الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تحيات النبي الى الامام الباقر عليه السلام

يجمع المؤرخون والرواة على أن النبي (ص) حمّل الصحابي العظيم جابر بن عبد الله الانصاري تحياته ، الى سبطه الامام الباقر ، وكان جابر ينتظر ولادته بفارغ الصبر ليؤدي إليه رسالة جده ، فلما ولد الامام وصار صبيا يافعا التقى به جابر فأدى إليه تحيات النبي (ص) وقد روى المؤرخون ذلك بصور متعددة وهذه بعضها :
١ ـ ما رواه آبان بن تغلب عن أبي عبد الله (ع) قال : ان جابر ابن عبد الله الانصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله (ص) وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت ، وكان يقعد في مجلس رسول (ص) وهو معتجر 1 بعمامة سوداء ، وكان ينادي : يا باقر العلم ، يا باقر العلم ، فكان أهل المدينة يقولون : جابر يهجر ، فكان يقول : والله ما أهجر ، ولكني سمعت رسول الله (ص) يقول : إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي ، وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا ، فذاك الذي دعاني الى ما أقول : قال : فبينما جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمد بن علي فلما نظر إليه قال : يا غلام اقبل فأقبل ، ثم قال له : ادبر فادبر ، ثم قال : شمائل رسول الله (ص) والذي نفسي بيده ، يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي محمد بن علي بن الحسين فجعل يقبل رأسه ، ويقول : بأبي أنت وأمي أبوك رسول الله (ص) يقرؤك السلام ... قال : فرجع محمد بن علي الى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر ، فقال له : يا بني قد فعلها جابر قال : نعم قال : ألزم بيتك يا بني .. » 2.
أما محتويات هذه الرواية فهي.
أ ـ أن شمائل الامام الباقر (ع) وملامحه كانت تضارع شمائل النبي (ص).
ب ـ ان النبي (ص) هو الذي سمى سبطه بمحمد ، واضفى عليه لقب الباقر ، وأنه يبقر العلم بقرا.
ج ـ ان الامام زين العابدين (ع) قد خاف على ولده مما أخبر به جابر عن النبي (ص) في شأنه ، ويعود السبب في ذلك الى أن الحكومة الاموية قد فرضت الرقابة الشديدة على الامام زين العابدين فكانت تحصي عليه انفاسه ، وتتعرف على من يخلفه ويقوم مقامه من بعده لتنكل به فخشى (ع) على ولده من أن يناله الامويون بسوء أو مكروه.
٢ ـ ما رواه ابن عساكر ان الامام زين العابدين (ع) ومعه ولده الباقر دخل على جابر بن عبد الله الانصاري ، فقال له جابر : من معك يا ابن رسول الله؟ قال : معي ابني محمد فاخذه جابر وضمه إليه وبكى ثم قال : اقترب اجلي ، يا محمد ، رسول الله (ص) يقرؤك السلام فسئل وما ذاك؟ فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : للحسين بن علي يولد لابنى هذا ابن يقال له علي بن الحسين ، وهو سيد العابدين إذا كان يوم القيامة ينادي مناد ليقم سيد العابدين فيقوم علي بن الحسين ، ويولد لعلي بن الحسين ابن يقال له محمد اذا رأيته يا جابر فاقرأه منى السلام ، يا جابر اعلم أن المهدي من ولده ، واعلم يا جابر ان بقاءك بعده قليل .. » 3
٣ ـ ما رواه تاج الدين بن محمد نقيب حلب بسنده عن الامام الباقر عليه‌السلام قال : دخلت على جابر بن عبد الله فسلمت عليه. فقال لي من أنت؟ وذلك بعد ما كف بصره ، فقلت له : محمد بن علي بن الحسين ، فقال : بأبي أنت وأمي ادن مني فدنوت منه فقبل يدي ثم اهوى الى رجلي فاجتذبتها منه ، ثم قال : إن رسول الله (ص) يقرؤك السلام ، فقلت وعلى رسول الله (ص) السلام ورحمة الله وبركاته ، وكيف ذلك يا جابر؟ قال : كنت معه ذات يوم فقال : لي يا جابر لعلك تبقى حتى تلقى رجلا من ولدي يقال له محمد بن علي بن الحسين يهب له الله النور والحكمة فاقرأه مني السلام ... »4.
٤ ـ ما ذكره صلاح الدين الصفدي قال : « كان جابر يمشي بالمدينة ويقول يا باقر متى القاك؟ فمر يوما في بعض سكك المدينة فناولته جارية صبيا في حجرها فقال لها : من هذا؟ فقالت : محمد بن علي بن الحسين فضمه الى صدره ، وقبل رأسه ويديه ، وقال : يا بني جدك رسول الله (ص) يقرؤك السلام ثم قال : يا باقر نعيت الى نفسي فمات في تلك الليلة. » 5
٥ ـ ما ذكره بعض الاسماعيلية أن النبي (ص) قال : لجابر إنك ستلحق ولد ولدي هذا وأشار الى الحسين فاذا أدركته فاقرأه عنى السلام ، وقل : له يا باقر العلم ابقره. ففعل ذلك .. » 6.
٦ ـ ما رواه الحافظ نور الدين الهيثمي عن أبي جعفر (ع) قال أتاني جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب فقال : اكشف عن بطنك فكشفت عن بطني فقبله ثم قال : ان رسول الله (ص) أمرني أن اقرأ عليك السلام. » 7
هذه بعض الروايات وهي قد اتفقت على أن النبي (ص) حمل جابر ابن عبد الله الانصاري تحياته الى الامام الباقر (ع) وقد استشف (ص) من وراء الغيب ما يقوم به سبطه من نشر العلم واذاعته بين الناس وانه من جملة اوصيائه الذين يفجرون الحكمة والنور في الارض 8.

 

 

  • 1. معتجر : وهو وضع العمامة على الرأس.
  • 2. أصول الكافي « ١ / ٤٦٩ ـ ٤٧٠ » رجال الكشي ( ص ٢٧ ـ ٢٨ ).
  • 3. تاريخ ابن عساكر ٥١ / ٤١ من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين
  • 4. غاية الاختصار ( ص ٦٤ ).
  • 5. الوافي بالوفيات ٤ / ١٠٢.
  • 6. مسائل مجموعة من الحقائق العالية والدقائق والاسرار السامية ( ص ٩٩ ) لمؤلف مجهول.
  • 7. مجمع الزوائد ١ / ٢٢.
  • 8. المصدر: كتاب حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل للعلامة الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله.