الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

كيف يرضى علي بدفن النبي بين كافرين؟!

نص الشبهة: 

كيف يدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر، وهما ـ في نظركم ـ كافران؟! والمسلم لا يدفن بين الكفار، فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! لم يحفظه الله من مجاورة الكافرين في مماته ـ حسب زعمكم ـ. ثم أين علي «رضي الله عنه» من ذلك كله؟! لماذا لم يعارض هذا الأمر الخطير؟! يلزمكم: أن أبا بكر وعمر «رضي الله عنهما» مسلمان، وقد أنالهم الله هذا الشرف لشرفهم عنده وعند رسوله صلى الله عليه وسلم ـ وهذا هو الحق ـ، أو أن يكون علياً «رضي الله عنه» قد داهن في دينه!! وحاشاه عن ذلك. وإلا فكيف لنبي مختار أن يدفن معه كفره فجار كما تزعمون؟! وبصياغة أخرى للسؤال: كيف يقبل أمير المؤمنين علي بطل الأبطال والأسد الكرار أن يُدفن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بين كافرين كما تزعم الرافضة الفجار؟! وكيف لا يحفظ الله نبيه الأمين من هذا المكان الأثيم في زعم الشيعة؟! فأبو بكر وعمر في جواره بعد موته وهما رأس الكفر وصنما قريش كما يردد هؤلاء المجرمون؟! يقول شاعرهم الحقير في ذلك:

إلامَ أيها الـناس *** ستبقى هذه البدعـة

رسول الله مدفون *** و شيطانان في بُقعَـة

﴿ ... كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ...

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد..
أولاً: إن التعابير الواردة في السؤال، التي تصف أبا بكر وعمر بالكافرين، إساءة كبيرة للخليفتين أبي بكر وعمر. ولا يرضى الرافضة ولا أحد من المسلمين بإطلاق أمثال هذه العبارات عليهما، أما بعض الحمقى، ومحبوا إثارة الفتن، فلا ينبغي الإصغاء إليهم، ولا أخذ غيرهم بذنبهم.
ثانياً: إن ما يقوله الشيعة الإثنا عشرية: هو أن الخلافة قد زحزحت عن موضعها، وحصلت بها مخالفة للنص، وتخل عن البيعة المأخوذة من الصحابة يوم الغدير. ولم يستطع علي «عليه السلام» أن يعيد الأمور إلى نصابها، كما أنه «عليه السلام» لم يتصد للمنع من دفن أبي بكر وعمر عند قبر رسول الله «صلى الله عليه وآله».. إما لأجل عدم قدرته على المنع من ذلك، كما لم يستطع المنع من ضرب زوجته.. أو لأنه لم ير ضرورة للتصدي، أو لأسباب أخرى لا نعرفها.
ثالثاً: إن عثمان قد دفن في حُش كوكب، وهو من مقابر اليهود، ولم يستطع علي «عليه السلام» التدخل للمنع من دفنه في ذلك الموضع.. كما أنه لم يستطع المنع من قتله، رغم أنه أرسل ولديه الحسن والحسين « عليهما السلام » ليدافعا عنه..
رابعاً: من الذي قال: إن علياً «عليه السلام» كان يرى أبا بكر وعمر كافرين فاجرين ليجب عليه المنع من دفنهما عند رسول الله «صلى الله عليه وآله».
خامساً: إن الشعر الذي ذكره حول دفن أبي بكر وعمر في ذلك الموضع لم نسمع به إلا من هذا السائل، وعندما بحثنا عنه وجدناه في كتاب واحد، وهو الصراط المستقيم ج 3 ص 116، ونسبه إلى شاعر مجهول، فلعله من الغلاة ولعله من غيرهم، ولا يجوز الخلط بين ما يقوله الغلاة في حق أبي بكر وعمر، وما يقوله الشيعة الإثنا عشرية. فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى..
على أن ذكر الشيء في كتاب لا يعني بالضرورة أن مؤلف الكتاب يتبنى مضمونه، فضلاً عن أن ينسب إلى أهل نحلته كلهم، وأن الشيعة يتبنونه، وإلا لزم أن ننسب إلى ابن قتيبة، وصاحب العقد الفريد وسائر المؤلفين كل ما في كتبهم، حتى ما نقلوه عن الغير، أو ننسبه إلى أهل السنة ونعتبره من عقائدهم.

سادساً: لا يصح نسبة ما يذهب إليه شاذ معتوه، أو أحمق، أو مغفل إلى الفرقة التي ينسب نفسه إليها.. إذ ما أكثر الشاذين في آرائهم في جميع الفرق والمذاهب.. ولا تؤخذ الاعتقادات من هؤلاء الحمقى والجهال، ولا من أهل الأهواء. ومرضى القلب..
ولو صح ذلك، لصح أن يقال: إن أهل السنة قد هجوا فاطمة الزهراء «عليها السلام»، لأن ابن سكرة قد هجاها في شعره.
أو أنهم يتحملون وزر ما فعله يزيد من قتله الحسين وذريته، وسبيه بنات الرسول «صلى الله عليه وآله». وهجائه الرسول «صلى الله عليه وآله» في شعره، حيث قال:
لعبت هاشـم بالملك *** فلا خبر جـاء ولا وحي نزل
وكذلك الحال بالنسبة لعمران بن حطان الذي مدح ابن ملجم، لقتله علياً، فكان مما قال:
يا ضربة من تقي ما أراد بها *** إلا ليبلـغ من ذي العرش رضوانا
مع أن البخاري يروي في صحيحه: أن عمران بن حطان قال هذا..
أو ادعاء أن أهل السنة يتحملون المسؤولية عن قول أبي سفيان:
تلقفوها يا بني أمية تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من جنة ولا نار.
ولكننا لا نفعل ذلك، ونقول:
كل امرئ مسؤول عن أقواله وأفعاله، ولا نستحل أن ننسب ذلك إلى أهل نحلة هذا القائل أو ذاك.. إلا إذا رضيه علماؤهم وأساطينهم، وأدخلوه في عقائدهم وكتبهم الكلامية..
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 1.

  • 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ. ـ 2010 م.، الجزء الثاني، السؤال رقم (76).