سنوات
القراءات: 5963

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

حين تستعيد المرأة دورها الفكري

من الممكن القول أن رؤية الفكر الإسلامي المعاصر لمسألة المرأة، لن تتغير أو تتجدد بالصورة التي تقبل بها المرأة وتنسجم معها، ما لم تساهم المرأة نفسها في تغيير وتجديد هذه الرؤية على الصعيدين المعرفي والعملي.
والسؤال: هل تستطيع المرأة أن تدفع وتسهم في تجديد رؤية الفكر الإسلامي تجاه المرأة؟

يفتح هذا السؤال النظر لمدى الإسهام الفكري والثقافي للمرأة في الميادين والمجالات المتصلة بقضاياها وشؤونها، وفيما إذا كان هذا الإسهام يعد متقدماً ويتحرك بوتيرة متقدمة؟ أو يعد متراجعاً ويتحرك بوتيرة متراجعة؟ أو يعد متأرجحاً بين التقدم والتراجع، ويتحرك تارة بوتيرة متقدمة، وتارة بوتيرة متراجعة؟
والذي يعنينا في هذا الشأن وبشكل أساسي هو رؤية المرأة، وتقييمها لهذا الإسهام الفكري والثقافي.
لا يراد من هذا الطرح بالتأكيد حصر اهتمامات المرأة بقضاياها وشؤونها، وكأنها لا معرفة لها ولا خبرة إلا في هذه القضايا والشؤون، وهذا ما تنتقده المرأة وترفضه، وتعده انتقاصاً بحقها، وإنما باعتبار أن المرأة هي الأقرب إلى هذه القضايا والشؤون، وكونها الأكثر دراية ومعرفة بها، وبوصف أن هذه القضايا والشؤون في إدراك المرأة قد تعرضت للتعسف وسوء الفهم، وظلت تفسر بطريقة تفتقد لشروط العدالة والمساواة، وهي بحاجة إلى مراجعة وتصحيح، وذلك حين غابت أو غيبت المرأة عن النظر والإسهام في هذه القضايا والشؤون.
ويأتي الحديث عن هذا الموضوع، في وقت بدأت فيه المرأة تعلن عن تقدمها في الميادين الفكرية والثقافية، وأخذت ترفع من صوتها، وتطالب بالإصغاء والاستماع لها وهي تتحدث بنفسها عن تلك القضايا والشؤون، وعياً وإدراكاً منها أنها قد تأخرت كثيراً بالإسهام الفكري والثقافي في هذا الشأن، وكيف أنها أخطأت أو تضررت حين تركت للرجل يخوض في قضاياها وشؤونها، ويستحوذ عليها بخلاف رغبتها، الوضع الذي ضاقت منه ذرعاً، وكأنها تريد أن تستعيد حقها في الحديث عن نفسها، تأكيداً لوجودها وحضورها، ورفضاً للواقع الذي فرض عليها غيابها أو تغييبها.
ومنذ إعلان المرأة عن هذا الموقف الذي كشف عن وعي جديد بدأ يتشكل عندها، وعن يقظة في مسلكياتها الفكرية والثقافية، أخذت المرأة تلفت النظر لطبيعة ما طرحته من أفكار وتصورات ووجهات نظر، أكدت على الحاجة إليها، وضرورة الانفتاح والتواصل معها، وبرهنت على قيمة ما يمكن أن تضيفه في هذا المجال، وبالشكل الذي يثري الفكر الإسلامي وتدفع به نحو نقاشات جادة، وتحرضه على استعادة الجدل حول تلك القضايا والشؤون بطريقة جديدة ومختلفة عن السابق.
وبالتأكيد أن الفكر الإسلامي قد تأثر ضعفاً في تكوين رؤيته عن المرأة، بسبب الضعف الذي كانت عليه المرأة في التعبير عن رؤيتها الفكرية والثقافية، وهذا ما ندركه حينما حاولت المرأة التغلب على ذلك الضعف، والاندفاع في التعبير عما تحمله من أفكار وتصورات، بحيث لم يعد بالامكان الحديث عن رؤية الفكر الإسلامي للمرأة بدون العودة إلى خطاب المرأة نفسها، وكيف تنظر هي إلى ذاتها، وإلى تلك القضايا والشؤون المتصلة بها.
ولعل في إدراك المرأة أن الوصول إلى مثل هذه القناعة، أو الاقتراب منها، والالتفات إليها، يمثل لها إنجازاً فكرياً وثقافياً، يفترض أن يتحول إلى مكسب أخلاقي واجتماعي، تستفيد منه في تدعيم مطالبتها بضمان حقوقها، وتحسين نوعية حياتها.
ولا شك أن الفكر الإسلامي قد تأخر كثيراً في الوصول إلى مثل هذه القناعة، التأخر الذي يعزو إلى عصور التراجع الطويلة التي مرت على الثقافة الإسلامية، كما يعزو كذلك إلى الضعف الذي أصاب المرأة، وأدى بها إلى العزلة والانكماش، وأفقدها الفاعلية، وأقعدها عن الكفاح في سبيل حقوقها وقضاياها، الكفاح الذي كان موجوداً لكنه كان مبتوراً ومتقطعاً زمناً وتاريخاً، ولم يكن متجدداً ومتراكماً على الصعيدين الفكري والاجتماعي.
مع ذلك يبقى أن التأخر في الوصول إلى هذه القناعة، أفضل من عدم الوصول إليها1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ ـ الخميس 6 جمادى الآخرة 1428هـ 21 يونيو 2007م، العدد 14908.