الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

صلاح الدين حرر الاقصى فماذا فعل الشيعة ؟!

نص الشبهة: 

تم تحرير المسجد الأقصى في زمن عمر « رضي الله عنه » ، ثم في زمن القائد السني صلاح الدين الأيوبي رحمه الله . فما هي انجازات الشيعة على مدار التاريخ ؟! وهل فتحوا شبراً من الأرض ، أو نكأوا عدواً للإسلام والمسلمين ؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : لم يفسح الطواغيت والجبابرة من الحكام المجال لأهل البيت « عليهم السلام » وشيعتهم ليتصدوا لتحرير المسجد والقدس كلها ، بل لاحقوهم بالقتل والتنكيل تحت كل حجر ومدر ، وفي كل سهل وجبل ، فمطالبة الشيعة بأمور من هذا القبيل ، وملاحقتهم بهذه الصورة ليس من الإنصاف في شيء .
ثانياً : لو كان حجم الإنجازات في الفتوحات هو المعيار في الفضل ، لكان عمر وعثمان ، وأبو بكر ، وبنو أمية ، وصلاح الدين أفضل من رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، لأنهم فتحوا أضعاف ما فتحه « صلى الله عليه وآله » ، وبلغوا ما لم يبلغه أحد من الأنبياء قبلهم ، إلا ما كان من ذي القرنين ، إذا تأكدت نبوته . . وإلا ما كان من سليمان بن داود « عليهما وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام » إن كان قد اتسع ملكه إلى حدود غير معروفة .
ثالثاً : إن جميع المسلمين عجزوا عن مواجهة إسرائيل بكل عروشهم وجيوشهم ، ولكن ثلة قليلة من عباد الله الصالحين في جنوب لبنان هزموها ، ومرغوا أنفها بالتراب ، وترى كثيراً من الحكام يفضلون نصرة إسرائيل على هذه الثلة . وقد تواطأ حكام العرب مع أعداء الخلافة العثمانية حتى أسقطوها ، وساعدوا على تقسيم بلاد المسلمين .
رابعاً : يكفي أن نذكر : أن ما حققه الإسلام في عهد رسول الله « صلى الله عليه وآله » قد تم على يد علي « عليه السلام » ، وكان غيره في مختلف الوقائع في موقع الهارب والمهزوم . .
ويكفي أن نذكر هنا : واقعة خيبر التي حصل فيها علي « عليه السلام » على أعظم وسام ، وهو وسام محبة الله ورسوله « صلى الله عليه وآله » له . . وواقعة الخندق ، حيث إن ضربته « عليه السلام » تعدل عبادة الثقلين : الجن والإنس إلى يوم القيامة . بالإضافة إلى حروبه للناكثين ، والقاسطين ، والمارقين كما وعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » .
كما أن فتح بلاد فارس وغيرها قد كان بهمة أصحاب علي « عليه السلام » وقياداتهم الحكيمة ، مثل : هاشم المرقال ، والأشتر ، وحذيفة وغيرهم ، ولكن الكيد السياسي قد منح المجد والصيت لغيرهم .
ويكفي أن نذكر قول الإمام علي « عليه السلام » : « إذا أقبلت الدنيا على شخص أعارته محاسن غيره . . وإذا أدبرت سلبته محاسن نفسه » 1 .
خامساً : إن صلاح الدين ، وإن فتح القدس ، ولكنه أبقى للروم طريقاً إليها ، ووطَّأ الأمور لهم لاستعادتها .
والحقيقة هي : أن الذين حاربوا الصلبيين هم الشيعة ، خصوصا الحمدانيون ، وعلى رأسهم سيف الدولة ، وأبو فراس الحمداني . . وفتح عمر بيت المقدس قبل ذلك ، لكن محبيه ـ بسبب حكامهم الذين أوجبوا طاعتهم ـ عادوا فضيعوا القدس ، وبيت المقدس والمسجد من جديد ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . .
ولو أردنا استعراض جهاد الشيعة ضد الاستكبار والاستعمار عبر العصور لطال بنا المقام . . فنكتفي هنا بما ذكرناه . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 2 .

  • 1. نهج البلاغة (بشرح عبده) ج 4 ص 4 وبحار الأنوار ج 72 ص 357 ودستور معالم الحكم لابن سلامة ص 25 وينابيع المودة ج 2 ص 233 .
  • 2. ميزان الحق (شبهات . . و ردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، سنة 1431 هـ ـ 2010 م ، الجزء الأول ، السؤال رقم (35) .