مجموع الأصوات: 10
نشر قبل 6 أشهر
القراءات: 722

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

بيان الخلاف في نزاهة الانبياء عن الذنوب

اختلف الناس في الانبياء عليهم السلام. فقالت الشيعة الامامية ، لا يجوز عليهم شئ من المعاصي والذنوب كبيرا كان أو صغيرا ، لا قبل النبوة ولا بعدها ، ويقولون في الائمة مثل ذلك ، وجوز اصحاب الحديث والحشوية على الانبياء الكبائر قبل النبوة ، ومنهم من جوزها في حال النبوة سوى الكذب فيما يتعلق باداء الشريعة ، ومنهم من جوزها كذلك في حال النبوة بشرط الاستسرار دون الاعلان ، ومنهم من جوزها على الاحوال كلها ، ومنعت المعتزلة. من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الانبياء عليهم السلام قبل النبوة وفي حالها ، وجوزت في الحالين وقوع ما لا يستخف من الصغاير ، ثم اختلفوا فمنهم من جوز على النبي صلى الله عليه وسلم الاقدام على المعصية الصغيرة على سبيل العمد ، ومنهم من منع من ذلك وقال انهم لا يقدمون على الذنوب التي يعلمونها ذنوبا ، بل على سبيل التأويل. وحكي عن النظام ، وجعفر بن مبشر ، وجماعة ممن تبعهما ، ان ذنوبهم لا تكون إلا على سبيل السهو والغفلة ، وانهم مؤاخذون بذلك ، وان كان موضوعا من أممهم لقوة معرفتهم وعلو مرتبتهم. وجوزوا كلهم ومن قدمنا ذكره من الحشوية وأصحاب الحديث على الائمة الكبائر والصغائر ، إلا انهم يقولون ان بوقوع الكبيرة من الامام تفسد إمامته ويجب عزله والاستبدال به. واعلم ان الخلاف بيننا وبين المعتزلة. في تجويزهم الصغاير على الانبياء صلوات الله عليهم يكاد يسقط عند التحقيق لانهم انما يجوزون من الذنوب ما لا يستقر له استحقاق عقاب ، وإنما يكون حظه نقص الثواب على اختلافهم أيضا في ذلك ، لان أبا علي الجبائي يقول : ان الصغيرة يسقط عقابها بغير موازنة ، فكأنهم معترفون بأنه لا يقع منهم ما يستحقون به الذم والعقاب. وهذه موافقة للشيعة في المعنى ، لان الشيعة إنما تنفي عن الانبياء عليهم السلام جميع المعاصي من حيث كان كل شئ منها يستحق به فاعله الذم والعقاب ، لان الاحباط باطل عندهم ، وإذا بطل الاحباط فلا معصية إلا ويستحق فاعلها الذم والعقاب ، وإذا كان استحقاق الذم والعقاب منفيا عن الانبياء عليهم السلام وجب ان تنتفي عنهم ساير الذنوب ، ويصير الخلاف بين الشيعة والمعتزلة متعلقا بالاحباط ، فإذا بطل الاحباط فلابد من الاتفاق على ان شيئا من المعاصي لا يقع من الانبياء (ع) من حيث يلزمهم استحقاق الذم والعقاب ، لكنه يجوز ان نتكلم في هذه المسألة على سبيل التقدير ونفرض ان الامر في الصغائر والكبائر على ما تقوله المعتزلة ، ومتى فرضنا ذلك لم نجوز ايضا عليهم الصغائر لما سنذكره ونبينه انشاء الله تعالى 1.

 

 

  • 1. المصدر: كتاب تنزيه الأنبياء عليهم السلام للسيد مرتضى علم الهدى قدس سره.