كَتَبَ الإمام الحُسين (عليه السلام) إلى بَني هاشم يَقول: (بسم الله الرحمن الرحيم، مِنَ الحُسين بن علي إلى بني هاشم، أمّا بَعد، فإنّه مَنْ لَحِقَ بي مِنكم إستُشهِد, وَمَن تَخَلّفَ عَنّي لَمْ يَبلغ الفَتْح، والسّلام).
ما أكثر الدموع التي تتهاطل من أعيننا في لحظات الخشوع والتذلل لله سبحانه وتعالى، حيث يكون الإنسان مستذكرا لتقصيره ولما اقترفته يداه وهو بين يدي خالقه يدعو ويتضرع.
والدعاء للإمام المهدي في شهر رمضان بالخصوص يرتبط بتلك الحالة الروحية التي تستجلي وتظهر بأروع صورها، والمؤمن يعيش بين حلل الإيمان ومضامين العبادة الواعية وروح الإخلاص ومراقبة نفسه وتصرفاته، وقد انطلق في عملية الإصلاح والتهذيب بادئا بنفسه؛ ليكون عنصرا فاعلا وناشطا في النهضة الإصلاحية الكبرى التي يقودها المخلص العظيم ويقضي على مظاهر الانحلال والفساد والظلم على مستوى المعمورة.
وأشار النبي (ص) إلى مزاياه الفريدة في العديد من المواضع والحوادث، فمن قوله (ص): "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا إنه لا نبي بعدي" إلى قوله (ص): "من كنت مولاه فهذا علي مولاه" يوم غدير خم حيث نصب النبي (ص) الأمير (ع) ولياً وصولاً إلى حديث النبي (ص): (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه كيفما دار)، وغير ذلك كثير أيضاً.
إثبات القضية: ﴿ ... سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾1، في تفسير الطبرسي: (نزلت الآية في إسرائه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان ذلك بمكة ساعة المغرب في المسجد ثم أسرى به في ليلته، ثم، رجع فصلى الصبح في المسجد الحرام، فأما الموضع الذي أسري إليه أين كان؟ كان الإسراء إلى بيت المقدس، وقد نطق به القرآن، ولا يدفعه مسلم، وما قاله بعضهم أن ذلك كان في النوم فظاهر البطلان إذ لا معجز فيه ولا برهان.
هو السبط الأول وسيد شباب أهل الجنة، أمّه السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وجدّه رسول الله. وكان الحسن بن علي أشبه الناس برسول الله في خَلْقه وخُلُقه وسؤدده وهديه، وفضائله كثيرة سنذكر جملة منها.
وكما تحقق المجتمع الإسلامي الأول على يد النبي (ص)، سيتحقق المجتمع الإنساني المؤمن على كل الأرض على يد الإمام المهدي (عج) لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. وليكون مجتمع الإمام المهدي (عج) هو الحجة البالغة لله على كل المجتمعات عبر التاريخ، وأن الإنسانية كانت قادرة على تحقيق مجتمع العدل عبر العصور والأجيال، إلا أن الخوف من المجهول أو الفشل أو الرضوخ لإرادة المستكبرين وقف حاجزاً دون تحقيق ذلك الهدف.
لما كان غرض النبي صلى الله عليه وآله قد تعلَّق بإبهام الاسم الصريح للإمام المهدي عليه السلام، خوفاً عليه من سلاطين الجور وأئمة الضلال، عبَّر عنه بما يحتمل أكثر من معنى؛ لتذهب العقول حيث شاءت؛ حتى لا تتيسَّر معرفته ولا يسهل تمييزه للطالبين لقتله عليه السلام والساعين للإمساك به.
لقد ضاقت الأرض بأهلها، وضاق الناس ذرعاً من ظلم من عليها وجورهم، حتى أصبحت قيمة العدل حلماً لا يصدق الإنسان أنها ستتمثل في يوم من الأيام أمام عينيه، وسيراها متحركة ومحركة للحياة من حوله، وستصمد أمام الظلم والتعسف الذي بلغ ذروته وخساسته ولا يكاد يترك حجراً ولا مدراً إلا آذاه وأمعن في العبث به.
في كل عام وفي مثل هذه الأيام تحتفي مجتمعاتنا بذكرى ميلاد الحجة المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)، وتسعى كل بلدة لتزيين الشوارع والمنازل وغيرها من مظاهر الاحتفاء بهذه الذكرى.
يشنع خصوم الشيعة على الشيعة بأن مهديهم - بحسب دلالة روايات الشيعة - سيحكم بحكم آل داود إذا ظهر، وأنه لن يحكم بشريعة نبينا محمد الناسخة للشرائع السابقة؟!
يتضح في كلمة لأمير المؤمنين «إنّ الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله» أن القيم والمبادئ والأفكار والرؤى هي ما يجب أن يتصدر المشهد في قرارات الإنسان ومواقفه وانتماءاته ورجاله، وأن عكس الأمر بمعنى أن تكون الانتماءات والجهات والرجال هي القاعدة والمنطلق هي طريقة مغلوطة ومصائبها كارثية.
يشكل كتاب نهج البلاغة أحد أبرز ملامح الشخصية الإبداعيّة والعبقريّة للإمام علي عليه السلام، وباعتقادي فإن هذا الكتاب هو أثمن جهد علمي وثقافي بشري على مرّ الزمان. فلا أظن أنّ كتاباً قد حوى بين دفّتيه كل هذه المعارف في ميادين ومجالات واسعة وشاملة قد وصل إلينا أو جادت به قريحة إنسان ليس بنبي.
ولهذا، فإن الاقتدار النبوي على تحويل حركة الواقع السلبي في زمانه إلى حركة وعي في ضمير الفرد والأمة لإبراز القابليات الإنسانية والدفع بها لبناء الحياة على ضوء النموذج الإسلامي الإلهي يعتبر الإنجاز الأعظم الكاشف عن الخبرة الرفيعة والراقية في إدارة شؤون المجتمع الناتج عن الفهم الواعي والدقيق لأوضاع الناس، ولقيادتهم ورعايتهم والسير بهم نحو كمالهم.
وعن الصادق (عليه السلام) أيضا ً قال: نحن شجرة النبوّة، و بيت الرحمة، و مفاتيح الحکمة، و معدن العلم، و موضع الرسالة، و مختلف الملائکة، و موضع سر الله، ونحن وديعة الله في عباده، ونحن حرم الله الأکبر، ونحن ذمة الله، ونحن عهدالله، فمن و في بعهدنا فقد وفي بعهدالله، و من خفرها فقد خفر ذمّة الله».
وفي حدود المتابعة، بغية التفتيش عن جذورٍ تاريخيّة لهذه الظاهرة، يلاحظ أنّ هناك تهمةً بالقرآنيّة وجّهت إلى بعض المعتزلة وبعض الخوارج وبعض الشيعة، مثل ما جاء ـ دون تسمية ـ في كتاب الأمّ للشافعي، عند حديثه عن ردّ مقالة الفرقة التي ردّت الأخبار كلّها، ممّا يوحي بوجود حالة إنكار للحديث والسنّة...... أمّا شعار (حسبنا كتاب الله) فلا يرى فيه كثيرون أنّه يراد منه ترك السنّة، بقدر ما يعبّر عن حالة خاصّة وواقعة جزئيّة، وإلا فإنّ من أطلق هذه الكلمة قد أخذ بالسنّة في حياته مراراً، كما تفيد الشواهد التاريخيّة والحديثيّة.