الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

سياسة تجريد القرآن من حديث الرسول (صلى الله عليه و آله)

نزلت آيات في ذمّ سادة قريش الذين خاصموا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و حاربوه ، و آيات أُخرى في ذمّ قبائل بعض الصحابة من قريش ، مثل قوله ـ تعالى ـ في سورة الإسراء : ﴿ ... وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ... 1.
في بني أُميّة أو أفراد من الصحابة مثل قوله في سورة التحريم : ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا 2.
و التي نزلت في أُم المؤمنين عائشة و أُمّ المؤمنين حفصة ، في مقابل آيات نزلت في مدح آخرين ، مثل آية التطهير في قوله ـ تعالى ـ في سورة الأحزاب : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 3.
و التي نزلت في حقّ الرسول ( صلى الله عليه و آله ) و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين .
هذه إلى كثير غيرها كانت تخالف حكومة الخلفاء الثلاثة ، فرفعوا شعار حسبنا كتاب الله ، و جرّدوا القرآن من حديث الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و بدأ العمل به أبو بكر ، و أمر بكتابة نسخة من القرآن مجرّدة عن حديث الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و انتهى العمل على عهد عمر ، فبدأ عمله بمنع نشر حديث الرسول ، و بعد وفاته وقعت الخصومة بين بعض الصحابة و التابعين و بني أميّة و عصبة عثمان ، و أخذ الخصوم يروون من حديث الرسول ما فيه ذمّ لعصبة الخلافة ، و كانت بأيدي الخصوم مصاحف فيها من بيان الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ما يستدلّ به الخصوم في مقابل عصبة الخلافة ، فقام عثمان بتنفيذ شعار جردّوا القرآن من حديث الرسول ، و أخذ نسخة المصحف المجرّد من حديث الرسول ( صلى الله عليه و آله ) من أمّ المؤمنين حفصة ، و استنسخ منها عدّة نسخ من المصاحف المجرّدة عن حديث الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و وزّعها في بلاد المسلمين ، و جمع مصاحف الصحابة اللاّتي كان أصحابها قد دوّنوا فيها النصّ القرآني مع ما سمعوه من بيان الرسول في تفسير آياتها و أحرقها جميعاً ، فاستنسخ المسلمون مصاحف من تلك المصاحف المجرّدة عن بيان الرسول ( صلى الله عليه و آله ) .
و أصبح المصحف بعد ذلك اسماً علماً للقرآن المجرّد عن بيان الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و مع مرور الزمن لم يعرف المسلمون في القرون التالية أنّ مصاحف الصحابة كان فيها بيان الرسول ( صلى الله عليه و آله ) مع النصّ القرآني .
و عندما حثّ المنصور العباسي في سنة ثلاث و أربعين بعد المائة من الهجرة علماء المسلمين على تدوين العلوم ، و كتب المتخصصون منهم بعلوم القرآن مع بيان آياته كما كان عليه الأمر على عهد الرسول ، سمِّي المصحف الذي دوّن فيه القرآن مع بيان آياته بالتفسير ، كما مرّ بيانه 4 .