الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ما نزل في سورة الفرقان في شأن فاطمة عليها السلام

قوله تعالى:
﴿ ... وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا 1

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وأغلق عليه وعليهم الباب، وقال: يا أهلي ويا أهل الله، إن الله عز وجل يقرأ عليكم السلام، وهذا جبرئيل معكم في البيت يقول: إن الله عز وجل يقول: إني قد جعلت عدوكم فتنة فما تقولون؟
قالوا: نصبر يا رسول الله لأمر الله وما نزل من قضائه، حتى نقدم على الله عز وجل ونستكمل جزيل ثوابه، فقد سمعناه يعد الصابرين الخير كله، فبكى رسول الله حتى سمع نحيبه خارج البيت، فنزلت هذه الآية ﴿ ... وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا 1، إنهم سيصبرون كما قالوا صلوات الله عليهم 2. ومثله ما أخرجه في البرهان 3.

قوله تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ... 4

في إحقاق الحق: قال ابن سيرين: نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي حين تزويج فاطمة (عليها السلام)5. وفي العمدة لابن البطريق عن الثعلبي مثله 6. وفي تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 7. وفي كشف اليقين لابن المطهر الحلي 8. وفي الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي عن أنس بن مالك 9. بيان:
وسيأتي ما يشير إلى ذلك في الآية التالية كون الآيات في السورة في مورد واحد، وهو ما يساعد عليه السياق.

قوله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ 10

روى الحاكم عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ 10.
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قلت: يا جبرئيل من أزواجنا؟
قال: خديجة.
وقال: من ذرياتنا؟
قال: فاطمة.
وقرة أعين؟
قال: الحسن والحسين.
قال: واجعلنا للمتقين إماما؟
قال: علي (عليه السلام)11. ومثله ما رواه المجلسي في بحاره بثلاث طرق 12.

وفي البرهان للمحدث البحراني 13 بيان:

تخصيص الآية بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من باب انطباق المفهوم على الفرد الأكمل، إذ يمكن أن يكون ذلك دعاء المؤمنين كذلك، إلا أن الذي يبلغ غاية الإمامة والاقتداء للمتقين لا يكون من سائر الأفراد، بل هو ممن خصه الله تعالى بمواهبه الإلهية فصار للمتقين سببا للاقتداء والإمامة، ولا ينطبق ذلك إلا على علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ودعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ﴿ ... وَاجْعَلْنَا ... 10 إذ عود الضمير له إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ ... وَأَنْفُسَنَا ... 14، فعلي نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبدعائه (صلى الله عليه وآله وسلم) لنفسه يصدق الدعاء لعلي (عليه السلام) كذلك.
وما رواه أبو بكر الشيرازي في رسالته " الاعتقاد " عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عمر في مورد نزول الآية قال: والله نزلت هذه الآية في حق علي (عليه السلام)، حيث دعا بهذا الدعاء، وقوله تعالى: ﴿ ... هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا ... 10 أي فاطمة، ﴿ ... وَذُرِّيَّاتِنَا ... 10 (وذرياتنا)  أي الحسن والحسين (عليهم السلام)15. فما رواه في كون ذلك في علي (عليه السلام) لا ينافي ما أوردته الرواية السابقة من أن ذلك دعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك لوحدتهما - كما أشرنا - مصداقا لقوله تعالى: ﴿ ... وَأَنْفُسَنَا ... 14 16.

 

  • 1. a. b. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 20، الصفحة: 361.
  • 2. تأويل الآيات 1: 371 للسيد شرف الدين الأسترآبادي.
  • 3. البرهان في تفسير القرآن 3: 158.
  • 4. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 54، الصفحة: 364.
  • 5. إحقاق الحق 20: 142.
  • 6. العمدة لابن البطريق: 151.
  • 7. تفسير البحر المحيط 6: 507 مطبعة السعادة مصر.
  • 8. كشف اليقين: 393 وزارة الإرشاد الإسلامي طبعه أولى 1411 ه‌.
  • 9. الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 27.
  • 10. a. b. c. d. e. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 74، الصفحة: 366.
  • 11. شواهد التنزيل للحاكم النيسابوري 1: 539.
  • 12. البحار 24: 134.
  • 13. البرهان في تفسير القرآن 3: 177.
  • 14. a. b. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 61، الصفحة: 57.
  • 15. إحقاق الحق 14: 560.
  • 16. المصدر: کتاب ما نزل من القرآن في شأن فاطمة(ع) لسماحة السيد محمد علي الحلو.