الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الصدوق و الشهادة الثالثة في الاذان

نص الشبهة: 

ماهو رأي الشيخ الصدوق (رحمه الله) حول الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الأذان؟

الجواب: 

لقد طلب السائل منا أن نلقي الضوء على رأي الصدوق (رحمه الله) حول الشهادة الثالثة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في الأذان ونحن إجابة لطلبه نقول : بالنسبة لما يقوله الشيخ الصدوق (رحمه الله) حول ذلك نقول : لقد قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): «المفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان «ومحمد وآل محمد خير البرية» مرتين.
وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمداً رسول الله: «أشهد أن علياً ولي الله» مرتين.
ومنهم من روى بدل ذلك: «أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً» مرتين.
ولا شك أن علياً ولي الله، وأنه أمير المؤمنين حقاً، وأن محمداً وآله خير البرية. ولكن ذلك ليس في أصل الأذان.
وإنما ذكرت ذلك ليوف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض، المدلسون أنفسهم في جملتنا» 1. إنتهى كلام الصدوق (رحمه الله)..
وكلامه (رحمه الله) ظاهر الدلالة على أنه يتهم المفوضة بأنهم قد وضعوا أخباراً مفادها :
أن هذه الجملات الثلاث: «أشهد أن علياً ولي الله» و «محمد وآل محمد خير البرية» و «أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً» هي من فصول الأذان الحقيقية..
ونقول:
أولاً: إن الصدوق (رحمه الله) لا يعترض على من يقول: إن هذه الفقرات ليست من فصول الأذان، بل يؤتى بها على سبيل القربة المطلقة، أو أنها من المستحب في ضمن عمل آخر، كما هو حال فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم، فهم لا يعتبرونها جزء من الأذان. بل حاله حال الصلاة على النبي وآله بعد قوله: «أشهد أن محمداً رسول الله» حيث إن الروايات قد دلت على استحباب الصلاة على النبي [صلى الله عليه وآله] بعد «أشهد أن محمداً رسول الله» في الأذان وفي غيره 2..
والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)  ليست من فصول الأذان قطعاً كما هو معلوم وعلى هذا الأساس، فإن الصدوق يعترض على رواية أحاديث في جزئيتها. ويعتبر تلك الأحاديث موضوعة. ولا يعترض على من يذكر الشهادة بالأذان لا بنية كونها جزءاً منه كما يفتي به فقهاؤنا العظام.
ثانياً : لنفترض جدلاً أن الصدوق (رحمه الله) يعترض على ذكرها في الأذان حتى من دون قصد الجزئية، فإننا نقول إنه ليس بالضرورة أن يكون الصدوق قد أصاب حين حكم على تلك الأخبار بأنها موضوعة. فلعلها أخبار صحيحة وقد صدرت عن المعصوم بالفعل.. وقد اشتبه الأمر على الشيخ الصدوق (رحمه الله).
ثالثاً : إنه قد يكون (رحمه الله) لم يلتفت إلى أن تلك الأخبار إنما تريد الإعلام بجواز أن تقال في الأذان، وإن لم تكن في فصوله، تماماً كالأخبار التي تحدثت عن جواز الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) في الأذان بعد قول : «أشهد أن محمداً رسول الله»..
رابعاً : إن مما لا ريب فيه أن بعض الأحكام لم يكن بيانه ميسوراً في بعض تلك الحقب الزمنية، لأكثر من علة وسبب. فلم يتمكن رسول الله [صلى الله عليه وآله] ولا أمير المؤمنين (عليه السلام) وكذلك بعض الأئمة (عليهم السلام) من بيانها. فبقيت محفوظة لدى الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، حتى واتاهم الظرف لذلك، فبينوها، وأظهروها.
خامساً : لقد دلت الأدلة على أن الله قد فوض للأئمة (عليهم السلام) جعل وإنشاء بعض الأحكام. وذلك حينما تكتمل العناصر الموجبة لذلك. وفقاً للضوابط المعطاة لهم (صلوات الله عليهم). وقد فوض الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) ذلك فسنّ الركعتين الأخيرتين في صلاة الظهر والعصر والعشاء، ولأجل ذلك يعبر عن هاتين الركعتين بركعتي السنة. وعن الركعتين الأوليين بركعتي الفريضة. فلا مانع من أن تكون الشهادة الثالثة من هذا القبيل خصوصاً مع ما نعلمه من قسوة الحكام ضد أهل البيت (عليهم السلام) وضد شيعة علي (عليه السلام) الأبرار، فهل يمكن أن يسمحوا لهم بأن يشهدوا له بالولاية في الأذان أو في غيره؟! فإذا وردت أحاديث عن الأئمة (عليهم السلام) ولو في وقت متأخر، فإنها تبرر فتوى بعض الفقهاء قدس الله أسرارهم بجزئيتها أيضاً. ولا معنى لإنكار الشيخ الصدوق عليهم، إذا لم يلتفت إلى هذه الخصوصية..
ومهما يكن من أمر..
فإننا نعود فنكرر القول : إن الشيخ الصدوق (رحمه الله) قد أنكر تلك الروايات التي تتحدث عن جزئية هذه الفقرات للأذان، ولا يريد أن يمنع من قولها فيه أصلاً ولو بغير عنوان الجزئية كما هو فتوى معظم فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم..
وعلى كل حال، فإن لهذا البحث مجالاً آخر.. وقد يجد السائل بعض اللمحات في كتابنا «خلفيات مأساة الزهراء ج2 ص438 444 ط سنة 1422 هـ»..
والحمد لله رب العالمين 3.

  • 1. من لا يحضره الفقيه ج1 ص188 ووسائل الشيعة ج5 ص422 ط مؤسسة آل البيت.
  • 2. وسائل الشيعة ط مؤسسة آل البيت ج5 ص451 والكافي ج3 ص303 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص18.
  • 3. مختصر مفيد.. (أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الأولى» المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، ص 103 ـ 106.