الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما نزل في سورة البينة في شأن فاطمة عليها السلام

قوله تعالى:

﴿ ... وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ 1

روى البرقي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: في قوله تعالى: ﴿ ... وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ 1 فقال: هي فاطمة (عليها السلام) 2.

بيان:

الآية مبينة للمراد من الدين المرضي عند الله تعالى، وهي تفسير لجامع الدين الذي تدخل تحته عناوين عبادية مفترضة كالصلاة، والزكاة، والصيام، والاتيان بهذه العباديات محصلته هو الدين القيم الذي أراده الله تعالى ونهى عن الإتيان بغيره، فقال: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ 1 فما علاقة فاطمة (عليها السلام) إذن بوصفها دين القيمة؟
والجواب على ذلك يستدعي استذكارنا إلى أمر مهم سبقت الإشارة إليه 3، إذ قلنا: إن الولاية تمثل المحصلة الكبرى لمجموع الفرائض والطاعات عبادية أو غيرها، وأشرنا إلى أن هذه الأعمال المأمور بها المكلف تؤطرها وحدة عبادية مهمة، وهي ولاية محمد وآل محمد (عليهم السلام)، إذ بدون ذلك لا يصح من المكلف الإتيان بشئ، فولايته لأولياء الله المفترضة طاعتهم من الله تعالى ولاية لله تعالى فكيف يأتي بأعماله المشروط بها القربية لله تعالى وهو بعد ذلك معاد لأولياء الله، والتي تعني عداوته له تعالى؟ إذ ذلك مقتضى البعد والنفور عنه، فكيف يتم التقرب إليه بالعباديات المفروضة؟

وقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن أول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله عن الصلوات المفروضات، وعن الزكاة المفروضة، وعن الصيام المفروض، وعن ولايتنا أهل البيت، فإن أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه، وإن لم يقر بولايتنا بين يدي الله عز وجل لم يقبل الله منه شيئا من أعماله 4. ولما كانت فاطمة (عليها السلام) البرزخية بين النبوة والإمامة، كما ورد هذا المعنى في بعض زيارتها (عليها السلام)، فضلا عن كونها محل الإمامة وموضع أسرارها، وكونها أم الأئمة المعصومين، وحجة الله عليهم كما ورد عنهم صلوات الله عليهم، فقد مثلت ولايتها ولايتهم، التي هي ولاية الله تعالى، والتي بها تقبل الصلاة والزكاة والصيام، وذلك دين القيمة 5.

  • 1. a. b. c. القران الكريم: سورة البينة (98)، الآية: 5، الصفحة: 598.
  • 2. البرهان في تفسير القرآن 4: 489.
  • 3. سبقت الإشارة منا إلى ذلك في قوله تعالى ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ ...   إذ بينا أنها ولايتهم (عليهم السلام).
  • 4. البحار 27: 167.
  • 5. المصدر: کتاب ما نزل من القرآن في شأن فاطمة(ع) لسماحة السيد محمد علي الحلو.