ما هي مكانة كتاب الكافي عند الشيعة الإمامية ؟

يتمتع كتاب الكافي الذي هو أحد الكتب الحديثية الأربعة 1 المعروفة بمكانة عالية لدى العلماء و الفقهاء و الحوزات و الأوساط العلمية الشيعية ، و يُعدُّ من أهم المصادر الحديثية المعتمدة لديها ، و السبب في ذلك يعود لأمور نذكر أهمها :
1. إن كتاب الكافي موسوعة حديثية شاملة لجميع الأبواب و العلوم الإسلامية التي رُويت عن المعصومين ( عليهم السَّلام ) ، و كتاب الكافي مُقَسَّم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي : أصول الكافي ، فروع الكافي ، روضة الكافي ، و تحتوي هذه الأقسام على ستة عشر ألف حديث 2 في العقيدة و الشريعة الإسلامية ، و هذا العدد يفوق ما جاء من الأحاديث في الصحاح الستة جميعها .
2. إن مؤلف هذا الكتاب هو الحافظ الكبير و المحدِّث الجليل الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي البغدادي ، و الملقَّب بثقة الإسلام ، المولود سنة : 260 هجرية ، و المتوفى سنة : 329 هجرية ، و هو من أبرز الفقهاء المُحدِّثين الشيعة و عَلَمٌ من أعلامها .
3. إن المؤلف كان من المعاصرين لسفراء الامام المهدي المنتظر ( عجَّل الله فرَجَه ) في فترة الغيبة الصغرى و التقى بهم و عاشرهم ، حيث كانوا في بغداد و كان هو أيضا يسكن بها ، و كان وفاته في السنة التي توفي فيها آخر نواب الامام المهدي ( عجَّل الله فرَجَه ) و هو علي بن محمد السمري ، و معنى ذلك أنه كان ممن يتمكن من الاتصال بالامام ( عليه السَّلام ) عن طريق سفرائه .
4. إن إشتمال الكتاب على مصادر الحديث الرئيسية المعروفة بالأصول الأربعمائة التي ألفها أصحاب الأئمة ( عليهم السَّلام ) في زمن المعصومين ( عليهم السَّلام ) يعطي لهذا الكتاب قيمة خاصة ، و قد جهد الكليني ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) من أجل جمع هذه المصادر القيمة و الإطلاع عليها ، و لهذا الغرض فقد تحمَّل أعباء السفر إلى العديد من المدن و البلدان الإسلامية ، فكانت النتيجة هذا الكتاب القيِّم .
5. إن أحاديث الكتاب تتصل سنداً بالمعصومين ( عليهم السَّلام ) ، فقد حرص المؤلف على ذكر أسناد الحديث ، و هذا ـ كما هو واضح ـ مما يزيد من قيمة الكتاب و منزلته .
كتاب الكافي في تقييم العلماء :
ثم أن العلماء و الفقهاء اهتموا بهذا الكتاب و تعاملوا معه تعاملاً مميَّزاً و رفعوا من شأنه ، و يتَّضح هذا لدى مراجعة كلماتهم ، و إليك بعض ما قالوه في هذا الكتاب :
1. يقول الشيخ المفيد و هو يمتدح كتاب الكافي : " الكافي هو من أجلّ كتب الشيعة و أكثرها فائدة " .
2. يقول الشهيد الأول : " كتاب الكافي في الحديث الذي لم يعمل الأصحاب مثله " .
3. يقول الفيض الكاشاني : " الكافي أشرفها و أوثقها و أتمها و أجمعها لاشتماله على الأصول من بينها و خلوه من الفضول و شينها " .
4. يقول الشهيد الثاني : " الكتاب الكافي و المنهل العذب الصافي ، و لعمري لم ينسج على منواله ، و منه يعلم قدر منزلته و جلالة حاله " .
5. يقول العلامة المجلسي : " أضبط الأصول و أجمعها ، و أحسن مؤلفات الفرقة الناجية و أعظمها " .

  • 1. الكتب الأربعة هي موسوعات حديثية قيِّمة تتمتع بمكانة رفيعة في الأوساط العلمية الإسلامية بصورة عامة و في الأوساط الإسلامية الشيعية بصورة خاصة ، و تُعتبر من أهم المصادر الحديثية لديها ، و هي :
    1. الكافي : و هو ما ألَّفه الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، و هو من أبرز الفقهاء المُحدِّثين الإماميين و عَلَمٌ من أعلامها ، و كتاب الكافي مُقَسَّم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي : أصول الكافي ، فروع الكافي ، روضة الكافي ، و الكتاب يحتوي على ستة عشر ألف حديث في العقيدة و الشريعة الإسلامية .
    2. من لا يحضره الفقيه : و هو ما ألَّفه الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف بالشيخ " الصدوق " ، المولود في سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، و هذا الكتاب يحتوي على ما يقارب من ستة الآف حديث في الفقه و الأحكام الشرعية .

    3. تهذيب الأحكام : و هو ما ألَّفه الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بشيخ الطائفة ، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية ، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة : 460 هجرية ، و هذا الكتاب يحتوي على 13590 حديث في الفقه و الأحكام الشرعية .
    4. الإستبصار فيما أختلف من الأخبار : و هو أيضا مما ألَّفه الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بشيخ الطائفة ، المولود بخراسان سنة : 385 هجرية ، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة : 460 هجرية ، و هذا الكتاب يحتوي على 5511 حديث .

  • 2. هناك اختلاف في تحديد عدد أحاديث الكافي يرجع إلى نوع الاحصاء المتخذ في عَدِّ الأحاديث .
    قال بعض مشايخنا المتأخرين : أما الكافي فجميع أحاديثه حصرت في ستة عشر ألف حديث و مائة و تسعة و تسعين حديثاً ، و الصحيح فيها خمسة آلاف وإثنان و سبعون حديثاً ، و الحسن مائة و أربعة و أربعون حديثاً ، و الموثق مائة حديث و ألف حديث و ثمانية عشر حديثاً ، و القوي منها إثنان و ثلاثمائة حديثاً ، و الضعيف منها أربعمائة و تسعة آلاف و خمسة و ثمانون حديثاً ، راجع مقدمة موسوعة طبقات الفقهاء : 361 ، للعلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ، طبعة : مؤسسة الامام الصادق ( عليه السَّلام ) ، سنة : 1418 هجرية ، قم / إيران ، نقلاً عن المحدِّث البحراني ، لؤلؤة البحرين : 395 .
    أما العلامة السبحاني فإنه يرى بأن أحاديث الكافي إنما هي : 15508 حديثاً ، و ذكر بأن رأي المشهور هو أن أحاديثه : 16199 ، و علَّل الاختلاف الحاصل في إحصاء أحاديث كتاب الكافي بأنه مبني على عدِّ أجوبة الامام في مجلس واحد على أكثر من سؤال بمنزلة الأحاديث المستقلة ، خصوصاً إذا ـ كانت ـ تحمل أجوبة مختلفة تبعاً لإختلاف الأسئلة الموجَّهة للإمام ، راجع مقدمة موسوعة طبقات الفقهاء : 361 ، للعلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ، طبعة : مؤسسة الامام الصادق ( عليه السَّلام ) ، سنة : 1418 هجرية ، قم / إيران .