نشر قبل 6 سنوات
تقيمك هو: 5. مجموع الأصوات: 25
القراءات: 8008

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

عقوق الوالدين و الشفاعة

نص الشبهة: 

بسم الله الرحمن الرحيم في أحد المجالس الحسينية تعرضت لموضوع عقوق الوالدين، وطرحت بعض الروايات التي شددت على العقاب الذي يستحقه العاق لوالديه، ومن ضمن الروايات رواية تقول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) قال: «من أصبح مسخطاً لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار»، وبعد المجلس اعترضني أحد الأشخاص يقول أنا سوف أعق والديّ ولن أدخل النار لأني شيعي. سؤالي للعلماء الأفاضل المتواجدين في هذا الصرح العلمي العظيم: ما هو الرد المناسب على هذا الشخص مستندين في الإجابة على الروايات المعتمدة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؟!.

الجواب: 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين..
وبعد..
فإن هذا الشخص قد أخطأ في فهم أمر شفاعتهم (عليه السلام)، حيث تخيل أن الشفاعة تنال كل شيعي.. ولم يلتفت إلى ما يلي:
أولاً: إنهم (عليه السلام) قد حددوا أوصاف شيعتهم في عشرات الأحاديث المأثورة عنهم (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)..
وللشيخ الصدوق كتاب باسم صفات الشيعة، وللمجلسي في البحار ج65 ص149 ـ 199 فصل طويل بهذا الاسم أيضاً ذكر فيه طائفة كبيرة من الأحاديث التي حددت شيعتهم، وبينت أوصافهم..
فهل من يقول عناداً للروايات الواردة عن أهل البيت وتكذيباً لها: أنا سأعق والدي, ولن أدخل النار لأنني شيعي، أَهْلٌ لأن يكون شيعياً حقاً؟ علماً أنه قد جاء في بعض الروايات أن من شيعتنا من لا تناله شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمئة الف عام.
ثانياً: إن الشفاعة مشروطة بعدم التحدي والمبارزة للعزة الإلهية، وعدم الطغيان على الله، لأن الإنسان قد يرتكب المعاصي، حتى الكبائر كالزنى وشرب الخمر، وحتى القتل بدافع الشهوة، أو الغضب، أو الطيش، أو ما شابه وليس وراء ذلك أي داع آخر، فهذا النوع من الناس قد تناله الشفاعة إذا لم يكن ثمة مانع آخر، كالكفر مثلاً.
وأما إذا كان الداعي للمعاصي هو هتك حرمة المولى عز وجل والإمعان في التمرد عليه أو إظهار الاستخفاف به، أو شدة الطغيان عليه. ويكون هذا العصيان هو وسيلة هذا العاصي لإظهار ذلك.. فإن هذا النوع من الناس لا تناله الشفاعة..
ولأجل ذلك روي عنهم (عليه السلام): لا تنال شفاعتنا مستخفاً بالصلاة وعن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) كما في دعاء أبي حمزة قوله: إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد، ولا بأمرك مستخف، ولا لعقوبتك متعرض، ولا بوعيدك متهاون، ولكن خطيئة عرضت، وسولت لي نفسي، وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى علي.
أخي الكريم:
إنني اختصر لك الأمر بكلمتين:
أولاً: إن ردَّ هذا الرجل على الروايات بهذه الطريقة يعتبر رداً على أهل البيت (عليه السلام)، والراد عليهم راد على الله..
فلا يمكن أن يكون هذا الرجل شيعياً، لأن الشيعي لا يرد على أهل البيت (عليه السلام)..
ثانياً: إنه حتى لو كان شيعياً فإنه ليس مستجمعاً لشرائط الشفاعة له، لأن الشفاعة مشروطة بعدم الطغيان، وبعدم التمرد، وبعدم المحاددة لله ولرسوله: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ... 1.
ثالثاً: إنه لا بد من تحديد المراد من الشيعي وفقاً للروايات الواردة عنهم (عليه السلام)، ومن يستهين بالروايات بهذه الطريقة لا بد أن يرجع إلى تلك الصفات لينظر: هل تنطبق عليه أوصاف الشيعي؟!
هذا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. 2

  • 1. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 63، الصفحة: 197.
  • 2. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثانية»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 2002، السؤال (102).