الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ثقافة التطوع في مجتمعنا

إن حيوية أي مجتمع أو ركوده منوط بمستوى الثقافة السائدة لديه، فإذا كان المجتمع تسوده ثقافة منتجة ومتحركة وواعية فإنه يكون مجتمعاً حيوياً ومتحركاً ومتقدماً، أما إذا كانت الثقافة السائدة في المجتمع هي ثقافة سلبية ومتخلفة فان المجتمع سيصاب بالركود وانعدام الفاعلية.

وثقافة التطوع هي جزء لا يتجزأ من مفهوم الثقافة بالمعني العام ، وتساهم انتشار هذه الثقافة في أي مجتمع في تحريكه ودفعه نحو المزيد من الإنجاز والإنتاج في ميادين ومجالات العمل التطوعي؛ أما عندما تكون ثقافة التطوع غائبة من الساحة الاجتماعية، أو سائدة لدى نخبة من أبناء المجتمع فقط فان النتيجة لن تكون في صالح تقدم وتطور العمل التطوعي.
وفي الثقافة الإسلامية حظي العمل التطوعي بمكانة عالية من الاهتمام إذ نجد الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث على كفالة الأيتام ، ومساعدة المحتاجين والمعوزين والفقراء، ومد يد المساعدة للعاجزين والمعوقين، والمساهمة في التعليم ونشر العلم ، والحفاظ على البيئة ، والمشاركة في العمران والتطوير... إلى آخر ما هنالك من مجالات متعددة ومتنوعة للعمل الخيري والتطوعي.
ولا تكتفي ثقافة العمل التطوعي في الإسلام بالحث والتحريض على ذلك ، بل تجعل من عمل الخير مصداقاً من مصاديق العبادة ، كما تجعل من الساعي في قضاء حاجات إخوانه المؤمنين كالمتشحط بدمه في سبيل الله تعالى.
ومع كل ما تمتلكه ثقافة التطوع في الإسلام من مخزون ثقافي وقيمي محفز ودافع للانخراط في مجالات العمل التطوعي إلا أن الملاحظ في مجتمعنا هو تدني التفاعل مع مجالات العمل التطوعي ومؤسساته ولجانه. ويعود السبب في ذلك لأسباب عديدة من أبرزها:

  1. غياب ثقافة التطوع لدى الكثير من الناس، وعدم إدراك المضامين النبيلة لأهداف الأعمال التطوعية ، وعدم وضوح فوائد ومكتسبات العمل الخيري والتطوعي
  2. اهتمام الأفراد بالقضايا الخاصة ، وعدم إعطاء أية أهمية لقضايا المجتمع والمصلحة العامة للأمة.
  3. وجود معوقات ومشاكل تعترض طريق العاملين في الأعمال التطوعية مما يدفع بالكثير إلى الابتعاد عن المشاركة في الأعمال التطوعية.
  4. اختلاف الأولويات حيث يتجلى ذلك في التركيز على قضايا تقليدية للعمل التطوعي وإهمال جوانب مهمة تحتاج إلى المزيد من الرعاية والاهتمام.
  5. تقليدية بعض قيادات العمل التطوعي وعدم قدرتها على إنتاج خطاب ثقافي تطوعي قادر على التجديد والفاعلية والتجاوب مع متغيرات العصر.

ولكي نستطيع تجاوز ذلك، لابد من تفعيل ثقافة التطوع على المستويين النظري التأصيلي والعملي التطبيقي في البنية الاجتماعية وهذا يتطلب مايلي:

  1. صياغة خطاب ثقافة التطوع بأسلوب جديد قادر على التأثير في الأجـيال المعاصرة.
  2. التركيز على فوائد ومكتسبات العمل التطوعي للأفراد المتطوعين، كي تزداد القناعة بأهمية المشاركة في الأعمال التطوعية.
  3. ترتيب الأولويات في العمل التطوعي بما يناسب كل مجتمع وأمة، وبما يساهم في تلبية الحاجات الجديدة للمجتمع ، وعدم الاكتفاء بالأعمال التقليدية كدعم الفقراء والمحتاجين؛ وإن كان هذا من صلب الأعمال التطوعية، إلا إنه توجدالآن أيضاً قضايا مهمة ورئيسة كدعم المتفوقين دراسياً، والمساهمة في تشغيل العاطلين عن العمل ، ودعم الإنتاج الفكري والثقافي ... إلخ.
  4. استقطاب عناصر جديدة للأعمال التطوعية لبعث روح جديدة فـيها، وإنتاج الأفكار الجديدة ، والبرامج الجديدة ، وهذا يتطلب منح الفرصة لقيادات جديدة مــؤهلة لقيادة المشاريع التطوعية.
  5. العمل على تجاوز العقبات والمشاكل التي تعترض طريق العمل الخيري والتطوعي، وتشجيع المتطوعين ودعهم معنوياً ومادياً لكي يزدادوا نشاطاً و إنتاجاً.

وبهذه الخطوات يمكن دفع العمل التطوعي في مجتمعنا إلى المزيد من الإنجاز والعطاء والفاعلية 1.

  • 1. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالله اليوسف (حفظه الله) - 12 / 11 / 2010م - 7:57 م.