وهو أوّل بيان للحسين (عليه السّلام) للثورة على يزيد بن معاوية ، وذلك عندما طلب منه والي يزيد على المدينة ـ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ مبايعة يزيد بالخلافة بعد هلاك معاوية ، فقال له الحسين (عليه السّلام) : «أيّها الأمير ، إنّا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا ختم. ويزيد رجل فاسق ، شارب للخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن للفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ...
كثيرة هي المعارك والثورات والنهضات، التي اندثر تأثيرها مع الزمن، إلا معركة وثورة ونهضة الإمام الحسين ، حيث أن الزمن يزيد من إشراقها وضيائها.. ففي كل عام يجدد المؤمنون إحياء هذه النهضة، ويستلهم الملايين منها الدروس والعبر.. والذي يتابع حرارة إحياء هذه المناسبة العظيمة، يدرك بعمق أن الزمن وتداعياته، لم يمنع الناس من إحياء هذه المناسبة.
من أهداف رسالات السماء ومصلحي البشر اثارة دفائن العقول، وشحذ وتحريك الارادة والعاطفة، واستخراجها من باطن الانسان الى واقعه، وهذا ما فعلته ملحمة كربلاء تماماً، فقد كانت هي الطليعة والقدوة لجهد الانسان في تفجير مخزونه الارادي والعقلي والعاطفي.
اهتم أئمة أهل البيت الأطهار عليهم السلام اهتماماً كبيراً بإقامة المآتم الحسينية، وإحياء واقعة عاشوراء في كل سنة، فهم أول من أقاموا العزاء والمآتم على مصيبة سيد الشهداء عليه السلام؛ كما ورد عنهم روايات متواترة في الترغيب والتحريض والحث على إقامة العزاء والندب على مصيبة أبي عبدالله الحسين عليه السلام.
قوّة أشبه بأن تكون لا إرادية تشدّك للمشاركة والحضور لإحياء عاشوراء الحسين ، فلا تكاد تستطيع أن تتجاهل هذا الموسم العظيم، أو أن يكون أمراً ثانوياً في برنامجك اليومي. وأعتقد يقيناً أن كلَّ من يؤمن بالإمام الحسين وثورته العظيمة يجد نفسه ملزماً، وبلا اختيارٍ منه، أن يشارك الجماهير المؤمنة في إحياء هذه الذكرى الأليمة.
حينما نجلس في مأتم أو في محفل من محافل ذكر الامام الحسين (ع) وثورته الخالدة .. التي هي خلاصة لثورات الانبياء عليهم الصلاة والسلام وامتداد لرسالات الله. فإننا نفعل ذلك لتصفية أنفسنا وتزكية ذواتنا. ان هذه الدموع التي تجري على مصاب الشهيد السبط تغسل قلب الانسان، وتقلع الصفات السيئة من نفسيته...
لواقعة كربلاء العظيمة وجهان أساسان يشكلان صورتها الواحدة. الوجه الأول: هو الرسالة التي تحملها، وهي تعزيز القيم، وتثبيت المبادئ التي نادى بها الحسين وأصحابه، والتزموا بها، واستشهدوا من أجل الدفاع عنها. الوجه الآخر: هو المأساة الدامية، والمصيبة المفجعة، التي نالت أهل بيت الرسالة في كربلاء.
ورد في السيرة النبوية أنّه بعد ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) جاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت ابنته سيدة نساء العالمين (عليها السلام) ونظر إلى المولود الجديد، ثمّ أخذه بين يديه وقبَّله في نحره، فاسترعى هذا التصرّف انتباه الأم الفرحة، وما كان منها إلّا أن سألت أباها عن مغزى ذلك الفعل، فيأتيها الجواب الذي لا ينطق عن الهوى بأنّ "الحسين (عليه السلام)" يُقتَل عطشاناً مظلوماً مذبوحاً على يد الفئة الباغية.
ان الكلمات القرآنية التي هي محور التشريع الاسلامي ومنار البصيرة الرسالية ومصنع الايمان الصافي يجب أن تفسر وفق السياق القرآني ذاته وما نستنبطه منه، ومن أبرز الكلمات التي تعتبر مفتاحاً لفهم القرآن ومدخلًا لطريق فهم الحياة هي الكلمات التي تؤكد عليها آيات القرآن الحكيم وتجعلها محوراً لسائر الافكار والتشريعات.
حقيقة النهضة الحسينية أضحت الوجه الباطني للإسلام، وكما أن النبوة تجسدت في الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله فإن الولاية التي هي باطنها تجسدت في سيد الشهداء عليه السلام ولقد أعطى هذا الحديث النبوي الشريف تصويراً فريداً لهذه الحقيقة بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "حسين مني وأنا من حسين".
فيما يأتي من هذا المقال، نحاول أولاًـ إن شاء الله ـ أن نُلقي نظرة إلى سند هذه الزيارة لإثبات اعتبار هذه الزيارة من ناحية السند. ونحاول ثانياً أن نثبت صحة هذه الزيارة بالقرائن الموجودة في أسانيدها الخمسة عند الشيخين ابن قولويه وأبي جعفر الطوسي، حتى مع افتراض عدم اعتبار سند هذه الزيارة.
شكلت ثورة الإمام الحسين انعطافة كبيرة في تاريخ ومسيرة الأمة، ونهضة في العقول والأفكار، وصدمة في النفوس والقلوب، ولذلك لم يقتصر أثرها على اللحظة التاريخية التي وقعت فيها؛ بل امتد تأثيرها إلى كل العصور والأزمان, يستلهم منها الأحرار في العالم مفاهيم العدالة والحرية والحق والخير.
قد كثرت التساؤلات في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد الانفتاح العلمي والتواصل الفكري عبر المواقع الإلكترونية؛ وما ذلك إلّا لأنّ أذهان بعض مَن تطلَّع إلى هذا اللفظ تصور أنّه تعبير أدبي بُولِغ فيه للتعبير عن حصول الثواب لمَن يقيم المآتم على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
مِن عُلمائنا مَنْ لا يفرِّق بين (الشَّعائر) و(المراسيم) فالمضمون واحد، فكلُّ ما يشكِّل إحياءً لذكرى عاشوراء، ويملك الشَّرعيَّة فهو (شعائر عاشورائيَّة) وهو (مراسيم عاشورائيَّة). والرَّأي الآخر: يُفرِّق بين مصطلح (الشَّعائر العاشورائيَّة) ومصطلح (المراسيم العاشورائيَّة).
في تاريخ المجتمعات البشرية هناك أحداث متميّزة بعمق تأثيراتها، وسعة انعكاساتها على رقعة الزمان والمكان، وفي تاريخنا الإسلامي تبرز نهضة الإمام الحسين ، وشهادته في كربلاء، سنة 61هـ، كحدث فريد متميّز، لا يزال الاحتفاء به والتفاعل معه يتجدّد في محيط بشري واسع كلّ عام، بأعلى درجات التفاعل، رغم مرور أربعة عشر قرنًا على وقوعه، ويتجلّى التفاعل الأبرز في أيام ذكرى هذا الحدث، في العشرة الأولى من شهر محرم الحرام، مطلع كلّ عام هجري.
ثمة دروس أساسية تطلقها ثورة الإمام الحسين عبر الأجيال والتاريخ. ولعل من أهم هذه الدروس، هو ضرورة العمل على صيانة الكرامة الإنسانية، ورفض كل محاولات امتهانها ومسخها. فعاشوراء الحسين ، تربطنا ارتباطا جوهريا بقيمة الكرامة. وتعلمنا أن الإنسان أو المجتمع الذي تمتهن كرامته وتهدر حقوقه الإنسانية، عليه العمل والسعي لإزالة الذل وصيانة الكرامة الإنسانية والمحافظة على حقوق الإنسان.
ثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) هي من أهم الثورات التي شغلت فكر الإنسانية ، وأخذت مجالا كبيراً من التاريخ الإسلامي لأنّها حدث غير عادي ومهم جدّاً. فكان لا بدّ للمؤرّخ مهما كانت ميوله ومعتقداته أن يشير إليها بإيجاز أو بإسهاب ، وذلك ـ طبعاً ـ من وجهة نظره الخاصة ، وحسب سعة اطلاعه الفكري وضيقه.