مجموع الأصوات: 154
نشر قبل 11 سنة
القراءات: 20012

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لماذا يسأل الطفل ؟

ما يسمى بـ ( أسئلة الطفل الأكبر من سنة ) أو ( الأسئلة الحرجة التي يسألها الطفل ) هي في الحقيقة أسئلة هامة ، و أن هذا ليس بالغريب بل هو التطور الطبيعي الذي تمر به حياة الطفل ، فالطفل باحث عن الحقيقة أينما كانت و كيفما كانت . حيث يبدأ الطفل بطرح الأسئلة في نهاية سن الثانية حتى سن الخامسة غير أن بعض الآباء قد يسيئون الرد على أسئلة الطفل الحرجة فأحيانا يقابلونها بالتعنيف و القسوة مما يشعر الطفل بالاشمئزاز من نفسه و الإحساس بالذنب ، و أحيانا أخرى يعطون الطفل إجابات و تفسيرات خاطئة بسبب الإحراج أو من قبيل التبسيط ، الأمر الذي قد يسبب للطفل عقدا نفسية .
و عموما فإن أسئلة الطفل ترتبط بخصائص نموه و حاجاته و لعبه و ما يتعرض له من أزمات ، كذلك ترتبط بالجنس و الظواهر الطبيعية و العلاقات الاجتماعية و غير ذلك مما يثير الطفل فيدفعه للتساؤل .

1 ـ ارتباط أسئلة الطفل بخصائص النمو

أ ـ النمو الجسمي : و يتضمن الحجم و الوزن و التغيير التشريحي كما و كيفا و حجما و شكلا و وصفا و نسيجا ، و يتأثر بالحالة الصحية للطفل ، و الحالة النفسية ، و المثيرات المختلفة ، و ينمو الجهاز العصبي نموا سريعا 1 ، حيث يفتح آفاقا جديدة يرى الطفل فيها أحداث تستحق التساؤل فيوجه استفساراته إلى من حوله .
ب ـ النمو العقلي : فالطفل في مرحلة ما قبل الدراسة تكثر أسئلته 2 ، و يظل تفكيره تخيليا و ليس منطقيا حتى سن السادسة ، حيث يبدأ ميل الطفل نحو أعضائه التناسلية في وقت مبكر ، فالأطفال يلاحظون الفروق و تراودهم فكرة الميلاد و كيفية التناسل ، فهو يسأل عن عضوه التناسلي كما يسأل عن يده و عينه و حين يرى الصغير أمه و هي تبدل ملابس أخته حديثة الميلاد يحاول بعينه إكتشاف كل شيء حول هذا الكائن الجديد . إنه يشبهه في كل شيء إلا شيئا واحدا لابد أن شيئا ما حدث لهذا الكائن الذي أصبح بنتا ... إنه فقد عضو ... ربما قطع ... ربما سقط ... ربما فقد ... كل هذه الاحتمالات مطروحة أمام الصغير و لكن شيئا واحدا مؤكد ، هو أن شيئا ما حدث ، فمن الممكن أن هذا الشيء قد يحدث له أيضا ، هذه الفكرة في حد ذاتها حين تصل إلى الصغير تسبب له الاضطرابات و القلق و الأحلام المزعجة . و يرى الباحثون عدم ترك الأطفال في ظلمة الجهل بالأمور الجنسية ، فقط علينا أن نلاحظ الأعمار المختلفة لأنها تتمشى مع النمو العقلي و النمو الانفعالي لكل مرحلة . فالأطفال الذين يتم إشباع حب الاستطلاع لديهم مبكرا بالنسبة لبعض المعلومات الجنسية يركزون في نواحي المعرفة الاخرى و مجالاتها و يحققون نجاحا و توافقا ، بخلاف غيرهم من الأطفال الذين بقوا في حيرة من أمرهم و يظل ذهنهم مشدود نحو هذه الأسئلة .
ج ـ النمو اللغوي : اللغة كمظهر من مظاهر السلوك تتأثر بمستوى ذكاء الطفل ، فالبيئة المنزلية لها تأثير على النمو اللغوي و كذا المستوى التعليمي للوالدين و طبيعة لغتهما و قدراتهما اللغوية إلى غير ذلك ...
هذه الفترة تعتبر العصر الذهبي في حياة الطفل فهو يلتقط و يكرر و يسمع و يتعلم المحادثة ، و يجد لذة في توجيه الأسئلة 3 .
فالطفل في مواجهة العالم و مشاكله يسأل دائما و يلح في السؤال لأنه في حالة نشاط عقلي دائم و كل شيء يثير انتباهه فهو علامة استفهام دائمة : أين ؟ ماذا ؟ كيف ؟ من ؟ متى ؟ لماذا ؟ ... كل هذه ألفاظ لغوية لها مفاهيم معينة و هي وسائل بالنسبة للطفل يدرك من خلالها ما يشبع حبه للمعرفة و للاستطلاع . إن السؤال وسيلة للطفل للتواصل الاجتماعي و للتفاهم و مناقشة الآخرين و الأخذ عنهم .

2 ـ ارتباط أسئلة الطفل باللعب

اللعب ضرورة من ضروريات الطفولة و هو عمل الطفل الجاد . فاللعب لا يعني بالنسبة للطفل نشاطا سطحيا ، و ذلك لأن الطفل بواسطة اللعب يكتشف ذاته و إمكاناته و يكتشف صعوبات يتحداها ، فهو عندما يواجه صعوبة ما ينفعل فيفكر ثم يسأل .

3 ـ ارتباط الطفل بأزمات الطفولة

إحتياج الطفل للإطمئنان مطلب أساسي ، و الفترة من أربع سنوات إلى ست سنوات فترة حركية و تلقائية ، يكثر فيها اللعب و الانغلاق و تناول الأشياء و الأسئلة و السؤال أحيانا يحوي الكثير من القلق ، فحين يسأل الطفل من أين يأتي الأطفال ؟ فهو بلغة غير مسموعة يقول من أين يأتي الشركاء ؟
فللطفل مشاكله ، و هي في نظره أشياء كبيرة و هامة ، و ملجأه دائما الكبار المحيطين به ، يتفقد عاداتهم و تصرفاتهم و يسألهم و يأخذ عنهم ، و على الكبار مسؤولية إزالة المخاوف و الاضطرابات و عليهم توفير الأمان و الاطمئنان الانفعالي ليجتاز العقبات و الفترات و يواصل مسيرته و حين تنخفض إضطرابات الأطفال بطريقة هادئة و بلا إنزعاج ، فإنهم ينشأون نشأة أصح و أهدأ نفسيا لمعرفتهم كل ما يريدون تعلمه . و الطفل في الفترة 4 إلى 6 سنوات يعايش قلقا دائما لا يمكن التعبير عنه و يسأل أسئلة قلقة فيما يتعلق بالأمور الدينية و ما فيها من جنة و نار و معتقدات مختلفة ، و إذا سمع الطفل أن أحد الأطفال مات يسأل عن معنى الموت ، و يزداد القلق حين يفسر له أحد الكبار الموت بالنوم ، و ينتابه القلق كل مساء و يضطرب و يثور حين يعلم أن النوم يقترب لأنه علم أن جده الذي مات أو نام حسب تفسير أحد الكبار له لم يعد . و الطفل لا يريد لنفسه الاختفاء مثلما اختفى جده .
إن مد الطفل بمعلومات خاطئة يؤدي إلى :
أ ـ الربط بين المعلومات الجنسية و الخطيئة
ب ـ السعي وراء المعلومات من أي مصدر
ج ـ سوء التوافق مستقبلا
د ـ التلذذ عند سماع الأغاني الخليعة و النكت الجنسية 4 .
و اكتشاف الطفل عدم صحة ما أفاد به الكبار يشعره بأنه مرفوض ، فيزداد قلقه و يتعلق بعادات سيئة كوسيلة للإشباع و الاستطلاع .

  • 1. محمد محي العجيزي ، الطفولة ، دراسة في سيكولوجية النمو ، مصر ، القاهرة ، الجهاز المركزي للكتب الجامعية و المدرسية و الوسائل التعليمية ، 1977 م ، صفحات 147 ـ 148 .
  • 2. حامد عبد السلام زهران ، علم نفس النمو ، مصر ، القاهرة ، عالم الكتاب ، 1977 م ، صفحات 165 ـ 171 .
  • 3. هدى برادة و فاروق الصادق ، علم نفس النمو ، مصر ، القاهرة ، وزارة التربية و التعليم ، 1985 م ، صفحة 11 .
  • 4. حامد عبد السلام زهران ، علم نفس النمو ، صفحة 204 .

تعليق واحد