لماذا كني علي بابي تراب ؟

للإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) كنيتان إحداهما أبو الحسن و الأخرى أبو تراب ، و أبو تراب كنيةٌ أضفاها رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) على علي ( عليه السَّلام ) فكانت أحب كُناه و أسمائه إليه .

ابو تراب

رَوَى البخاريُ 1 في صحيحه قائلاً : حَدَّثَنَا ‏‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏، ‏عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ‏، ‏عَنْ ‏أَبِيهِ ،‏ ‏أَنَّ ‏رَجُلًا جَاءَ إِلَى‏ ‏سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ‏ ‏فَقَالَ : هَذَا ‏‏فُلَانٌ ‏لِأَمِيرِ‏ ‏الْمَدِينَةِ ‏يَدْعُو ‏عَلِيًّا ‏‏عِنْدَ الْمِنْبَرِ .

قَالَ : فَيَقُولُ مَاذَا ؟
قَالَ : يَقُولُ لَهُ‏ ‏أَبُو تُرَابٍ ‏، فَضَحِكَ .
قَالَ : وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ و آله ] وَ سَلَّمَ ‏ ‏وَ مَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ .
فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ ‏سَهْلًا ‏وَقُلْتُ يَا ‏أَبَا عَبَّاسٍ ‏كَيْفَ ذَلِكَ ؟

قَالَ : دَخَلَ ‏عَلِيٌّ ‏عَلَى ‏فَاطِمَةَ ، ‏ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ و آله ] وَسَلَّمَ ‏: ‏أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ؟
قَالَتْ : فِي الْمَسْجِدِ .
فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَيَقُولُ : " اجْلِسْ يَا ‏ ‏أَبَا تُرَابٍ‏ " ‏مَرَّتَيْنِ ‏2 .
قال العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي : و كنَّاهُ رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) أبا تراب ، وَجَدهُ نائماً في تراب قد سقط عنه رداؤه و أصاب التراب جسده ، فجاء حتى جلس عند رأسه و أيقظه و جعل يمسح التراب عن ظهره و يقول له : " اجلس إنما أنت أبو تراب " .
فكانت هذه الكنية من أحب كناه إليه صلوات الله عليه ، و كان يفرح إذا دعي بها ، و كانت تُرغِّبُ بنو أمية خطباءها أن يسبوه بها على المنابر و جعلوها نقيصة له و وصمة عليه ، فكأنما كسوة بها الحلي و الحلل كما قال الحسن البصري رحمه الله 3 .

  • 1. البخاري : هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، توفي سنة 256 .
  • 2. صحيح البخاري : المناقب / مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي ، راجع أيضاً صحيح مسلم : فضائل الصحابة / من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، و يوجد الحديث أيضاً إماً متحداً في النص أو بإختلاف يسير في كلٍ من المصادر التالية ، لمزيد من التفصيل يمكنك مراجعة : حلية الأولياء لأبي نعيم : 1 / 63 ، و 5 / 38 ، و تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : 11 / 89 ، و كنز العمال للمتقي الهندي : 6 / 400 ، و الصواعق المحرقة لابن حجر : 73 ، و غيرها من المصادر .
  • 3. شرح نهج البلاغة : 1 / 12 ، للعلامة ابن أبي الحديد المعتزلي .