مجموع الأصوات: 71
نشر قبل 4 سنوات
القراءات: 10465

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

أقوال العلماء في ظهور المهدي ونزول عيسى آخر الزمان

قال الشوكاني: (إن الأحاديث الواردة في المهدي متواترة، والأحاديث الواردة في الدجال متواترة، والأحاديث الواردة في نزول عيسى متواترة)1.

وقال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود: (اعلم أن المشهود بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار، أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال بعده، وإن عيسى (ع) ينزل بعد المهدي، أو ينزل معه فيساعده على قتل الدجال، ويأتم بالمهدي في صلاته. وخرج أحاديث المهدي جماعة من الأئمة، منهم أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والبزار، والحاكم، والطبراني، وأبو يعلى، وإسناد أحاديث هؤلاء بين الصحيح والحسن والضعيف. وقد بالغ المؤرخ عبد الرحمن ابن خلدون في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدي كلها، فلم يصب، بل أخطأ)2.

وقال صاحب التاج الجامع للأصول: (اشتهر بين العلماء - سلفا وخلفا - أنه في آخر الزمان لا بد من ظهور رجل من أهل البيت يسمى بالمهدي، يستولي على الممالك الإسلامية، ويتبعه المسلمون، ويعدل بينهم، ويؤيد الدين، ولقد أخطأ من ضعف أحاديث المهدي كلها، وما روي من حديث: لا مهدي إلا عيسى، فضعيف كما قال البيهقي والحاكم وغيرهما)3.

وقال ابن كثير في البداية والنهاية: (لا شك أن المهدي الذي هو ابن المنصور ثالث خلفاء بني العباس ليس هو المهدي الذي وردت الأحاديث المستفيضة بذكره، وإنه يكون في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، وقد أفردنا للأحاديث الواردة فيه جزءا على حدة، كما أفرد له أبو داود كتابا في سننه)4.

وقال الحافظ الكتاني: (الأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياتها كثيرة جدا، تبلغ حد التواتر، وهي عند الإمام أحمد والترمذي وأبي داود وابن ماجة والحاكم والطبراني وأبي يعلى والبزار، وغيرهم من دواوين الإسلام من السفن والمعاجم والمسانيد، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة، وبعضها صحيح، وبعضها حسن، وبعضها ضعيف والأحاديث تشد بعضها بعضا، وأمر المهدي مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار، وأنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويسمى بالمهدي)5.

وقال الكتاني: (وفي شرح عقيدة السفاريني الحنبلي ما نصه: وقد كثرت بخروج المهدي الروايات حتى بلغت حد التواتر، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم، وقد رويت أحاديث المهدي عن الصحابة بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، مما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب، كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة)6.

قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم بعد أن أقام الحجة على المسيرة: (وأيم الله، لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها)7، وزاد في رواية: (لا يزيغ عنها إلا هالك)8، فالطريق واضح وضوح النهار، والله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون، وأخبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم بأن المسيرة ستشهد أنماطا بشرية يترتب على حركتها غربة الدين، وهذه النتيجة ترى في قوله صلى الله عليه و آله و سلم: (إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء)9.

قال النووي: (ظاهر الحديث، أن الإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشر وظهر، ثم سيلحقه النقص والاخلال حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة أيضا كما بدأ)10. وغربة الدين ترى في قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (الإسلام والسلطان أخوان توأمان، لا يصلح واحد منها إلا بصاحبه، فالاسلام أس (أي: أصل البناء)، والسلطان حارث، وما لا حارث له يهدم، وما لا حارث له ضائع)11، ولذلك كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يقول (إن رحى الإسلام دائرة، وإن الكتاب والسلطان سيفترقان، فدوروا مع الكتاب حيث دار)12 والنجاة في عالم الغربة بين النبي صلى الله عليه و آله و سلم دائرتها، عن أبي هريرة قال: (قالوا: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: أنا ومن معي، قالوا: ثم من؟ قال: الذي على الأثر، قالوا: ثم من؟ فرفضهم رسول الله)13.

وطائفة الحق على امتداد المسيرة لها أعلامها، ولا يضرها من خذلها أو عاداها، لأنها حجة بمنهجها وحركتها على الناس، وأخبر النبي صلى الله عليه و آله و سلم بأن هذه الطائفة تستقر أعلامها آخر الزمان، تحت قيادة المهدي المنتظر، وعيسى بن مريم (ع)، يقول النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك)14.

وقال: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس)15، وقال: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل أخرهم الدجال)16، وقال: (لا تزال طائفة من أمتي تقاتل على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم عند طلوع الفجر ببيت المقدس ينزل على المهدي)17، وفي رواية: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على من ناوأهم حتى يأتي أمر الله، وينزل عيسى (ع)18.

فمن هذه الأحاديث نرى أن طائفة الحق على امتداد المسيرة، تأخذ بأسباب الهدى، وتنطلق من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل، لا يضرها من عاداها أو من خذلها، حتى تستقر نهاية المطاف أمام فسطاط المهدي المنتظر.

والمهدي من أهل البيت، من أولاد علي وفاطمة رضي الله عنهما، قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (المهدي منا أهل البيت)19، وقال: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة) 20، و (اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه و آله و سلم21.

والمهدي يخوض معارك آخر الزمان، وسيفتح الصين22 والهند23 وجبل الديلم22، وسيقصم ظهر الروم، ويفتح القسطنطينية 24، ويقاتل اليهود وأميرهم الدجال حتى ينتهي أميرهم بالاستئصال، وقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (يظهر على كل جبار وابن جبار ويظهر العدل)25.
وفي منهج المهدي يقول النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (هو رجل من عترتي يقاتل على سنتي، كما قاتلت أنا على الوحي)26، وقال: (يعمل بسنتي)27، وقال صلى الله عليه و آله و سلم: (يبعث على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما)28، وقال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لبعث الله - عز وجل - رجل منا يملأها عدلا كما ملئت جورا)29. وعن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة، يقتلون ويخيفون المطيعين إلا من أظهر طاعتهم، فالمؤمن التقي يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه، فإذا أراد الله - عز وجل - أن يعيد الإسلام عزيزا، فصم كل جبار، وهو القادر على ما يشاء، أن يصلح أمة بعد فسادها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: يا حذيفة: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم، حتى يملك رجل من أهل بيتي تجري الملاحم على يديه، ويظهر الإسلام، لا يخلف الله وعده، وهو سريع الحساب)30.

وعن ابن مسعود قال: (قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطا كما ملؤوها جورا، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج)31.
وآخر الزمان يلتقي ابن علي بن أبي طالب، مع ابن مريم أخت هارون، يلتقي آخر أهل البيت في المسيرة الإسلامية، مع المسيح عيسى بن مريم آخر نبي في المسيرة الإسرائيلية، وكلاهما ظلمته مسيرة قومه، ولكن للعدل رداء على الوجود كله، ومن حكمة الله تعالى أن لا تنقضي الدنيا قبل أن يهيمن العدل على المسيرة البشرية، ليعلم الناس، وهم تحت سقف الامتحان والابتلاء، أن الحق سينتصر في النهاية، لأنه أصيل في الوجود، أما الباطل فطارئ لا أصالة فيه، الباطل زبد لا يمكث في الأرض، والباطل يطارده الله على امتداد المسيرة ولا بقاء لشئ يطارده الله. قال تعالى:﴿ ... وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ 32، وقال:﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ 33.

صدق الله العظيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين.

  • 1. عون المعبود: 11 / 458.
  • 2. المصدر نفسه: 11 / 362.
  • 3. التاج الجامع للأصول: 5 / 341.
  • 4. البداية والنهاية: 6 / 281.
  • 5. نظم المتناثر في الحديث المتواتر، ص: 226.
  • 6. المصدر نفسه.
  • 7. رواه ابن ماجة، كنز العمال: 11 / 370.
  • 8. رواه ابن أبي عاصم، كتاب السنة: 1 / 27.
  • 9. رواه مسلم، الصحيح: 2 / 177.
  • 10. رواه مسلم، شرح النووي: 2 / 177.
  • 11. رواه الديلمي، كنز العمال: 6 / 10.
  • 12. رواه الطبراني وابن عساكر، كنز العمال: 1 / 216.
  • 13. رواه أحمد، وقال في الفتح: رواه مسلم، الفتح الرباني: 23 / 219.
  • 14. رواه مسلم، والصحيح: 13 / 65.
  • 15. المصدر نفسه: 13 / 97.
  • 16. رواه الحاكم وصححه، المستدرك: 4 / 450.
  • 17. رواه أبو عمر الداني، عقد الدرر، ص: 220.
  • 18. رواه أحمد، والحاكم وصححه، وأبو داود، الفتح الرباني: 23 / 210.
  • 19. رواه أبو نعيم والحاكم وصححه، عقد الدرر، ص: 21، المستدرك: 4 / 557، عون المعبود: 11 / 375.
  • 20. رواه أبو داود، السنن: 2 / 422، والحاكم وابن ماجة، المستدرك: 4 / 557، التاج الجامع للأصول: 5 / 343، كنز العمال: 14 / 264، الحاوي، للسيوطي: 2 / 224.
  • 21. رواه أحمد والترمذي وأبو داود والحاكم، الفتح الرباني: 24 / 49، جامع الترمذي: 4 / 505.
  • 22. a. b. أنظر: عقد الدرر، ص: 224.
  • 23. أنظر: التاج الجامع للأصول: 5 / 325، عقد الدرر، ص 219.
  • 24. المصدر نفسة، ص: 211.
  • 25. رواه الطبراني، الزوائد: 7 / 315، الحاوي: 2 / 218.
  • 26. رواه نعيم بن حماد، الحاوي: 2 / 233، عقد الدرر، ص: 17.
  • 27. رواه أبو نعيم، عقد الدرر، ص: 156.
  • 28. قال الهيثمي: رواه الترمذي وغيره وأحمد وأبو يعلى، ورجالهما ثقات، الزوائد: 7 / 314، الفتح الرباني: 24 / 50.
  • 29. رواه أحمد أبو داود، الفتح الرباني: 24 / 49، عون المعبود: 11 / 373.
  • 30. رواه بن حماد أبو نعيم، عقد الدرر، ص: 63، الحاوي: 2 / 221.
  • 31. رواه ابن ماجة، حديث رقم 4082، والحاكم، المستدرك: 4 / 464، كنز العمال: 14 / 268.
  • 32. القران الكريم: سورة يوسف (12)، الآية: 21، الصفحة: 237.
  • 33. القران الكريم: سورة السجدة (32)، الآيات: 28 - 30، الصفحة: 417.