الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

عقيدتنا في المجتهد

وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط: إنّه نائب للامام (عليه السلام) في حال غيبته 1، وهو الحاكم والرئيس المطلق، وله ما للإمام في الفضل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الامام، والراد على الامام راد على الله تعالى، وهو على حدّ الشرك بالله، كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت (عليهم السلام)2.

فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعاً في الفتيا فقط، بل له الولاية العامة 3، فيُرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصّاته؛ لايجوز لاَحد أن يتولاّها دونه، إلاّ بإذنه، كما لا تجوز إقامة الحدود والتعزيرات إلاّ بأمره وحكمه 4.

ويرجع إليه أيضاً في الاَموال التي هي من حقوق الامام ومختصّاته 5.

وهذه المنزلة أو الرئاسة العامّة أعطاها الاِمام (عليه السلام) للمجتهد الجامع للشرائط؛ ليكون نائباً عنه في حال الغيبة، ولذلك يسمّى «نائب الاِمام» 6.

 

 

  • 1. راجع الهامش (6) من الصفحة 241 (عقيدتنا في الاجتهاد).
  • 2. الاحتجاج: 2|260 ح232، الكافي: 1|54 ح10.
  • 3. (ولاية الفقيه) تعبير عن السلطة الشرعية والسيادة القانونية للمجتهد الجامع للشرائط، الذي يعتبر امتداداً لرسالة الامامة، ولم تكن من مستحدثات العصور الحديثة، بل إنّ تأصيل هذه النظرية يمتد بجذوره إلى عصر صدر الاسلام وعصور الاَئمّة المعصومين (عليهم السلام)، وهي في امتدادها للامامة تماثلها من حيث الوظائف العامة وتفترق عنها بما يتّصل بالنص الخاص على كل فقيهٍ فقيه، وبالعصمة الموقوفة على النبي (صلّى الله عليه وآله) والاَئمّة الاثني عشر من بعده (عليهم السلام)، حيث أنّ العصمة والنص من المختصات للمعصومين (عليهم السلام).

    ولا بد من معرفة الحكمة من هذه الولاية العامة في عصر الغيبة، فهي تعني قيام الحجة على الناس، والقيادة الزمنية لرعاية مصالح العباد وإدارة شؤونهم في ضوء ما تقتضيه أحكام الشريعة الاسلامية، ومن غاياتها السامية حفظ الاَحكام الشرعية؛ ذلكم أنّ مهمة التشريع في الاسلام منقطعة إليه تعالى فهي مهمة الخالق القدير، وأمّا المسائل الشرعية في مختلف جوانب الحياة ـ وخاصة في الحوادث الواقعة ـ فلا تعدو كونها مصاديق لاَحكام سبق الانتهاء من صدورها وابلاغها من قبل النبي الاَكرم (صلّى الله عليه وآله) في حياته.. وروي عن الاِمام المهدي عجل الله تعالى فرجه: «وأمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا؛ فإنّهم حجّتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم».

    لاحظ: الامامة حتى ولاية الفقه: 51.

  • 4. يدل عليه رواية عمر بن حنظلة؛ حيث قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنّما يأخذه سحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً له؛ لاَنّه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: ﴿ ... يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ... قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً؛ فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانّما استخف بحكم الله، وعلينا ردّ والرّاد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله».

    راجع الوسائل: 27|136 ح33416، الكافي: 1|54 ح10، الاحتجاج: 2|260 ح232، تهذيب الاحكام: 6|218 ح514 و301 ح 845، والآية: النساء 4: 60.

  • 5. ويقصد بالاَموال: الزكاة والخمس:

    الزكاة: وهي من ضروريات الدين. وقد ورد في جملة من الاَخبار أنّ مانع الزكاة كافر، وأنّ من لا زكاة له لا صلاة له. ووجوبها في تسعة أشياء هي:

    1 ـ الاَنعام الثلاثة: أ ـ الابل. ب ـ البقر. جـ ـ الغنم.

    2ـ النقدين: أ ـ الذهب. ب ـ الفضة.

    3ـ الغلات االاربع: أ ـ الحنطة. ب ـ الشعير. جـ ـ التمر د ـ الزبيب.‌

    وهي تؤخذ في كل عام من هذه التسعة بنسب، وبشروط مذكورة في محالّها، ولا تجب في غير هذه التسعة، إلاّ أنّها تستحب في مال التجارة والخيل وما تنبت الاَرض من الحبوب وغيرها. وتُصرف هذه الاَموال على ثمانية أصناف هي: 1 ـ الفقير 2 ـ المسكين 3ـ العاملين عليها 4ـ المؤلفة قلوبهم 5ـ الرقاب 6ـ الغارمين 7ـ سبيل الله ـ وهو جميع سبل الخير، وقيل خصوص ما فيه مصلحة عامة ـ 8 ـ ابن السبيل ـ وهو المسافر الذي نفدت نفقة، أو تلفت راحلته بحيث لا يقدر على الذهاب إلى وطنه ـ وإن كان غنياً، ولا شيء من أحكام الزكاة عند الامامية إلا وهو موافق لمذهب من المذاهب الأربعة المعروفة. ولزيادة الاطلاع، راجع: العروة الوثقى: 2/ 87 ـ 134، المسائل المنتخبة للسيد السيستاني: 213 ـ 233، اصل الشيعة واصولها ـ الطبعة المحققة لمؤسسة الامام علي (عليه السلام) ـ: 243.

    الخمس: وهو عند الامامية حق فرضه الله تعالى لآل محمد (صلى الله عليه وآله) عوض الصدقة التي حرمها عليهم من الزكاة. والأصل فيه قوله تعالى:﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ... . وهو يجب في سبعة اشياء:

    1ـ الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب بمقاتلتهم بإذن الإمام.
    2ـ المعادن، من الذهب والفضة والرصاص وما شابهها.

    3ـ الكنز.
    4ـ الغوص أي إخراج الجواهر من البحر.

    5ـ المال الحلال المخلوط باحرام على وجه لا يتميز مع الجهل بصاحبه وبمقداره.
    6ـ الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم.

    7ـ ما يفضل عن مؤونة السنة ومؤونة العيال من ارباح التجارات والمكاسب.
    ويقسم على ستة أقسام: 1ـ لله 2ـ للنبي 3ـ للامام. وهذه الاسهم الثلاثة مختصة بالامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه. 4ـ الأيتام.5ـ المساكين. 6ـ أبناء السبيل.

    وللمزيد من التوضيح راجع العروة الوثقى: 2/ 170 ـ 199، المسائل المنتخبة للسيد السيستاني 239 ـ 251، أصل الشيعة واصولها: 245 وكافة كتب الفقه والرسائل العملية.

  • 6. المصدر: كتاب عقائد الإمامية، للشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله.