مجموع الأصوات: 33
نشر قبل سنة واحدة
القراءات: 1072

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

السيد المرتضى

من سلسلة حماة الإسلام: السيد المرتضى

علي بن الحسين الموسوي أبوه الشريف أبو أحمد حسين نقيب الطالبيين في بغداد وابن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى الكاظم صلوات الله عليه.
فالجد السادس للسيد مرتضى هو الإمام السابع عليه السلام. سماه أبوه علياً ولقبه المرتضى حيث عرف بالسيد المرتضى. وعرف أيضاً بألقاب مختلفة "كعلم الهدى" و"ذو المجدين" و"أبو الثمانين".

وينقل قصص مختلفة بشأن لقبه بعلم الهدى، وأشهر هذه القصص تلك القصة التي ينقلها الشهيد الأول في كتاب "الأربعين" وهي:
مقتدراً للعباسيين. وفي سنة 420 مرض مرضاً شديداً وطال عليه، حتى رأى أمير المؤمنين عليه السلام في عالم الرؤيا وهو يقول له: "قل لعلم الهدى لكي يدعو لك بالشفاء" ويقول محمد الوزير إنني سألت أمير المؤمنين عليه السلام عن علم الهدى فقال: علي بن الحسين الموسوي، استيقط الوزير من نومه ثم كتب رسالة إلى السيد المرتضى وعرفه في تلك الرسالة بذلك اللقب. فأجابه السيد في رسالة: الله الله في أمري، فإن قبولي بهذا اللقب شناعة عليّ". لأنه كان يرى نفسه أقل من هذا اللقب.
فأجابه الوزير: والله لم آتِ بشيء من غير أمير المؤمنين بشأنكم. وأما سبب لقبه بـ"أبو الثمانين".
فقد نقل أنه كان يمتلك مكتبة فيها ثمانون ألف كتاب، وقد صنف ثمانين كتاباً وعاش 81 سنة.

ولد في شهر رجب سنة 355هـ في بغداد. وقد عده علماء السُنَّة مجدد المذهب الجعفري في رأس القرن الرابع الهجري.

مقامه العلمي والعملي

لعل أحد أكبر افتخارات الشيعة هو أن جميع الفرق والمذاهب الإسلامية وغير الإسلامية على اختلافها تعظم الشخصيات العلمي لعلماء الشيعة وتظهر العجز في وصفهم. ونحن نفتخر كثيراً أن عظماءنا كانوا على لسان الخاص والعام ومورداً للاحترام والتقدير بشكل لا نظير له من قبل علماء المسلمين وغيرهم.

يقال أن والد السيد المرتضى سأله يوماً: إلى أية درجة تود أن تصل؟ فأجابه السيد وكان صغيراً لسن: أريد أن أصل إلى مقامك ومرتبتك.
قال له والده: إذا كانت همتك بهذا المقدار فلن تصل إلى أي مقام فأنت عليك أن تسعى لتكون مثل جدك أمير المؤمنين وعندها تصل إلى مقام عالٍ.

ولم يكن لقب أمير المؤمنين عليه السلام للسيد المرتضى بعلم الهدى جزافاً فقد أصبح هذا الإنسان في السن 27 مرجعاً في الفقه والكلام يختلف إليه طلاب العلوم، بل علماء المسلمين في كافة الأقطار والبلدان الإسلامية فهو مما لا شك أحد أعظم علماء الشيعة، كما يظهر هذا الأمر من تأليفاته الكثيرة، فد كان وحيد عصره في الكلام، الفقه، الأصول، التفسير، الفلسفة، الهيئة، الأدبيات واللغة.

لقد اعتلى المرتضى سدة الزعامة العلمية وأصبح رئيس الإمامية وعلامة العصر. يقول العلامة الحلي عنه:
"لقد استفاد الشيعة حتى زماننا هذا (693هـ) من كتبه. وهو ركن التشيع وأستاذ هذه الطائفة العظيمة. جزاه الله عنا خيراً".
قبل وصوله إلى مقام الزعامة والقيادة للشيعة، كان السيد المرتضى يُسأل كثيراً، أحياناً تحت عنوان الاستفتاء وأحياناً لأجل اختباره وامتحانه ولكنه لم يعجز يوماً واحداً. وكان السيد يكتب هذه الأجوبة بنفسه أحياناً أو يقوم بذلك طلابه. وقد جمعت هذه الإجابات وصارت كتباً مثل:"المسائل الموصلية"، "المسائل الطرابلسية"، "مسائل أهل مصر"، "المسائل الجرجانية"، "المسائل الديلمية"، وغيرها.
وباختصار يمكن أن نصف هذا العالم العظيم كمكتبة عظيمة تجمع كافة العلوم والمعارف أو كجامعة تحتوي على كليات عديدة.

مع اعتناء السيد المرتضى بالفقه والكلام، إلا أنه كان يقيم مجالس الأدب ونقد الشعر، وكتابة "الغرر والدرر" المعروف "بأمالي السيد المرتضى" وهو من أفضل الكتب الأدبية في الإسلام، وديوانه في الشعر يصل إلى عدة مجلدات، وقد نقل أن الشيخ المفيد 1 (أستاذ السيد المرتضى) كان يحضر أحياناً في مجلس درس السيد. فكان السيد يقوم من فوره ليجلس أستاذه، ولكن الشيخ المفيد لم يكن يقبل ويصر عليه أن يستمر بالتدريس فيبتهج بدرسه ومع أنه كان زعيم الشيعة في عصره إلا أنه كان يجلس جلسة التلميذ.
ذكر في كتاب الشافي: "كان السيد المرتضى عند بداية تأليفه لكتاب ما وقبل أن ينهيه يفاجأ بانتشاره بين الناس بحيث يخرج الأمر من يده ولا يقدر على تجديد النظر فيه".
لقد كان للسيد علاقة مميزة بالعلم وطلاب العلوم بحيث أنه عين شهرية لطلابه ومرتباً خاصاً، ولعله كان أول من يعين حقوقاً خاصة لطلاب الحوزة الدينية. لقد كان مجلس درسه متميزاً لأنه كان متمكناً من كافة العلوم ويدرسها.
ذكر الشيخ البهائي في "الكشكول": في إحدى سنوات عصر السيد حدث قحط شديد في المنطقة، فجاء يهودي يريد النجاة من الموت إلى مجلس السيد وطلب منه أن يدرسه علم النجوم. فعين له درساً يومياً وأعطاه حقوقاً. لقد جذبت أخلاق السيد وتعامله هذا اليهودي إلى درجة أنه أسلم بعد فترة وجيزة. وينقل ابن خلكان في تاريخه عن ابن هشام: "الشريف السيد المرتضى إمام أئمة العراق على اختلافهم واتحادهم. كان العلماء يختلفون إليه وينهلون من علمه. فانتشرت أخباره وتناقلت الألسن أشعاره وأصبحت فضائله مشهورة".

تأليفاته

لقد ذكروا للسيد المرتضى أكثر من ثمانين كتاباً علمياً وأدبياً نشير إلى بعضها:
في الفقه والأصول:
1- "الانتصار" ويحتوي على 319 مسألة فقهية طبع في إيران مرتان وهو من أقدم الكتب الفقهية الشيعية.
2- "الذريعة إلى أصول الشيعة": مع وجود تأليفات في الأصول والفقه كتبت قبل السيد على يد ابن الجنيد والشيخ المفيد، ولكنها كانت مختصرة جداً. وأول من صنف وألف في أصول الفقه بشكل موسع ومفصل هو السيد المرتضى ونقل فيه إضافة إلى الأبواب المختلفة في الأصول آراء علماء العامة.
3- شرح مسائل الخلاف في أصول الفقه.
4- المصباح في الفقه.
في التفسير والقرآن:
1- كتاب المعرفة في إعجاز القرآن.
2- المحكم والمتشابه.

في علم الكلام:
1- إنقاذ البشر من الجبر والقدر.
2- تنزيه الأنبياء والأئمة.

 في العقائد:
1- الشافي في الإمامة.
2- الأصول الاعتقادية.

 في الأدب:
1- غرر الفوائد ودرر القلائد أو أمالي المرتضى.
2- ديوان المرتضى.
وعشرات الكتب الأخرى في كافة المجالات.

وفاته

بعد 81 سنة من العطاء العظيم في خدمة الإسلام والمسلمين وفي الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة 436هـ توارى القمر المنير والبدر الساطع ورحل إلى الرفيق الأعلى إلى جوار جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأجداده الأطهار عليهم السلام.
جزاه الله عنا خير الجزاء2

 

  • 1. شاهد الشيخ المفيد ذات ليلة في عام الرؤيا أنه جالس في مسجد الكرخ وهو من مساجد بغداد، وإذا بالسيدة الزهراء عليه السلام ممسكة بيدي الحسن والحسين عليه السلام تتقدم نحو الشيخ قائله له: أيها الشيخ علِّمهما الفقه.
    فاستيقظ الشيخ من نومه حائراً في ذلك.. وقال: ما منزلتي حتى أعلِّم الإمامين... لكنه رأى الأئمة عليهم السلام، وذلك يعني أن الحلم ليس شيطانياً. فذهب في الصباح إلى المسجد فرأى أم السيد المرتضى قد أقبلت مع جاريتها وقد أخذت بيدي السيدين المرتضى والرضي فأتت بهما إليه وقالت: "أيها الشيخ علّمهما الفقه"
    عندها عرف الشيخ تفسير رؤياه، فبالغ في احترام هذين السيدين.
  • 2. المصدر: مجلة بقية الله، العدد 6.