حقول مرتبطة:
الكلمات الرئيسية:
- غصب فدك - فدك - ارث الزهراء - ارث فاطمة - مصادرة فدك - خلافة ابي بكر
ما هو سبب مصادرة فدك ؟
بعد المصيبة العظمى التي حلت بالأمة الإسلامية إثر رحيل النبي المصطفى (صلى الله عليه و آله) و إقصاء الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) عن الخلافة و استيلاء أبي بكر على الحكم و الخلافة قرر أبو بكر أن يستولي أيضاً على أرض فدك ليستتب له الحكم.
موقف فاطمة الزهراء من مصادرة فدك
إن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) لم تسكت عن حقها و أصرت على المطالبة بحقها بكل صلابة، لكن أبا بكر لم يقبل قولها، رغم وصايا النبي (صلى الله عليه و آله) فيها.
روى البخاري في صحيحه عن عائشة أن فاطمة عليها السلام بنت النبي (صلى الله عليه و آله) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه و آله) مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ... فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي (صلى الله عليه و آله) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر ... 1.
و أخرج البخاري عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال : "فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني" 2.
و عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: "فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها و يؤذيني ما آذاها" 3.
و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): "إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها" و "إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و ينصبني ما انصبها" و "فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها و يبسطني ما يبسطها" 4.
و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): "إن الله يغضب لغضب فاطمة و يرضى لرضاها" 5.
فهل يُعقل أن تطالب الزهراء شيئاً ليس من حقها، و هي التي يرضى الله لرضاها و يغضب لغضبها؟
غصب فدك و غصب الخلافة
إن غصب فدك يُعدُّ أمراً بسيطاً بالقياس إلى غصب الخلافة من الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلام) و مصادرة حق أهل البيت (عليهم السَّلام).
يقول الشهيد العظيم السيد محمد باقر الصدر قدس الله نفسه في النزاع على ملكية فدك: ... لا يفهم منه ما يفهم من قضية مطالبة بأرض بل يتجلى له منها مفهوم أوسع من ذلك ينطوي على غرض طموح يبعث إلى الثورة و يهدف إلى استرداد عرش مسلوب و تاج ضائع و مجد عظيم و تعديل امة انقلبت على أعقابها.
و على هذا كانت فدك معنى رمزياً يرمز إلى المعنى العظيم و لا يعني تلك الأرض الحجازية المسلوبة. و هذه الرمزية التي اكتسبتها فدك هي التي ارتفعت بالمنازعة من مخاصمة عادية منكمشة في افقها محدودة في دائرتها إلى ثورة واسعة النطاق رحيبة الأفق.
ادرس ما شئت من المستندات التاريخية الثابتة للمسألة، فهل ترى نزاعاً مادياً؟ أو ترى اختلافاً حول فدك بمعناها المحدود و واقعها الضيق أو ترى تسابقاً على غلات أرض مهما صعد بها المبالغون و ارتفعوا؟ فليست شيئاً يحسب له المتنازعان حساباً.
كلا !. بل هي الثورة على اسّس الحكم و الصرخة التي أرادت فاطمة أن تقتلع بها الحجر الأساسي الذي بنى عليه التاريخ بعد يوم السقيفة.
و يكفينا لإثبات ذلك أن نلقي نظرة على الخطبة التي خطبتها الزهراء في المسجد أمام الخليفة و بين يدي الجمع المحتشد من المهاجرين و الأنصار فإنها دارت أكثر ما دارت حول امتداح علي و الثناء على مواقفه الخالدة في الإسلام و تسجيل حق أهل البيت الذين وصفتهم بأنّهم الوسيلة إلى الله في خلقه و خاصته و محل قدسه و حجته في غيبه و ورثة أنبيائه في الخلافة و الحكم و إلفات المسلمين إلى حظهم العاثر و اختيارهم المرتجل و انقلابهم على أعقابهم، و ورودهم غير شربهم، و إسنادهم الأمر إلى غير أهله، و الفتنة التي سقطوا فيها، و الدواعي التي دعتهم إلى ترك الكتاب و مخالفته فيما يحكم به في موضوع الخلافة و الإمامة.
فالمسألة إذن ليست مسألة ميراث و نحلة إلا بالمقدار الذي يتصل بموضوع السياسة العليا، و ليست مطالبة بعقار أو دار، بل هي في نظر الزهراء مسألة إسلام و كفر، و مسألة إيمان و نفاق، و مسألة نص و شورى.
و كذلك نرى هذا النفس السياسي الرفيع في حديثها مع نساء المهاجرين و الأنصار، إذ قالت فيما قالت: "أين زحزحوها عن رواسي الرسالة. و قواعد النبوّة، و مهبط الروح الأمين و الطبين بأمر الدنيا و الدين ألا ذلك هو الخسران المبين، و ما الذي نقموا من أبي حسن نقموا والله نكير سيفه، و شدة وطأته، و نكال وقعته، و تنمره في ذات الله، و تالله لو تكافؤا عن زمام نبذه إليه رسول الله (صلى الله عليه و آله) لاعتلقه و سار إليهم سيراً سجحا لا تكلّم حشاشه، و لا يتعتع راكبه، و لأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً تطفح فضفاضه، و لأصدرهم بطانا قد تحير بهم الرأي غير متحل بطائل إلا بغمر الناهل و ردعه سورة الساغب، و لفتحت عليهم بركات من السماء و الأرض، و سيأخذهم الله بما كانوا يكسبون، إلا هلم فاستمع و ما عشت أراك الدهر عجباً و ان تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي لجأ استندوا و بأي عروة تمسكوا، ﴿ ... لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ﴾ 6، و لـ ﴿ ... بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴾ 7 استبدلوا والله الذنابى بالقوادم و العجز بالكاهل فرغماً لمعاطس قوم ﴿ ... يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ 8، ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ 9، و يحهم، ﴿ ... أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ 10 ، 11.
- 1. صحيح البخاري: 510، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، طبعة دار ابن حزم، القاهرة / مصر، الطبعة الأولى سنة: 1429 هجرية، 2008 ميلادية.
- 2. أنظر: صحيح البخاري : كتاب بدء الخلق.
- 3. أخرجه البخاري وأحمد و أبو داود و مسلم.
- 4. أنظر: صحيح مسلم: باب مناقب فاطمة، مسند أحمد 4 / 5 ، المستدرك 3 / 323 ، و قال: صحيح على شرط الشيخين.
- 5. أنظر: المستدرك، الإصابة، كنز العمال عن أبي يعلى و الطبراني و أبي نعيم.
- 6. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 13، الصفحة: 333.
- 7. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 50، الصفحة: 299.
- 8. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 104، الصفحة: 304.
- 9. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 12، الصفحة: 3.
- 10. القران الكريم: سورة يونس (10)، الآية: 35، الصفحة: 213.
- 11. فدك في التاريخ: 64. و أنظر إلى تمام خطبة الزهراء (عليها السلام) في فضائل أمير المؤمنين (عليه السَّلام): 62، لإبن عقدة الكوفي، أحمد بن محمد المتوفى سنة: 332 هجرية، الطبعة الأولى سنة: 1424، قم / إيران.