الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ضرورة الامام في ضوء الاحاديث

لقد تظافرت الأحاديث حول ضرورة الامام في حياة البشرية و استمرار النوع الإنساني، فکلّّاهما دالّ علي الآخر، و قد بلغت کثرة الأحاديث في هذا المضمار حدّا ً يمکن القول أنّها متواترة قطيعة الصدور ؛ وهذه طائفة منها:

عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام)قال: "نحن أئمة المسلمين و حجج الله علي العالمين و سادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين و موالي المسلمين، و نحن أمان لأهل الأرض کما أن النجوم أمان لأهل السماء"1.

ثم قال: "ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم (عليه السلام) من حجّة فيه ظاهر مشهور أوغائب مستور".

قال الأعمش: کيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال: "کما ينتفقون بالشمس اذا سترها سحاب".

عن عبد الله بن سليمان العامري عن الصادق (عليه السلام) قال: ما زالت الأرض إلا و لله فيها الحجة، يعرّف الحلال و الحرام و يدعو الناس ال سبيل الله "2.

عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: "ان الله أجلّ و أعظم من أن يترک الأرض بغير إمام عادل"3.

عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبدالله ( الصادق) (عليه السلام) تکون الأرض ليس فيها إمام؟ قال: لا3.

عن أبي بصير عن الصادق ( عليه السلام) قال: "ان الله لم يدع الأرض بغير عالم، و لولا ذلک لم يعرف الحق من الباطل"4.

عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): أتبقي الأرض بغير امام؟ قال: "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"3.

عن محمّد بن الفضل قال: قلت لأبي الحسن (الرضاعليه السلام): أتبقي الأرض بغير إمام؟ قال: لا.قلت: فإنا نروي أبي عبدالله (عليه السلام) إنّها لاتبقي بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالي علي أهل الأرض أو علي العباد، فقال: "لا، تبقي اذاً لساخت"3.

عن أبي حمزة قال: أبوجعفر لنفسه دليلاً، و أنت بطرق السماء أجهل منک بطرق الأرض فاطلب لنفسک دليلا ً"5.

عن الحسن بن علي عليه السلام في حديث له قال: ان الله تبارک و تعالي لم يخل الأرض منذ خلق آدم و لا تخلو إلي يوم القيامة من حجّة لله علي خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض و به ينزل الغيث و به يخرج برکات الأرض"6.

عن ابن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)يقول "لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لکان أحدهما الحجّة"7.

عن کرام قال: قال إبوعبدالله (عليه السلام): "لوکان الناس رجلين لکان أحدهما الإمام "وقال: "ان آخرين من يموت الامام، لئلّا يحتج أحد علي الله عزوجل انّه ترکه بغير حجّة الله عليه"8.

عن يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "لو لم يکن في الأرض إلّا اثنان لکان الإمام أحدهما"3.

عن الفضیل قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن قول الله عزوجل «ولکل قوم هاد» فقال: «کل إمام هاد للقرن الذی هو فهیم»9.

عن الفضيل قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن "انما أنت منذر ولکلّّ قوم هاد"فقال: "رسول الله المنذر، و علي الهادي، يا أبامحمّد هل من هاداليوم؟ "قلت: بلي جُعلت فداکَ مازال منکم هادٍ بعد هادٍ حتي دفعت اليک.

فقال: "رحمک الله يا أبا محمّد لوکانت إذا نزلت آية علي رجل ثم مات ذلک الرجل، ماتت الآية، مات الکتاب و لکنه حيّ يجري فيمن بقي کما جري فيمن مضي "10.

عن أبي بصير قال: قال الامام الصادق (عليه السلام): "الأوصياء هم أبواب الله عزوجل التي يؤتي منها، و لولا هم ما عرف الله عزوجل، و بهم احتج الله تبارک و تعالي علي خلقه 11.

عن أبي خالد الکابلي قال: سألت أباجعفر الباقر (عليه السلام) عن قول الله تعالي: "فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا" فقال: يا أبا خالد، النور- والله -الأئمة (عليهم السلام) يا أباخالد! النورالامام في قلوب المؤمنين، و يحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم و يغشاهم بها"12.

عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "ان الأرض لا تترک إلابعالم يحتاج اليه و لا يحتاج إلي الناس يعلم الحلال و الحرام "13.

وعن إسحاق بت المغيرة عن أبي عبدالله في حديث قال: ان الله و رسوله نصبا الامام علما ً لخلقه، حجّة علي أهل عالمه، يمدّ بسبب إلي السماء لا تنقطع عنه مواده، و لا يقبل الله أعمال العباد إلا بولايته ؛لم يکن الله ليضل قوما ً بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقّون، و تکون الحجة عليهم من الله بالغة14.

وعن زرارة والفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: "ان العلم الذي نزل مع آدم (عليه السلام) لم يرفع و العلم يتوارث، و کان علي(عليه السلام) عالم هذه الاُمّة، و إنّه لم يهلک منا عالم قط إلّا خلفه من أهله من علم مثل علمه، أوما شاءالله 15.

عن محمّدبن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق16.

عن العلاءبن سيابة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالي: "ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "قال: "يهدي إلي الإمام"17.

عن أبي جعفر(عليه السلام) في قوله تعالي: "فأقم وجهک للدين حنيفا ً "قال: "هي الولاية"18.

عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل "أفمن اتبع رضوان الله کمن باء بسخط من الله و مأواه جهنم و بئس المصير. هم درجات عندالله"فقال: "الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة، و هم - والله يا عمّار - درجات للمؤمنين، و بولايتهم و معرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم و يرفع لهم الدرجات العلي "19.

عن الامام الصادق في خطبة له: "ان الله أوضح بأئمة الهدي من أهل بيت نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم) دينه و أبلج بهم باطن ينابيع علمه، فمن عرف من الأئمة واجب حقّ امامه وجد حلاوة إيمانه، و علم فضل طلاوة إسلامة، لأن الله نصب الإمام علما ً لخلقه علي أهل أرضه، ألبسه تاج الوقار، و غشاه نور الجبّار، يمده بسبب من السماء لاينقطع مواده، و لا ينال ما عندالله إلا بجهة أسبابه، و لا يقبل الله معرفة العباد إلا بمعرفة الإمام فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي و معميات السنن و مشتبهات الفتن فلم يزل الله تبارک و تعالي يختارهم لخلقه من و لد الحسين من عقب کلّّ إمام يصطفيهم لذلک، وکلّّما مضي منهم إمام نصب الله لخلقه من عقبه إماما ً علما بيّناً و منيرا ً أئمة من الله يهدون بالحقّ و به يعدلون، و خيرة من ذرية آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل (عليهم السلام) وصفوة من عترة محمّد (صلي الله عليه و آله و سلم) اصطنعهم الله في عالم الذرّ قبل خلق جسمهم عن يمين عرشه مخبوءا ً بالحکمة في علم الغيب عنده و جعلهم الله حيا ة الأنام و دعائم الإسلام"20.

عن أبي الصلت الهروي قال: قال الامام الرضا ابن الاما م الکاظم (عليهما السلام): وحيد دهره لا يدانيه أحد، و لايعادله عالم، و لايوجد منه بدل، و لا له مثل و لانظير، فهو مخصوص بفصل الله من غير طلب منه و له و لا اکتساب منه بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و يمکنه الختباره، هيهات هيهات.ضلّت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب وحسرت العيون و تصاغرت العظماء وتحيرت الحلماء وتقاصرت الحکماًًء وحصرت الخطباء وکلت الشعراء و عجزت الادباء وعمت البلغاء عن و صف شأن من شؤونه أوفضيلة من فصائله فأقّرت بالعجز والتقصير، و کيف يوصف أو ينعت بکنهه أو يفهم شي ء من أمره أو يوجد من يقام مقامه، و کيف هو وأني هو بحيث يبلغه مدح المتنأولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا، و أين إدراک العقول من هذا، و أين يوجد مثل هذا"21.

مثل آل محمّد مثل نجوم السماء کلّّما غاب نجم طلع نجم 22.

وعن الامام الباقر(عليه السلام)قال: "لا تخلو الأرض من إمام "23.

عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: "لا تخلو الأرض من قائم بحججه إما ظاهرا ً مشهورا ًو إما خائفا ً مغمورا ً لئلّا تبطل حجج الله و بيناته، و کم ذاوأين.أولئک و الله الأقلّون عدداً و الأعظمون عندالله قدراً، بهم يحفظ الله حججه و بيّناته حتي يودعوها نظراء هم و يزرعوها في قلوب أشباههم.هجم بهم العلم علوا ً حقيقة البصيرة و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منا الجاهلون و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالحمل الأعلي، أولئک خلفاءالله في أرضه و الدعاة إلي دينه، آه آه شوقا ً إلي رؤيتهم"24.

وعن جابر عن أبي جعفرقال: قلت: لآي شي ء يحتاج ال النبي والإمام؟ فقال: "لبقاء العالم علي صلاحه، و ذلک أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض اذا کان فيها نبيٌ أو إمام.قال الله عزوجل "وما کان الله ليعذبهم وأنت فيهم "، بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتي أهل السماء ما يکرهون و اذا ذهب أهل بيتي أتي أهل الأرض ما يکرهون"يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعو الرسول و أولي الأمر منکم"، و هم المعصومين المطهرون الذين لا يذنبون و لا يعصون و هم المؤيدون و لاموفقون المسدّدون، بهم يرزق الله عباده، وبهم يعمّر بلاده، و بهم ينزل القطر من السماء، و بهم تخرج برکات الأرض و بهم يههل أهل المعاصي و لا يعجّل عليهم العقوبة و العذاب، و ل ايفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين "25.

عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "والله ما ترک الله الأرض منذ قبض آدم إلّا و فيها إمام يهتدي به إلي الله عزوجل وهو حجّة الله عزوجل علي العباد، من ترکه هلک، و من لرمه نجا حقّاً علي الله عزوجل"26.

عن الامام الرضا(عليه السلام) قال: "ان الله جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم لعلل کثيرة منها: ان الخلق لما وقفوا علي حد محدود و أمروا آن لا يتعدوا ذلک الحد لما فيه من فسادهم، لم يکن يثبت ذلک و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم أمينا ً يأخذهم باوقف عندما اُبيح لهم و يمنعهم من التعدّي و الدخول فيما خطر عليهم، لإنّه لو لم يکن ذلک کذلک لکان أحد لا يترک لذته و منفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّما ً يمنعهم من الفساد، و يقيم فيهم الحدود و الأحکام، و منها انّا لا نجدفرقة من الفرق و لاملّة من الملل بقوا وعاشوا إلّا بقيّم و رئيس لم لابدّ لهم منه في أمرالدين و الدنيا، فلم يجز في حکمة الحکيم أن يترک الخلق مما يعلم انّه لابد لهم منه، و لا قوام لهم إلّا به، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون به فيئهم و يقيم لهم جمعتهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم، ومنها انّه لو لم يجعل لهم إماما ً قيما ً أمينا ً حافظا ً مستودعا ً لدرست الملّة، و ذهب الدين و غيّرت السنة و لاأحکام، و لزاد فيه المبتدعون، و نقص منه الملحدون، وشبّهوا ذلک علي المسلمين، لأنّا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير کاملين مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم، و تشتت انحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّما ً حافظا ً لما جاء به الرسول، فسدوا علي نحو ما بينا، و غيرت الشرائع و السنن والأحکام و الايمان و کان ذلک فساد الخلق أجمعين"27.

عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله و أبا جعفر (عليهما السلام): "ان العلم الذي أهبط مع آدم لم يرفع، و العلم يتوارث، و کلّّ شي ء من العلم و آثار الرسل و الأنبياء لم يکن من أهل هذا البيت فهو باطل، ان عليا ً ( عليه السلام) عالم الاُمّة، و انّه لن يموت منا عالم إلاخلف من بعده من يعلم مثل علمه أو ماشاءالله"28.

عن يونس بن يعقوب قال: کان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الصحابة ؛ منهم: حمران بن أعين و محمّدبن النعمان و هشام بن سالم و الطيار وجماعة فيهم هشام بن الحکم و هو شابّ، فقال أبوعبدالله (عليه السلام)" يا هشام ألا تخبرني کيف صنعت بعمروبن عبيد و کيف سألته؟ فقال: يابن رسول الله إني أجلک و أستحييک و لا يعمل لساني بين يديک فقال أبوعبدالله: "اذا أمرتکم بشيء فافعلوا".

قال هشام: بلغني ماکان فيه عمروبن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلک عليّ فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا يحلقة کبيرة فيها عمرو بن عبيد و عليه شمله سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد به و الناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم علي رکتبي ثم قلت: أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألک عين؟ فقال: يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشيء تراه کيف تسأل عنه؟ فقلت هکذا مسألتي.فقال: يا بني سل و ان کانت مسألتک حمقاء.قلت: أجنبي فيها قال لي: سل.

قلت: ألک عين؟ قال نعم.قلت فما تصنع بها؟ أري بها الألوان والأشخاص، قلت: فلک أنف؟ قال: نعم.قلت فما تصنع به؟ قال: أشمّ به الرائحة. قلت: ألک فم؟ قال: نعم.قلت: فما تصنع به.قال: أذوق به الطعم، قلت: فلک أذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: اسمع بها الصوت.قلت: ألک قلب؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أميّز به کلما و رد علي هذه الجوارح و الحواسّ.قلت: أوليس في هذه الجوارح عني عين القلب؟ فقال: لا. قلت: و کيف ذلک و هي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني إن الجوارح اذا شکّت في شي ء شمّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردّته إلي القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشک.قال هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشک الجوارح؟ قال: نعم.فقلت له: يا أبامروان فالله تبارک و تعالي لم يترک جوارحک حتي جعل لها إماما ً يصحح لها الصحيح و يتيقن به ما شک فيه و يترک هذا الخلق کلّّهم في حيرتهم، و يقيم لک إماما ً لجوارحک تردّ اليه حيرتک و شکک؟! قال: فسکت و لم يقل لي شيئا ً ؛ ثم التفت إلي فقال لي: أنت هشام بن الحکم؟ فقلت: لا. قال: أمن جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الکوفة، قال: فأنت إذا ً هو ثم ضمّني إليه، وأقعدني في مجلسه و زال عن مجلسه، و ما نطق حتي قمت.

قال: فضحک أبوعبدالله (عليه السلام) وقال: يا هشام من علّمک هذا؟ قلت شيء أخذته منک و ألفته فقال: "هذا و الله مکتوب في صحف إبراهيم وموسي"29.

عن إبي عبيدة قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) جعلت فداک ان سالم بن أبي حفصة يلقاني و يقول لي ألستم تروون من مات و ليس له إمام فموتته موتة جاهلية، فأقول له: بلي فيقول قد مضي أبوجعفر فمن امامکم اليوم؟ فأکره جعلت فداک ان أقول له جعفرفأقول له ما يزال أئمتي آل محمّد (صلي الله عليه وآله و سلم) فيقول: ما أراک صنعت شيئا ً؟ فقال (الصادق) (عليه السلام): و يح سالم بن أبي حفصة لعنه الله و هل يدري سالم ما منزلة الإمام.ان منزلة الإمام أعظم مما ذهب اليه سالم و الناس أجمعون فإنّه لن يهلک منّا إمام قط الّا ترک من بعده من يعلم علمه و يسير مثل سيرته و يدعوا الي مثل الذي دعا إليه و إنّه لم يمنع الله عزوجل ما أعطي داود أعطي سليمان أفضل منه"30.لقد تظافرت الأحاديث حول ضرورة الامام في حياة البشرية و استمرار النوع الإنساني، فکلّّاهما دالّ علي الآخر، و قد بلغت کثرة الأحاديث في هذا المضمار حدّا ً يمکن القول أنّها متواترة قطيعة الصدور؛ وهذه طائفة منها:

عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام)قال: "نحن أئمة المسلمين و حجج الله علي العالمين و سادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين و موالي المسلمين، و نحن أمان لأهل الأرض کما أن النجوم أمان لأهل السماء"1.

ثم قال: "ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم (عليه السلام) من حجّة فيه ظاهر مشهور أوغائب مستور".
قال الأعمش: کيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال: "کما ينتفقون بالشمس اذا سترها سحاب".
عن عبد الله بن سليمان العامري عن الصادق (عليه السلام) قال: ما زالت الأرض إلا و لله فيها الحجة، يعرّف الحلال و الحرام و يدعو الناس ال سبيل الله "2.

عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: "ان الله أجلّ و أعظم من أن يترک الأرض بغير إمام عادل"3.
عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبدالله ( الصادق) (عليه السلام) تکون الأرض ليس فيها إمام؟ قال: لا3.

عن أبي بصير عن الصادق ( عليه السلام) قال: "ان الله لم يدع الأرض بغير عالم، و لولا ذلک لم يعرف الحق من الباطل"4.
عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): أتبقي الأرض بغير امام؟ قال: "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"3.

عن محمّد بن الفضل قال: قلت لأبي الحسن (الرضاعليه السلام): أتبقي الأرض بغير إمام؟ قال: لا.قلت: فإنا نروي أبي عبدالله (عليه السلام) إنّها لاتبقي بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالي علي أهل الأرض أو علي العباد، فقال: "لا، تبقي اذاً لساخت"3.
عن أبي حمزة قال: أبوجعفر لنفسه دليلاً، و أنت بطرق السماء أجهل منک بطرق الأرض فاطلب لنفسک دليلا ً"5.

عن الحسن بن علي عليه السلام في حديث له قال: ان الله تبارک و تعالي لم يخل الأرض منذ خلق آدم و لا تخلو إلي يوم القيامة من حجّة لله علي خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض و به ينزل الغيث و به يخرج برکات الأرض"6.
عن ابن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)يقول "لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لکان أحدهما الحجّة"7.

عن کرام قال: قال إبوعبدالله (عليه السلام): "لوکان الناس رجلين لکان أحدهما الإمام "وقال: "ان آخرين من يموت الامام، لئلّا يحتج أحد علي الله عزوجل انّه ترکه بغير حجّة الله عليه"8.
عن يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "لو لم يکن في الأرض إلّا اثنان لکان الإمام أحدهما"3.

عن الفضیل قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن قول الله عزوجل «ولکل قوم هاد» فقال: «کل إمام هاد للقرن الذی هو فهیم»9.
عن الفضيل قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن "انما أنت منذر ولکلّّ قوم هاد"فقال: "رسول الله المنذر، و علي الهادي، يا أبامحمّد هل من هاداليوم؟ "قلت: بلي جُعلت فداکَ مازال منکم هادٍ بعد هادٍ حتي دفعت اليک.

فقال: "رحمک الله يا أبا محمّد لوکانت إذا نزلت آية علي رجل ثم مات ذلک الرجل، ماتت الآية، مات الکتاب و لکنه حيّ يجري فيمن بقي کما جري فيمن مضي "10.
عن أبي بصير قال: قال الامام الصادق (عليه السلام): " الأوصياء هم أبواب الله عزوجل التي يؤتي منها، و لولا هم ما عرف الله عزوجل، و بهم احتج الله تبارک و تعالي علي خلقه 11.

عن أبي خالد الکابلي قال: سألت أباجعفر الباقر (عليه السلام) عن قول الله تعالي: "فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا " فقال: يا أبا خالد، النور- والله -الأئمة (عليهم السلام) يا أباخالد ! النورالامام في قلوب المؤمنين، و يحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم و يغشاهم بها "12.
عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "ان الأرض لا تترک إلابعالم يحتاج اليه و لا يحتاج إلي الناس يعلم الحلال و الحرام "13.

وعن إسحاق بت المغيرة عن أبي عبدالله في حديث قال: ان الله و رسوله نصبا الامام علما ً لخلقه، حجّة علي أهل عالمه، يمدّ بسبب إلي السماء لا تنقطع عنه مواده، و لا يقبل الله أعمال العباد إلا بولايته ؛لم يکن الله ليضل قوما ً بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقّون، و تکون الحجة عليهم من الله بالغة14.


وعن زرارة والفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: "ان العلم الذي نزل مع آدم (عليه السلام) لم يرفع و العلم يتوارث، و کان علي(عليه السلام) عالم هذه الاُمّة، و إنّه لم يهلک منا عالم قط إلّا خلفه من أهله من علم مثل علمه، أوما شاءالله 15.
عن محمّدبن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق16.

عن العلاءبن سيابة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالي: "ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "قال: "يهدي إلي الإمام "17.
عن أبي جعفر(عليه السلام) في قوله تعالي: "فأقم وجهک للدين حنيفا ً "قال: "هي الولاية"18.

عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل "أفمن اتبع رضوان الله کمن باء بسخط من الله و مأواه جهنم و بئس المصير. هم درجات عندالله"فقال: "الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة، و هم - والله يا عمّار - درجات للمؤمنين، و بولايتهم و معرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم و يرفع لهم الدرجات العلي "19.
عن الامام الصادق في خطبة له: "ان الله أوضح بأئمة الهدي من أهل بيت نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم) دينه و أبلج بهم باطن ينابيع علمه، فمن عرف من الأئمة واجب حقّ امامه وجد حلاوة إيمانه، و علم فضل طلاوة إسلامة، لأن الله نصب الإمام علما ً لخلقه علي أهل أرضه، ألبسه تاج الوقار، و غشاه نور الجبّار، يمده بسبب من السماء لاينقطع مواده، و لا ينال ما عندالله إلا بجهة أسبابه، و لا يقبل الله معرفة العباد إلا بمعرفة الإمام فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي و معميات السنن و مشتبهات الفتن فلم يزل الله تبارک و تعالي يختارهم لخلقه من و لد الحسين من عقب کلّّ إمام يصطفيهم لذلک، وکلّّما مضي منهم إمام نصب الله لخلقه من عقبه إماما ً علما بيّناً و منيرا ً أئمة من الله يهدون بالحقّ و به يعدلون، و خيرة من ذرية آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل (عليهم السلام) وصفوة من عترة محمّد (صلي الله عليه و آله و سلم) اصطنعهم الله في عالم الذرّ قبل خلق جسمهم عن يمين عرشه مخبوءا ً بالحکمة في علم الغيب عنده و جعلهم الله حيا ة الأنام و دعائم الإسلام "20.

عن أبي الصلت الهروي قال: قال الامام الرضا ابن الاما م الکاظم (عليهما السلام): وحيد دهره لا يدانيه أحد، و لايعادله عالم، و لايوجد منه بدل، و لا له مثل و لانظير، فهو مخصوص بفصل الله من غير طلب منه و له و لا اکتساب منه بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و يمکنه الختباره، هيهات هيهات.ضلّت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب وحسرت العيون و تصاغرت العظماء وتحيرت الحلماء وتقاصرت الحکماًًء وحصرت الخطباء وکلت الشعراء و عجزت الادباء وعمت البلغاء عن و صف شأن من شؤونه أوفضيلة من فصائله فأقّرت بالعجز والتقصير، و کيف يوصف أو ينعت بکنهه أو يفهم شي ء من أمره أو يوجد من يقام مقامه، و کيف هو وأني هو بحيث يبلغه مدح المتنأولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا، و أين إدراک العقول من هذا، و أين يوجد مثل هذا"21.
مثل آل محمّد مثل نجوم السماء کلّّما غاب نجم طلع نجم 22.

وعن الامام الباقر(عليه السلام)قال: "لا تخلو الأرض من إمام "23.
عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: "لا تخلو الأرض من قائم بحججه إما ظاهرا ً مشهورا ًو إما خائفا ً مغمورا ً لئلّا تبطل حجج الله و بيناته، و کم ذاوأين.أولئک و الله الأقلّون عدداً و الأعظمون عندالله قدراً، بهم يحفظ الله حججه و بيّناته حتي يودعوها نظراء هم و يزرعوها في قلوب أشباههم.هجم بهم العلم علوا ً حقيقة البصيرة و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منا الجاهلون و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالحمل الأعلي، أولئک خلفاءالله في أرضه و الدعاة إلي دينه، آه آه شوقا ً إلي رؤيتهم "24.

وعن جابر عن أبي جعفرقال: قلت: لآي شي ء يحتاج ال النبي والإمام؟ فقال: "لبقاء العالم علي صلاحه، و ذلک أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض اذا کان فيها نبيٌ أو إمام.قال الله عزوجل "وما کان الله ليعذبهم وأنت فيهم "، بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتي أهل السماء ما يکرهون و اذا ذهب أهل بيتي أتي أهل الأرض ما يکرهون"يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعو الرسول و أولي الأمر منکم"، و هم المعصومين المطهرون الذين لا يذنبون و لا يعصون و هم المؤيدون و لاموفقون المسدّدون، بهم يرزق الله عباده، وبهم يعمّر بلاده، و بهم ينزل القطر من السماء، و بهم تخرج برکات الأرض و بهم يههل أهل المعاصي و لا يعجّل عليهم العقوبة و العذاب، و لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين "25.
عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "والله ما ترک الله الأرض منذ قبض آدم إلّا و فيها إمام يهتدي به إلي الله عزوجل وهو حجّة الله عزوجل علي العباد، من ترکه هلک، و من لرمه نجا حقّاً علي الله عزوجل "26.

عن الامام الرضا(عليه السلام) قال: "ان الله جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم لعلل کثيرة منها: ان الخلق لما وقفوا علي حد محدود و أمروا آن لا يتعدوا ذلک الحد لما فيه من فسادهم، لم يکن يثبت ذلک و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم أمينا ً يأخذهم باوقف عندما اُبيح لهم و يمنعهم من التعدّي و الدخول فيما خطر عليهم، لإنّه لو لم يکن ذلک کذلک لکان أحد لا يترک لذته و منفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّما ً يمنعهم من الفساد، و يقيم فيهم الحدود و الأحکام، و منها انّا لا نجدفرقة من الفرق و لاملّة من الملل بقوا وعاشوا إلّا بقيّم و رئيس لم لابدّ لهم منه في أمرالدين و الدنيا، فلم يجز في حکمة الحکيم أن يترک الخلق مما يعلم انّه لابد لهم منه، و لا قوام لهم إلّا به، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون به فيئهم و يقيم لهم جمعتهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم، ومنها انّه لو لم يجعل لهم إماما ً قيما ً أمينا ً حافظا ً مستودعا ً لدرست الملّة، و ذهب الدين و غيّرت السنة و لاأحکام، و لزاد فيه المبتدعون، و نقص منه الملحدون، وشبّهوا ذلک علي المسلمين، لأنّا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير کاملين مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم، و تشتت انحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّما ً حافظا ً لما جاء به الرسول، فسدوا علي نحو ما بينا، و غيرت الشرائع و السنن والأحکام و الايمان و کان ذلک فساد الخلق أجمعين"27.
عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله و أبا جعفر (عليهما السلام): "ان العلم الذي أهبط مع آدم لم يرفع، و العلم يتوارث، و کلّّ شي ء من العلم و آثار الرسل و الأنبياء لم يکن من أهل هذا البيت فهو باطل، ان عليا ً (عليه السلام) عالم الاُمّة، و انّه لن يموت منا عالم إلاخلف من بعده من يعلم مثل علمه أو ماشاءالله"28.

عن يونس بن يعقوب قال: کان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الصحابة ؛ منهم: حمران بن أعين و محمّدبن النعمان و هشام بن سالم و الطيار وجماعة فيهم هشام بن الحکم و هو شابّ، فقال أبوعبدالله (عليه السلام)" يا هشام ألا تخبرني کيف صنعت بعمروبن عبيد و کيف سألته؟ فقال: يابن رسول الله إني أجلک و أستحييک و لا يعمل لساني بين يديک فقال أبوعبدالله: "اذا أمرتکم بشيء فافعلوا".
قال هشام: بلغني ماکان فيه عمروبن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلک عليّ فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا يحلقة کبيرة فيها عمرو بن عبيد و عليه شمله سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد به و الناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم علي رکتبي ثم قلت: أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألک عين؟ فقال: يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشيء تراه کيف تسأل عنه؟ فقلت هکذا مسألتي.فقال: يا بني سل و ان کانت مسألتک حمقاء.قلت: أجنبي فيها قال لي: سل.

قلت: ألک عين؟ قال نعم.قلت فما تصنع بها؟ أري بها الألوان والأشخاص، قلت: فلک أنف؟ قال: نعم.قلت فما تصنع به؟ قال: أشمّ به الرائحة. قلت: ألک فم؟ قال: نعم.قلت: فما تصنع به.قال: أذوق به الطعم، قلت: فلک أذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: اسمع بها الصوت.قلت: ألک قلب؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أميّز به کلما و رد علي هذه الجوارح و الحواسّ.قلت: أوليس في هذه الجوارح عني عين القلب؟ فقال: لا. قلت: و کيف ذلک و هي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني إن الجوارح اذا شکّت في شي ء شمّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردّته إلي القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشک.قال هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشک الجوارح؟ قال: نعم.فقلت له: يا أبامروان فالله تبارک و تعالي لم يترک جوارحک حتي جعل لها إماما ً يصحح لها الصحيح و يتيقن به ما شک فيه و يترک هذا الخلق کلّّهم في حيرتهم، و يقيم لک إماما ً لجوارحک تردّ اليه حيرتک و شکک؟! قال: فسکت و لم يقل لي شيئا ً ؛ ثم التفت إلي فقال لي: أنت هشام بن الحکم؟ فقلت: لا. قال: أمن جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الکوفة، قال: فأنت إذا ً هو ثم ضمّني إليه، وأقعدني في مجلسه و زال عن مجلسه، و ما نطق حتي قمت.

قال: فضحک أبوعبدالله (عليه السلام) وقال: يا هشام من علّمک هذا؟ قلت شيء أخذته منک و ألفته فقال: "هذا و الله مکتوب في صحف إبراهيم وموسي"29.

عن إبي عبيدة قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) جعلت فداک ان سالم بن أبي حفصة يلقاني و يقول لي ألستم تروون من مات و ليس له إمام فموتته موتة جاهلية، فأقول له: بلي فيقول قد مضي أبوجعفر فمن امامکم اليوم؟ فأکره جعلت فداک ان أقول له جعفرفأقول له ما يزال أئمتي آل محمّد (صلي الله عليه وآله و سلم) فيقول: ما أراک صنعت شيئا ً؟ فقال (الصادق) (عليه السلام): و يح سالم بن أبي حفصة لعنه الله و هل يدري سالم ما منزلة الإمام.ان منزلة الإمام أعظم مما ذهب اليه سالم و الناس أجمعون فإنّه لن يهلک منّا إمام قط الّا ترک من بعده من يعلم علمه و يسير مثل سيرته و يدعوا الي مثل الذي دعا إليه و إنّه لم يمنع الله عزوجل ما أعطي داود أعطي سليمان أفضل منه"30.31
لقد تظافرت الأحاديث حول ضرورة الامام في حياة البشرية و استمرار النوع الإنساني، فکلّّاهما دالّ علي الآخر، و قد بلغت کثرة الأحاديث في هذا المضمار حدّا ً يمکن القول أنّها متواترة قطيعة الصدور ؛ وهذه طائفة منها:

عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام)قال: "نحن أئمة المسلمين و حجج الله علي العالمين و سادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين و موالي المسلمين، و نحن أمان لأهل الأرض کما أن النجوم أمان لأهل السماء"1.

ثم قال: "ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم (عليه السلام) من حجّة فيه ظاهر مشهور أوغائب مستور".

قال الأعمش: کيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال: "کما ينتفقون بالشمس اذا سترها سحاب".

عن عبد الله بن سليمان العامري عن الصادق (عليه السلام) قال: ما زالت الأرض إلا و لله فيها الحجة، يعرّف الحلال و الحرام و يدعو الناس ال سبيل الله "2.

عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: "ان الله أجلّ و أعظم من أن يترک الأرض بغير إمام عادل"3.

عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبدالله ( الصادق) (عليه السلام) تکون الأرض ليس فيها إمام؟ قال: لا3.

عن أبي بصير عن الصادق ( عليه السلام) قال: "ان الله لم يدع الأرض بغير عالم، و لولا ذلک لم يعرف الحق من الباطل"4.

عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): أتبقي الأرض بغير امام؟ قال: "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"3.

عن محمّد بن الفضل قال: قلت لأبي الحسن (الرضاعليه السلام): أتبقي الأرض بغير إمام؟ قال: لا.قلت: فإنا نروي أبي عبدالله (عليه السلام) إنّها لاتبقي بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالي علي أهل الأرض أو علي العباد، فقال: "لا، تبقي اذاً لساخت"3.

عن أبي حمزة قال: أبوجعفر لنفسه دليلاً، و أنت بطرق السماء أجهل منک بطرق الأرض فاطلب لنفسک دليلا ً"5.

عن الحسن بن علي عليه السلام في حديث له قال: ان الله تبارک و تعالي لم يخل الأرض منذ خلق آدم و لا تخلو إلي يوم القيامة من حجّة لله علي خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض و به ينزل الغيث و به يخرج برکات الأرض"6.

عن ابن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)يقول "لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لکان أحدهما الحجّة"7.

عن کرام قال: قال إبوعبدالله (عليه السلام): "لوکان الناس رجلين لکان أحدهما الإمام "وقال: "ان آخرين من يموت الامام، لئلّا يحتج أحد علي الله عزوجل انّه ترکه بغير حجّة الله عليه"8.

عن يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "لو لم يکن في الأرض إلّا اثنان لکان الإمام أحدهما"3.

عن الفضیل قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن قول الله عزوجل «ولکل قوم هاد» فقال: «کل إمام هاد للقرن الذی هو فهیم»9.

عن الفضيل قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن "انما أنت منذر ولکلّّ قوم هاد"فقال: "رسول الله المنذر، و علي الهادي، يا أبامحمّد هل من هاداليوم؟ "قلت: بلي جُعلت فداکَ مازال منکم هادٍ بعد هادٍ حتي دفعت اليک.

فقال: "رحمک الله يا أبا محمّد لوکانت إذا نزلت آية علي رجل ثم مات ذلک الرجل، ماتت الآية، مات الکتاب و لکنه حيّ يجري فيمن بقي کما جري فيمن مضي "10.

عن أبي بصير قال: قال الامام الصادق (عليه السلام): " الأوصياء هم أبواب الله عزوجل التي يؤتي منها، و لولا هم ما عرف الله عزوجل، و بهم احتج الله تبارک و تعالي علي خلقه 11.

عن أبي خالد الکابلي قال: سألت أباجعفر الباقر (عليه السلام) عن قول الله تعالي: "فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا "فقال: يا أبا خالد، النور- والله -الأئمة (عليهم السلام) يا أباخالد! النورالامام في قلوب المؤمنين، و يحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم و يغشاهم بها"12.

عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "ان الأرض لا تترک إلابعالم يحتاج اليه و لا يحتاج إلي الناس يعلم الحلال و الحرام "13.

وعن إسحاق بت المغيرة عن أبي عبدالله في حديث قال: ان الله و رسوله نصبا الامام علما ً لخلقه، حجّة علي أهل عالمه، يمدّ بسبب إلي السماء لا تنقطع عنه مواده، و لا يقبل الله أعمال العباد إلا بولايته ؛لم يکن الله ليضل قوما ً بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقّون، و تکون الحجة عليهم من الله بالغة14.

وعن زرارة والفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: "ان العلم الذي نزل مع آدم (عليه السلام) لم يرفع و العلم يتوارث، و کان علي(عليه السلام) عالم هذه الاُمّة، و إنّه لم يهلک منا عالم قط إلّا خلفه من أهله من علم مثل علمه، أوما شاءالله 15.

عن محمّدبن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق16.

عن العلاءبن سيابة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالي: "ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "قال: "يهدي إلي الإمام"17.

عن أبي جعفر(عليه السلام) في قوله تعالي: "فأقم وجهک للدين حنيفا ً "قال: "هي الولاية"18.

عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل "أفمن اتبع رضوان الله کمن باء بسخط من الله و مأواه جهنم و بئس المصير. هم درجات عندالله"فقال: "الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة، و هم - والله يا عمّار - درجات للمؤمنين، و بولايتهم و معرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم و يرفع لهم الدرجات العلي "19.

عن الامام الصادق في خطبة له: "ان الله أوضح بأئمة الهدي من أهل بيت نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم) دينه و أبلج بهم باطن ينابيع علمه، فمن عرف من الأئمة واجب حقّ امامه وجد حلاوة إيمانه، و علم فضل طلاوة إسلامة، لأن الله نصب الإمام علما ً لخلقه علي أهل أرضه، ألبسه تاج الوقار، و غشاه نور الجبّار، يمده بسبب من السماء لاينقطع مواده، و لا ينال ما عندالله إلا بجهة أسبابه، و لا يقبل الله معرفة العباد إلا بمعرفة الإمام فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي و معميات السنن و مشتبهات الفتن فلم يزل الله تبارک و تعالي يختارهم لخلقه من و لد الحسين من عقب کلّّ إمام يصطفيهم لذلک، وکلّّما مضي منهم إمام نصب الله لخلقه من عقبه إماما ً علما بيّناً و منيرا ً أئمة من الله يهدون بالحقّ و به يعدلون، و خيرة من ذرية آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل (عليهم السلام) وصفوة من عترة محمّد (صلي الله عليه و آله و سلم) اصطنعهم الله في عالم الذرّ قبل خلق جسمهم عن يمين عرشه مخبوءا ً بالحکمة في علم الغيب عنده و جعلهم الله حيا ة الأنام و دعائم الإسلام "20.

عن أبي الصلت الهروي قال: قال الامام الرضا ابن الاما م الکاظم (عليهما السلام): وحيد دهره لا يدانيه أحد، و لايعادله عالم، و لايوجد منه بدل، و لا له مثل و لانظير، فهو مخصوص بفصل الله من غير طلب منه و له و لا اکتساب منه بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و يمکنه الختباره، هيهات هيهات.ضلّت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب وحسرت العيون و تصاغرت العظماء وتحيرت الحلماء وتقاصرت الحکماًًء وحصرت الخطباء وکلت الشعراء و عجزت الادباء وعمت البلغاء عن و صف شأن من شؤونه أوفضيلة من فصائله فأقّرت بالعجز والتقصير، و کيف يوصف أو ينعت بکنهه أو يفهم شي ء من أمره أو يوجد من يقام مقامه، و کيف هو وأني هو بحيث يبلغه مدح المتنأولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا، و أين إدراک العقول من هذا، و أين يوجد مثل هذا"21.

مثل آل محمّد مثل نجوم السماء کلّّما غاب نجم طلع نجم 22.

وعن الامام الباقر(عليه السلام)قال: "لا تخلو الأرض من إمام "23.

عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: "لا تخلو الأرض من قائم بحججه إما ظاهرا ً مشهورا ًو إما خائفا ً مغمورا ً لئلّا تبطل حجج الله و بيناته، و کم ذاوأين.أولئک و الله الأقلّون عدداً و الأعظمون عندالله قدراً، بهم يحفظ الله حججه و بيّناته حتي يودعوها نظراء هم و يزرعوها في قلوب أشباههم.هجم بهم العلم علوا ً حقيقة البصيرة و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منا الجاهلون و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالحمل الأعلي، أولئک خلفاءالله في أرضه و الدعاة إلي دينه، آه آه شوقا ً إلي رؤيتهم "24.

وعن جابر عن أبي جعفرقال: قلت: لآي شي ء يحتاج ال النبي والإمام؟ فقال: "لبقاء العالم علي صلاحه، و ذلک أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض اذا کان فيها نبيٌ أو إمام.قال الله عزوجل "وما کان الله ليعذبهم وأنت فيهم "، بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتي أهل السماء ما يکرهون و اذا ذهب أهل بيتي أتي أهل الأرض ما يکرهون"يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعو الرسول و أولي الأمر منکم"، و هم المعصومين المطهرون الذين لا يذنبون و لا يعصون و هم المؤيدون و لاموفقون المسدّدون، بهم يرزق الله عباده، وبهم يعمّر بلاده، و بهم ينزل القطر من السماء، و بهم تخرج برکات الأرض و بهم يههل أهل المعاصي و لا يعجّل عليهم العقوبة و العذاب، و ل ايفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين "25.

عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "والله ما ترک الله الأرض منذ قبض آدم إلّا و فيها إمام يهتدي به إلي الله عزوجل وهو حجّة الله عزوجل علي العباد، من ترکه هلک، و من لرمه نجا حقّاً علي الله عزوجل "26.

عن الامام الرضا(عليه السلام) قال: "ان الله جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم لعلل کثيرة منها: ان الخلق لما وقفوا علي حد محدود و أمروا آن لا يتعدوا ذلک الحد لما فيه من فسادهم، لم يکن يثبت ذلک و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم أمينا ً يأخذهم باوقف عندما اُبيح لهم و يمنعهم من التعدّي و الدخول فيما خطر عليهم، لإنّه لو لم يکن ذلک کذلک لکان أحد لا يترک لذته و منفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّما ً يمنعهم من الفساد، و يقيم فيهم الحدود و الأحکام، و منها انّا لا نجدفرقة من الفرق و لاملّة من الملل بقوا وعاشوا إلّا بقيّم و رئيس لم لابدّ لهم منه في أمرالدين و الدنيا، فلم يجز في حکمة الحکيم أن يترک الخلق مما يعلم انّه لابد لهم منه، و لا قوام لهم إلّا به، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون به فيئهم و يقيم لهم جمعتهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم، ومنها انّه لو لم يجعل لهم إماما ً قيما ً أمينا ً حافظا ً مستودعا ً لدرست الملّة، و ذهب الدين و غيّرت السنة و لاأحکام، و لزاد فيه المبتدعون، و نقص منه الملحدون، وشبّهوا ذلک علي المسلمين، لأنّا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير کاملين مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم، و تشتت انحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّما ً حافظا ً لما جاء به الرسول، فسدوا علي نحو ما بينا، و غيرت الشرائع و السنن والأحکام و الايمان و کان ذلک فساد الخلق أجمعين"27.

عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله و أبا جعفر (عليهما السلام): "ان العلم الذي أهبط مع آدم لم يرفع، و العلم يتوارث، و کلّّ شي ء من العلم و آثار الرسل و الأنبياء لم يکن من أهل هذا البيت فهو باطل، ان عليا ً ( عليه السلام) عالم الاُمّة، و انّه لن يموت منا عالم إلاخلف من بعده من يعلم مثل علمه أو ماشاءالله"28.

عن يونس بن يعقوب قال: کان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الصحابة ؛ منهم: حمران بن أعين و محمّدبن النعمان و هشام بن سالم و الطيار وجماعة فيهم هشام بن الحکم و هو شابّ، فقال أبوعبدالله (عليه السلام)" يا هشام ألا تخبرني کيف صنعت بعمروبن عبيد و کيف سألته؟ فقال: يابن رسول الله إني أجلک و أستحييک و لا يعمل لساني بين يديک فقال أبوعبدالله: "اذا أمرتکم بشيء فافعلوا".

قال هشام: بلغني ماکان فيه عمروبن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلک عليّ فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا يحلقة کبيرة فيها عمرو بن عبيد و عليه شمله سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد به و الناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم علي رکتبي ثم قلت: أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألک عين؟ فقال: يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشيء تراه کيف تسأل عنه؟ فقلت هکذا مسألتي.فقال: يا بني سل و ان کانت مسألتک حمقاء.قلت: أجنبي فيها قال لي: سل.

قلت: ألک عين؟ قال نعم.قلت فما تصنع بها؟ أري بها الألوان والأشخاص، قلت: فلک أنف؟ قال: نعم.قلت فما تصنع به؟ قال: أشمّ به الرائحة. قلت: ألک فم؟ قال: نعم.قلت: فما تصنع به.قال: أذوق به الطعم، قلت: فلک أذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: اسمع بها الصوت.قلت: ألک قلب؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أميّز به کلما و رد علي هذه الجوارح و الحواسّ.قلت: أوليس في هذه الجوارح عني عين القلب؟ فقال: لا. قلت: و کيف ذلک و هي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني إن الجوارح اذا شکّت في شي ء شمّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردّته إلي القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشک.قال هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشک الجوارح؟ قال: نعم.فقلت له: يا أبامروان فالله تبارک و تعالي لم يترک جوارحک حتي جعل لها إماما ً يصحح لها الصحيح و يتيقن به ما شک فيه و يترک هذا الخلق کلّّهم في حيرتهم، و يقيم لک إماما ً لجوارحک تردّ اليه حيرتک و شکک؟! قال: فسکت و لم يقل لي شيئا ً ؛ ثم التفت إلي فقال لي: أنت هشام بن الحکم؟ فقلت: لا. قال: أمن جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الکوفة، قال: فأنت إذا ً هو ثم ضمّني إليه، وأقعدني في مجلسه و زال عن مجلسه، و ما نطق حتي قمت.

قال: فضحک أبوعبدالله (عليه السلام) وقال: يا هشام من علّمک هذا؟ قلت شيء أخذته منک و ألفته فقال: "هذا و الله مکتوب في صحف إبراهيم وموسي"29.

عن إبي عبيدة قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) جعلت فداک ان سالم بن أبي حفصة يلقاني و يقول لي ألستم تروون من مات و ليس له إمام فموتته موتة جاهلية، فأقول له: بلي فيقول قد مضي أبوجعفر فمن امامکم اليوم؟ فأکره جعلت فداک ان أقول له جعفرفأقول له ما يزال أئمتي آل محمّد (صلي الله عليه وآله و سلم) فيقول: ما أراک صنعت شيئا ً؟ فقال (الصادق) (عليه السلام): و يح سالم بن أبي حفصة لعنه الله و هل يدري سالم ما منزلة الإمام.ان منزلة الإمام أعظم مما ذهب اليه سالم و الناس أجمعون فإنّه لن يهلک منّا إمام قط الّا ترک من بعده من يعلم علمه و يسير مثل سيرته و يدعوا الي مثل الذي دعا إليه و إنّه لم يمنع الله عزوجل ما أعطي داود أعطي سليمان أفضل منه"30.لقد تظافرت الأحاديث حول ضرورة الامام في حياة البشرية و استمرار النوع الإنساني، فکلّّاهما دالّ علي الآخر، و قد بلغت کثرة الأحاديث في هذا المضمار حدّا ً يمکن القول أنّها متواترة قطيعة الصدور ؛ وهذه طائفة منها:

عن الأعمش عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام)قال: "نحن أئمة المسلمين و حجج الله علي العالمين و سادة المؤمنين وقادة الغر المحجلين و موالي المسلمين، و نحن أمان لأهل الأرض کما أن النجوم أمان لأهل السماء"1.

ثم قال: "ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم (عليه السلام) من حجّة فيه ظاهر مشهور أوغائب مستور".
قال الأعمش: کيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال: "کما ينتفقون بالشمس اذا سترها سحاب".
عن عبد الله بن سليمان العامري عن الصادق (عليه السلام) قال: ما زالت الأرض إلا و لله فيها الحجة، يعرّف الحلال و الحرام و يدعو الناس ال سبيل الله "2.

عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: "ان الله أجلّ و أعظم من أن يترک الأرض بغير إمام عادل"3.
عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبدالله ( الصادق) (عليه السلام) تکون الأرض ليس فيها إمام؟ قال: لا3.

عن أبي بصير عن الصادق ( عليه السلام) قال: "ان الله لم يدع الأرض بغير عالم، و لولا ذلک لم يعرف الحق من الباطل"4.
عن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): أتبقي الأرض بغير امام؟ قال: "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"3.

عن محمّد بن الفضل قال: قلت لأبي الحسن (الرضاعليه السلام): أتبقي الأرض بغير إمام؟ قال: لا.قلت: فإنا نروي أبي عبدالله (عليه السلام) إنّها لاتبقي بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالي علي أهل الأرض أو علي العباد، فقال: "لا، تبقي اذاً لساخت"3.
عن أبي حمزة قال: أبوجعفر لنفسه دليلاً، و أنت بطرق السماء أجهل منک بطرق الأرض فاطلب لنفسک دليلا ً"5.

عن الحسن بن علي عليه السلام في حديث له قال: ان الله تبارک و تعالي لم يخل الأرض منذ خلق آدم و لا تخلو إلي يوم القيامة من حجّة لله علي خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض و به ينزل الغيث و به يخرج برکات الأرض"6.
عن ابن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام)يقول "لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان لکان أحدهما الحجّة"7.

عن کرام قال: قال إبوعبدالله (عليه السلام): "لوکان الناس رجلين لکان أحدهما الإمام "وقال: "ان آخرين من يموت الامام، لئلّا يحتج أحد علي الله عزوجل انّه ترکه بغير حجّة الله عليه"8.
عن يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "لو لم يکن في الأرض إلّا اثنان لکان الإمام أحدهما"3.

عن الفضیل قال: سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن قول الله عزوجل «ولکل قوم هاد» فقال: «کل إمام هاد للقرن الذی هو فهیم»9.
عن الفضيل قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن "انما أنت منذر ولکلّّ قوم هاد"فقال: "رسول الله المنذر، و علي الهادي، يا أبامحمّد هل من هاداليوم؟ "قلت: بلي جُعلت فداکَ مازال منکم هادٍ بعد هادٍ حتي دفعت اليک.

فقال: "رحمک الله يا أبا محمّد لوکانت إذا نزلت آية علي رجل ثم مات ذلک الرجل، ماتت الآية، مات الکتاب و لکنه حيّ يجري فيمن بقي کما جري فيمن مضي "10.
عن أبي بصير قال: قال الامام الصادق (عليه السلام): " الأوصياء هم أبواب الله عزوجل التي يؤتي منها، و لولا هم ما عرف الله عزوجل، و بهم احتج الله تبارک و تعالي علي خلقه 11.

عن أبي خالد الکابلي قال: سألت أباجعفر الباقر (عليه السلام) عن قول الله تعالي: "فآمنوا بالله و رسوله و النور الذي أنزلنا " فقال: يا أبا خالد، النور- والله -الأئمة (عليهم السلام) يا أباخالد ! النورالامام في قلوب المؤمنين، و يحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم و يغشاهم بها "12.
عن الحرث بن المغيرة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "ان الأرض لا تترک إلابعالم يحتاج اليه و لا يحتاج إلي الناس يعلم الحلال و الحرام "13.

وعن إسحاق بت المغيرة عن أبي عبدالله في حديث قال: ان الله و رسوله نصبا الامام علما ً لخلقه، حجّة علي أهل عالمه، يمدّ بسبب إلي السماء لا تنقطع عنه مواده، و لا يقبل الله أعمال العباد إلا بولايته ؛لم يکن الله ليضل قوما ً بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقّون، و تکون الحجة عليهم من الله بالغة14.


وعن زرارة والفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: "ان العلم الذي نزل مع آدم (عليه السلام) لم يرفع و العلم يتوارث، و کان علي(عليه السلام) عالم هذه الاُمّة، و إنّه لم يهلک منا عالم قط إلّا خلفه من أهله من علم مثل علمه، أوما شاءالله 15.
عن محمّدبن مسلم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: الحجة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق16.

عن العلاءبن سيابة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالي: "ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم "قال: "يهدي إلي الإمام "17.
عن أبي جعفر(عليه السلام) في قوله تعالي: "فأقم وجهک للدين حنيفا ً "قال: "هي الولاية"18.

عن عمّار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل "أفمن اتبع رضوان الله کمن باء بسخط من الله و مأواه جهنم و بئس المصير. هم درجات عندالله"فقال: "الذين اتبعوا رضوان الله هم الأئمة، و هم - والله يا عمّار - درجات للمؤمنين، و بولايتهم و معرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم و يرفع لهم الدرجات العلي "19.
عن الامام الصادق في خطبة له: "ان الله أوضح بأئمة الهدي من أهل بيت نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم) دينه و أبلج بهم باطن ينابيع علمه، فمن عرف من الأئمة واجب حقّ امامه وجد حلاوة إيمانه، و علم فضل طلاوة إسلامة، لأن الله نصب الإمام علما ً لخلقه علي أهل أرضه، ألبسه تاج الوقار، و غشاه نور الجبّار، يمده بسبب من السماء لاينقطع مواده، و لا ينال ما عندالله إلا بجهة أسبابه، و لا يقبل الله معرفة العباد إلا بمعرفة الإمام فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الوحي و معميات السنن و مشتبهات الفتن فلم يزل الله تبارک و تعالي يختارهم لخلقه من و لد الحسين من عقب کلّّ إمام يصطفيهم لذلک، وکلّّما مضي منهم إمام نصب الله لخلقه من عقبه إماما ً علما بيّناً و منيرا ً أئمة من الله يهدون بالحقّ و به يعدلون، و خيرة من ذرية آدم و نوح و إبراهيم و إسماعيل (عليهم السلام) وصفوة من عترة محمّد (صلي الله عليه و آله و سلم) اصطنعهم الله في عالم الذرّ قبل خلق جسمهم عن يمين عرشه مخبوءا ً بالحکمة في علم الغيب عنده و جعلهم الله حيا ة الأنام و دعائم الإسلام "20.

عن أبي الصلت الهروي قال: قال الامام الرضا ابن الاما م الکاظم (عليهما السلام): وحيد دهره لا يدانيه أحد، و لايعادله عالم، و لايوجد منه بدل، و لا له مثل و لانظير، فهو مخصوص بفصل الله من غير طلب منه و له و لا اکتساب منه بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و يمکنه الختباره، هيهات هيهات.ضلّت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب وحسرت العيون و تصاغرت العظماء وتحيرت الحلماء وتقاصرت الحکماًًء وحصرت الخطباء وکلت الشعراء و عجزت الادباء وعمت البلغاء عن و صف شأن من شؤونه أوفضيلة من فصائله فأقّرت بالعجز والتقصير، و کيف يوصف أو ينعت بکنهه أو يفهم شي ء من أمره أو يوجد من يقام مقامه، و کيف هو وأني هو بحيث يبلغه مدح المتنأولين و وصف الواصفين فأين الاختيار من هذا، و أين إدراک العقول من هذا، و أين يوجد مثل هذا"21.
مثل آل محمّد مثل نجوم السماء کلّّما غاب نجم طلع نجم 22.

وعن الامام الباقر(عليه السلام)قال: "لا تخلو الأرض من إمام "23.
عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: "لا تخلو الأرض من قائم بحججه إما ظاهرا ً مشهورا ًو إما خائفا ً مغمورا ً لئلّا تبطل حجج الله و بيناته، و کم ذاوأين.أولئک و الله الأقلّون عدداً و الأعظمون عندالله قدراً، بهم يحفظ الله حججه و بيّناته حتي يودعوها نظراء هم و يزرعوها في قلوب أشباههم.هجم بهم العلم علوا ً حقيقة البصيرة و باشروا روح اليقين و استلانوا ما استوعره المترفون وأنسوا بما استوحش منا الجاهلون و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالحمل الأعلي، أولئک خلفاءالله في أرضه و الدعاة إلي دينه، آه آه شوقا ً إلي رؤيتهم "24.

وعن جابر عن أبي جعفرقال: قلت: لآي شي ء يحتاج ال النبي والإمام؟ فقال: "لبقاء العالم علي صلاحه، و ذلک أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض اذا کان فيها نبيٌ أو إمام.قال الله عزوجل "وما کان الله ليعذبهم وأنت فيهم "، بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتي أهل السماء ما يکرهون و اذا ذهب أهل بيتي أتي أهل الأرض ما يکرهون"يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعو الرسول و أولي الأمر منکم"، و هم المعصومين المطهرون الذين لا يذنبون و لا يعصون و هم المؤيدون و لاموفقون المسدّدون، بهم يرزق الله عباده، وبهم يعمّر بلاده، و بهم ينزل القطر من السماء، و بهم تخرج برکات الأرض و بهم يههل أهل المعاصي و لا يعجّل عليهم العقوبة و العذاب، و ل ايفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، و لا يفارقون القرآن و لا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين "25.
عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: "والله ما ترک الله الأرض منذ قبض آدم إلّا و فيها إمام يهتدي به إلي الله عزوجل وهو حجّة الله عزوجل علي العباد، من ترکه هلک، و من لرمه نجا حقّاً علي الله عزوجل "26.

عن الامام الرضا(عليه السلام) قال: "ان الله جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم لعلل کثيرة منها: ان الخلق لما وقفوا علي حد محدود و أمروا آن لا يتعدوا ذلک الحد لما فيه من فسادهم، لم يکن يثبت ذلک و لا يقوم إلا بأن يجعل عليهم أمينا ً يأخذهم باوقف عندما اُبيح لهم و يمنعهم من التعدّي و الدخول فيما خطر عليهم، لإنّه لو لم يکن ذلک کذلک لکان أحد لا يترک لذته و منفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيّما ً يمنعهم من الفساد، و يقيم فيهم الحدود و الأحکام، و منها انّا لا نجدفرقة من الفرق و لاملّة من الملل بقوا وعاشوا إلّا بقيّم و رئيس لم لابدّ لهم منه في أمرالدين و الدنيا، فلم يجز في حکمة الحکيم أن يترک الخلق مما يعلم انّه لابد لهم منه، و لا قوام لهم إلّا به، فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون به فيئهم و يقيم لهم جمعتهم و جماعتهم و يمنع ظالمهم من مظلومهم، ومنها انّه لو لم يجعل لهم إماما ً قيما ً أمينا ً حافظا ً مستودعا ً لدرست الملّة، و ذهب الدين و غيّرت السنة و لاأحکام، و لزاد فيه المبتدعون، و نقص منه الملحدون، وشبّهوا ذلک علي المسلمين، لأنّا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير کاملين مع اختلافهم و اختلاف أهوائهم، و تشتت انحائهم، فلو لم يجعل لهم قيّما ً حافظا ً لما جاء به الرسول، فسدوا علي نحو ما بينا، و غيرت الشرائع و السنن والأحکام و الايمان و کان ذلک فساد الخلق أجمعين"27.
عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبدالله و أبا جعفر (عليهما السلام): "ان العلم الذي أهبط مع آدم لم يرفع، و العلم يتوارث، و کلّّ شي ء من العلم و آثار الرسل و الأنبياء لم يکن من أهل هذا البيت فهو باطل، ان عليا ً ( عليه السلام) عالم الاُمّة، و انّه لن يموت منا عالم إلاخلف من بعده من يعلم مثل علمه أو ماشاءالله"28.

عن يونس بن يعقوب قال: کان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الصحابة ؛ منهم: حمران بن أعين و محمّدبن النعمان و هشام بن سالم و الطيار وجماعة فيهم هشام بن الحکم و هو شابّ، فقال أبوعبدالله (عليه السلام)" يا هشام ألا تخبرني کيف صنعت بعمروبن عبيد و کيف سألته؟ فقال: يابن رسول الله إني أجلک و أستحييک و لا يعمل لساني بين يديک فقال أبوعبدالله: "اذا أمرتکم بشيء فافعلوا".
قال هشام: بلغني ماکان فيه عمروبن عبيد و جلوسه في مسجد البصرة فعظم ذلک عليّ فخرجت إليه و دخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا يحلقة کبيرة فيها عمرو بن عبيد و عليه شمله سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد به و الناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ثم قعدت في آخر القوم علي رکتبي ثم قلت: أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألک عين؟ فقال: يا بني أي شيء هذا من السؤال؟ وشيء تراه کيف تسأل عنه؟ فقلت هکذا مسألتي.فقال: يا بني سل و ان کانت مسألتک حمقاء.قلت: أجنبي فيها قال لي: سل.

قلت: ألک عين؟ قال نعم.قلت فما تصنع بها؟ أري بها الألوان والأشخاص، قلت: فلک أنف؟ قال: نعم.قلت فما تصنع به؟ قال: أشمّ به الرائحة. قلت: ألک فم؟ قال: نعم.قلت: فما تصنع به.قال: أذوق به الطعم، قلت: فلک أذن؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع بها؟ قال: اسمع بها الصوت.قلت: ألک قلب؟ قال: نعم. قلت: فما تصنع به؟ قال: أميّز به کلما و رد علي هذه الجوارح و الحواسّ.قلت: أوليس في هذه الجوارح عني عين القلب؟ فقال: لا. قلت: و کيف ذلک و هي صحيحة سليمة؟ قال: يا بني إن الجوارح اذا شکّت في شي ء شمّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ردّته إلي القلب فيستيقن اليقين و يبطل الشک.قال هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشک الجوارح؟ قال: نعم.فقلت له: يا أبامروان فالله تبارک و تعالي لم يترک جوارحک حتي جعل لها إماما ً يصحح لها الصحيح و يتيقن به ما شک فيه و يترک هذا الخلق کلّّهم في حيرتهم، و يقيم لک إماما ً لجوارحک تردّ اليه حيرتک و شکک؟! قال: فسکت و لم يقل لي شيئا ً ؛ ثم التفت إلي فقال لي: أنت هشام بن الحکم؟ فقلت: لا. قال: أمن جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الکوفة، قال: فأنت إذا ً هو ثم ضمّني إليه، وأقعدني في مجلسه و زال عن مجلسه، و ما نطق حتي قمت.

قال: فضحک أبوعبدالله (عليه السلام) وقال: يا هشام من علّمک هذا؟ قلت شيء أخذته منک و ألفته فقال: "هذا و الله مکتوب في صحف إبراهيم وموسي"29.

عن إبي عبيدة قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) جعلت فداک ان سالم بن أبي حفصة يلقاني و يقول لي ألستم تروون من مات و ليس له إمام فموتته موتة جاهلية، فأقول له: بلي فيقول قد مضي أبوجعفر فمن امامکم اليوم؟ فأکره جعلت فداک ان أقول له جعفرفأقول له ما يزال أئمتي آل محمّد (صلي الله عليه وآله و سلم) فيقول: ما أراک صنعت شيئا ً؟ فقال (الصادق) (عليه السلام): و يح سالم بن أبي حفصة لعنه الله و هل يدري سالم ما منزلة الإمام.ان منزلة الإمام أعظم مما ذهب اليه سالم و الناس أجمعون فإنّه لن يهلک منّا إمام قط الّا ترک من بعده من يعلم علمه و يسير مثل سيرته و يدعوا الي مثل الذي دعا إليه و إنّه لم يمنع الله عزوجل ما أعطي داود أعطي سليمان أفضل منه"30.31