الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

هل الصحبة دليل على الافضلية ؟

نص الشبهة: 

السنن الكونيّة والشرعيّة تشهد بأنّ أصحاب الأنبياء هم أفضل أهل دينهم، فإنّه لو سئل أهل كلّ دين عن خير أهل ملّتهم لقالوا أصحاب الرسل، فلو سُئِلَ أهل التوراة عن خير ملّتهم لقالوا أصحاب موسى، ولو سُئل أهل الإنجيل عن خير أهل ملّتهم لقالوا أصحاب عيسى ...

الجواب: 

اعتاد جامع الأسئلة على التكرار المملّ في طرح أكاذيبه التي لا تنتهي، ويحاول إلباسها بلباس الإشكال، وممّا يزيد في صعوبة موقفه انعدام المصدر الذي ينقل عنه، فراح يعوّض عنه بالكذب.
فالادّعاء سهل، ولكن إقامة الدليل أمرٌ صعب.
يقول: لو سئل أهل التوراة عن خير ملّتهم لقالوا أصحاب موسى، وهذا كلامٌ عجيب، حيث إنّه يسأل أهل التوراة ويحتج به علينا، ولكنّه لم يسأل القرآن ماذا يقول في أصحاب موسى (عليه السلام)؟ ألم يرتدّوا في غياب موسى؟ ألم يعبدوا العِجل بدلاً عن عبادة الله تعالى؟!
لقد اصطحب موسى (عليه السلام) معه أفضل بني إسرائيل للميقات، ولكن بسبب كثرة عنادهم ولجاجهم سمّاهم بالسفهاء وقال: ﴿ ... أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ... 1، والقرآن قال في شأن الطبقة الأُولى من أصحاب موسى (عليه السلام): ﴿ ... وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ... 2.
والعجيب هنا أنّ نفس هذه الطبقة الأُولى من أصحاب موسى (عليه السلام) تتعرّض للتوبيخ من قِبل الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ 3.
ويقول : لو سُئِل أهل الإنجيل عن خير أهل ملّتهم لقالوا أصحاب عيسى (عليه السلام)، والعجيب أنّ أصحاب الإنجيل، يقرأون في الإنجيل أنّ واحداً من حواريّي عيسى (عليه السلام) واسمه (يهودا الاسخريوطي) هو الذي أخبر عن مكان عيسى ممّا جعل أعداءه يُلقون القبض عليه ويتآمرون على قتله.
أضف إلى ذلك فإن منطق القرآن يخالف ما ذكره جامع الأسئلة فهو يبشر ببروز شخصيات لامعة ـ بمرور الزمان ـ أفضل من الملتفين حول رسول الله، قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ 4.
ونحن نطلب من جامع الأسئلة أن يقرأ ما ورد في تفاسير أهل السنّة حول هذه الآية المباركة، حتّى يتبيّن له أنّ المتأخّرين من المسلمين أفضل من المجموعة الأُولى من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
وسيرى أنّ الآية المباركة تصرّح باحتمال ارتداد فريق من المؤمنين، وهناك آيات أُخرى أيضاً تشهد على حصول الارتداد في صفوفهم، قال تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ 5.
هذا بالنسبة إلى الشق الأوّل من السؤال، وأمّا الشق الثاني منه فهو افتراء واضح لأنّ الشيعة تجل أصحاب النبي وتعتبرهمّ روّاد الدين الإسلامي وهي تتبع في ذلك منهج الأئمة (عليهم السلام) ويكفيك أن تراجع دعاء الإمام السجاد (عليه السلام) وغيره في هذا الصدد 6.