أصلحوا أيها الكبار والعقلاء وتدخلوا ولا تلوذوا بالصمت تحت ضغط التقسيمات، والفرز الأعمى، فأحيانا تصل القضايا الاجتماعية إلى ذروتها، فلا يعرف دمارها الحدود المرسومة، ولا يسلم من شظاياها حتى أولئك الواقفين على التل بحثا عن السلامة، واستمتاعا بمشاهدة الحلبة في انتظار نتيجة كل جولة.
تعجبني عناوين بعض الكتب التي تتحدث عن الثروة وزيادتها وتنميتها، وعن تسويق المشاريع وطرق عرضها، لأني في قراءة بعضها أيام عطلي وتنزهي مع الأولاد أشعر كأنها تتناول بعض شئوني، مع أني ولله الحمد لست تاجراً، لكني أستفيد منها في أبعاد حياتي الأخرى.
ضمن تعليم ديننا التي تحترم المرأة وتقدرها وتحترم إنسانيتها، علينا أن ننصفها عمليا وميدانيا بجعلها شريكة معنا في مواقع القرار في النسبة المتاحة التي نتمتع بها.
ولا يزال بعض الرجال يرهقون زوجاتهم وبناتهم وأولادهم ضربا وأذى، ثم يبدون أشد الانزعاج لأن الزوجة شكت حالها إلى أب أو أخ أو قريب، والعذر هو العذر، والحجة هي الحجة، والتبرير واحد لا يتغير، أنها أخرجت أسرار البيت ونشرت غسيل العائلة، وكان يفترض بها أن تكون الأحرص على الصمت والسكوت حتى تموت كمدا.
مسارات الإحباط واليأس خطيرة وقاتلة لأن صاحبها لا يفكر بأدوات التفكير المطلوبة، ولا يتحرك ذهنه في الفضاء الواسع، بل إن طاقاته وإمكاناته تكون مختطفة، وأفقه يكون محدوداً وضيقاً، ومعادلاته يشوبها الاختلال وتفتقد الترابط والانسجام، كما أن المتحكم الأول والأخير فيه هو حالة الغضب والانفعال والتشفي. ك
الكثير من عصبيتنا والعديد من حروبنا وما لا يحصى من مواقفنا لوسألنا أنفسنا من المستفيد من كل ما قمنا به وعملناه؟ ومن صاحب المصلحة في كل الجهد والعناء الذي بذلناه؟ لربما توقفنا وعدنا نتأمل أنفسنا ونراجع حساباتنا.
هناك أبناء يخرجون عن السيطرة فلا تفيد فيهم النصائح والتعاليم، ولا يجدي معهم الإحسان والرأفة، وهناك أبناء مجتمع يخرجون عن النسق العام، ويتصرفون بعيدا عن آداب المجتمع ونظمه ومسلماته، وهناك أشخاص ينفلتون من كل قيد، ويتجاوزون كل الخطوط الحمر سواء الأدبية أو الأخلاقية وحتى تلك الخطوط التي يعرفها الإنسان بفطرته، فإنهم لا يقيمون لها وزنا، ولا يجعلون لها في أنفسهم مقاما.
مادامت المصلحة مشروعة والبحث عنها محموداً، سواء على الصعيد الشخصي أو على صعيد الفئات والجماعات، فإن المتدينين هم أولى الناس بالبحث عن المصلحة في حياتهم لدنياهم ولآخرتهم، مما يعني أن تسود بينهم سنة الاختلاف في هذا الأمر (المصالح) كغيره من الأمور.
«لا تتجلى النزعة الفطرية لدى الإنسان في شيء، كما تتجلى في نزوعه - من وراء جميع تصرفاته وأعماله - إلى تحصيل المنفعة لنفسه في الجملة، أي بقطع النظر عن كونها منفعة شخصية خاصة، أو منفعة عمومية شاملة له ولغيره.
لا نستطيع دائما أن نقف ضد الأبناء ونكيل لهم أصناف التهم في كل صغيرة وكبيرة، ثم نخرج أنفسنا من دائرة المسؤولية، فليس الولد دائما هو من نفر عن والديه وأسرته، وليس هو من مزق الشمل وفكك الجمع، لكن تشكّي الآباء وصراخهم ورغبتهم في أن يبقى الأولاد حولهم وحول أسرتهم هو الذي يحركنا بشكل تلقائي لتبرئة الأب واتهام الأبناء، ويغفلنا عن الواقع الذي يقول ان الكثير من الآباء يساهمون من حيث يشعرون أو لا يشعرون بتمزيق عوائلهم.
الأمن في مكة ليس خاصة تكوينية لها، بمعنى أنه تستعصي المعصية والجريمة فيها، ولا يمكن أن يقع فيها القتل والدمار والرعب والخوف، ذلك لأن الأحداث التاريخية التي وقعت في مكة تكذب ذلك.
وبقدر هذا الاشمئزاز من تلوث المكان المحيط بالإنسان فإن مجتمعاتنا مليئة بالشوق لتكون قريبة من مصادر تلويث السمعة ولتتعاطى معها وتتحرك في فلكها. وحدها سمعة الإنسان تعيش حالة اليتم والوحدة وعدم التبني من قبل أحد حين تتعرض للتلوث، بل إن الكثير من المحيطين بها يتسربون ويبتعدون عنها، لتواجه بمفردها محاولات الاعتداء عليها، وكأن الحفاظ على كل شيء أهم وأولى من الحفاظ على كرامة الإنسان.
أتمنى أحيانا لو أن أبنائي لم يشاركوني خروجي وتفسحي يوم الجمعة، فغالبا ما يسرعون بي للعودة إلى المنزل مرة أخرى وهم متبرمون (زهقنا، مللنا، طفشنا) إلى آخر كلماتهم التي تحرمني الاستمتاع والسعادة.
في فترة المراهقة يميل الشباب إلى الاستقلالية ميلا شديدا، فيصبح الرباط الأبوي القوي الذي كان بينه وبين أبويه ساحة صراع بين طبيعة الفترة التي يعيشها بميولها الاستقلالية وبين تاريخ طويل من الاستماع والإنصات للوالدين في فترتي الطفولة والصبا، وهذا الصراع غالبا ما ينتهي لمصلحة النزعة الاستقلالية عند الشاب، فيخرج من هيمنة الوالدين، وينفصل تدريجيا عنهما، ويتجلى ذلك في عدم تكبله بوقت الأكل معهما ولا بالسياحة أو السفر أو التنزه برفقتهما.
لو سألنا أنفسنا من المستفيد من عصبيتنا والعديد من حروبنا وما لا يحصى من مواقفنا المتشنجة؟ ومن صاحب المصلحة في كل الجهد الذي نبذله ضد بعضنا؟ لربما توقفنا وعدنا نتأمل أنفسنا ونراجع حساباتنا.
غطت السماء ملايين الدولارات التي صرفت على المفرقعات النارية في كل مكان من العالم العربي والإسلامي، وبدأت المسرحيات المسلية والمضحكة تعرض والناس يقبلون عليها أفواجا، فلا شيء يكدر خاطر هذه الأمة.
وإذا كانت حكمة الله اقتضت نظاما بموجبه تكون ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ... ﴾1، فإنها ارتضت لنا دينا وخلقا وسلوكا لا يتغير بتغير الشهور ولا يتبدل بتبدل الأزمان، ولا يتأثر بتعاقب الليل والنهار.