الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

بلال بن رباح أول مؤذن في الاسلام

بلال بن رباح 1 أول مؤذن في الإسلام
اسمه : بلال بن رباح الحبشي المؤذن لرسول الله صلى الله عليه و آله .
قال الشيخ الطوسي : بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و آله ، شهد بدراً ، و توفي بدمشق في الطاعون سنة 18 كنيته أبو عبد الله ، و قيل أبو عمرو ، و يقال أبو عبد الكريم ، و هو بلال بن رباح ، مدفون بباب الصغير بدمشق 2 .
أمه : حمامة . و يقال له : بلال بن حمامة . و هما واحد 3 . و أمه حمامة كانت لبعض بني جمح 4 .
كنيته : يكنى أبا عبد الله ، و قيل أبا عبد الكريم ، و قيل أبا عبد الرحمن ، و قال بعضهم يُكنى أبا عمرو 5 .
و قال ابن الأثير : بلال بن رباح . يكنى : أبا عبد الكريم ، و قيل: أبا عبد الله ، و قيل : أبا عمرو و أمه حمامة من مولدي مكة لبني جمح ، و قيل : من مولدي السراة 6 .
و كان مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه و آله ، شهد بدراً و أحداً و سائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، و آخى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بينه و بين عُبَيدة بن الحارث بن المطلب . و قيل بل آخى بينه و بين أبي رويحة الخثعمي 5 .

صفاته

عن مكحول قال حدثني من رأى بلالا ، رجلا آدم شديد الأدمة ، نحيفا طُوالا ، أجنأ 7 له شعر كثير ، خفيف العارضين ، به شمط كثير ، لا يغيره 8 .
قال ابن عبد البر : و كان فيما ذكروا آدم شديد الأدمة ، نحيفا طوالا أجنى خفيف العارضين . روى عنه عبد الله بن عمرو بن كعب بن عجرة ، و كبار تابعي المدينة و الشام و الكوفة .
و قال علي بن عمر روى عن بلال جماعة من الصحابة منهم : أبو بكر الصديق ، و عمر بن الخطاب ، و أسامة بن زيد ، و عبد الله بن عمر ، و كعب ابن عجرة ، و البراء بن عازب ، و غيرهم رضي الله عنهم 9 .
و قال الشيخ الصدوق : وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَمَلْتُ مَتَاعِي مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى مِصْرَ فَقَدِمْتُهَا فَبَيْنَمَا أَنَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ طَوِيلٍ شَدِيدِ الْأُدْمَةِ أَبْيَضِ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ عَلَيْهِ طِمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ وَ الْآخَرُ أَبْيَضُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا بِلَالٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فَأَخَذْتُ أَلْوَاحاً فَأَتَيْتُهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ .
فَقَالَ : وَ عَلَيْكَ السَّلَام‏ . . . . 10 .

بلال كان يعذب

كان بلال بن رباح من المستضعفين من المؤمنين و كان يعذب حين أسلم ليرجع عن دينه فما أعطاهم قط كلمة مما يريدون و كان الذي يعذبه أمية بن خلف . . .
و كان بلال إذا اشتدوا عليه في العذاب قال أحد أحد ؛ فيقولون له قل كما نقول ، فيقول إن لساني لا يحسنه . . .
ثم إن بلالا أخذه أهله فمطوه و ألقوا عليه البطحاء و جلد بقرة فجعلوا يقولون ربك اللات و العزى و يقول أحد أحد 11 .
و قال ابن الأثير :
شهد بدراً و المشاهد كلها ، و كان من السابقين إلى الإسلام ، و ممن يعذب في الله عز و جل فيصبر على العذاب ، و كان أبو جهل يبطحه على وجهه في الشمس ، و يضع الرحا عليه حتى تصهره الشمس ، و يقال : أكفر برب محمد ، فيقول: أحد ، أحد ؛ فاجتاز به ورقة بن نوفل ، و هو ذعب و يقول ، أحد ، أحد ؛ فقال: يا بلال ، أحد أحد ، و الله لئن مت على هذا لأتخذن قبرك حناناً ) 6 .
و عن ابن اسحق قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه قال: كان ورقة بن نوفل يمر ببلال و هو يعذب على الإسلام ، و هو يقول أحد ، أحد ، فيقول ورقة: أحد ، أحد والله يا بلال لن تفنى ، ثم يقبل على من يفعل ذلك به من بني جمح و على أمية فيقول : أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا 12 .
معنى لأتخذن قبرك حنانا
قال ابن الأثير : و في حديث بلال [ أنه مَرَّ عليه وَرَقة بنُ نَوْفَل و هو يُعَذَّب فقال : واللّه لئن قتَلْتُموه لأتَّخِذَنَّه حَنَانا ]
الحنَان : الرَّحْمة و العَطْف و الحَنان الرِّزْق و البَركة . أراد : لأجْعَلنّ قَبْره موضع حَنَانٍ أي مَظِنَّة من رحمة اللّه فأتمَسَّح به مُتَبَرِّكاً كما يُتَمسَّح بقُبور الصالحين الذين قتِلوا في سبيل اللّه من الأمم الماضِية فيَرْجِع ذلك عاراً عليكم و سُبَّة عند الناس . و كان وَرَقةُ على دِين عيسى عليه السلام 13 .
و قيل: كان مولى لبني جمح ، و كان أمية بن خلف يعذبه ، و يتابع عليه العذاب ، فقدر الله سبحانه و تعالى أن بلالاً قتله ببدر ) 6 .

من الذي أعتقه ؟

يوجد خلاف بين المؤرخين و أصحاب الحديث في من أعتق بلالا ففريق يذهب إلى أن رسول الله صلى الله عليه و آله هو الذي أعتقه ، بينما يرى فريق آخر أن أبا بكر هو الذي أعتقه .
القول الأول : أن رسول الله صلى الله عليه و آله هو الذي اشتراه و أعتقه . حيث عبروا أنه مولى رسول الله أي عبده .
ذكر ذلك : الواقدي ، و ابن إسحاق ، و الشيخ الطوسي ، و الشيخ الصدوق ، و ابن داود ، و ابن أبي الحديد ، و الاسكافي و غيرهم .
قال الشيخ الطوسي في رجاله : بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و آله
شهد بدرا و توفي بدمشق في الطاعون سنة ثماني ( ثمان ) عشرة كنيته أبو عبد الله و قيل أبو عمرو [ و يقال أبو عبد الكريم ‏] . و هو بلال بن رباح مدفون بباب الصغير بدمشق 14 .
و قال ابن داود : بلال بن رباح ـ بالباء المفردة مولى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، ل ، ي ، كان صالحا [ جخ ‏] و قال [ كش ‏]: روى عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم حسب ، شهد بدرا و توفي في دمشق بالطاعون كنيته أبو عبد الله و قيل أبو عمرو و قيل أبو عبد الكريم 15 .
و نقل العلامة ما ذكره الكشي فقط .
و قال ابن أبي الحديد قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله : ( أما بلال و عامر بن فُهَيْرة ، فإنما أعتقهما رسول الله صلى الله عليه و آله ، روى ذلك الواقدي و ابن إسحاق و غيرهما ) 16 .
وروى الواقدي في كتاب فتوح الشام في قصة فتح بيت المقدس :
أن بلالا قال لعمرو بن العاص :
فتقدم إليه بلال بن حمامة مؤذن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كان غلاماً أسود طويلاً من الرجال كأنه النخلة السحوق بصاص من السواد ، عيناه جمرتان كأنهما العقيق جهوري الصوت .
فقال: يا عمرو أنا أسير إليه ، فقال: يا بلال إنك قد حطمك الحزن على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، . . . . .
فقال بلال : أيها القس أنا بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم و مؤذنه و لست بعاجز عن جواب صاحبك ، . . . . 17 .
فبلال يعبر عن نفسه أنه مولى رسول الله صلى الله عليه و آله و عتيقه .
كما قد تكرر في تاريخ ابن عساكر قوله عن محمد بن راشد بسنده عن بلال مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم 18 .

القول الثاني : أن الذي أعتقه هو أبو بكر .
ذكر ذلك أكثر المؤرخين و أهل الحديث و المترجمين لبلال و قالوا أن الذي اشتراه و أعتقه هو أبو بكر 19 .
و يبدو أن أول من قال ذلك هو أبو عثمان عمرو بن حرب الجاحظ ( ت 255 هـ ) في عثمانيته ، و رد عليه أبو جعفر الإسكافي كما تقدم عن ابن أبي الحديد .

كان من السابقين

روى الشيخ الصدوق في خصاله خبر السباق الخمسة :
و قال التستري و هو خبر موضوع لم يتفطن الخصال له .
و قال قد اعترف العامة بوضع خبر ( السباق الخمسة )
رواه الذهبي في ميزانه عن بقية و قال : ( السباق أربعة . . . . . ) ثم قال قال أبو زرعة ، و أبو حاتم : حديث باطل ، لا أصل له ) 20 .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بلال سابق الحبشة 21 .
و كان بلال يحمل العنزة 22 بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم العيد و الاستسقاء .
قال محمد بن عمر و شهد بلال بدرا و أحدا و المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم 23 .

وقتل من المشركين

شارك في قتل أمية بن خلف رأس الكفر 24 .
وأسر في بدر : أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة 25 .

مدحه و الثناء عليه

روى الكشي بسنده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال كان بلال عبدا صالحا 26 .
و قال الشيخ الصدوق وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما السلام أَنَّهُ قَالَ إِنَّ بِلَالًا كَانَ عَبْداً صَالِحاً .
فَقَالَ : لَا أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَتُرِكَ يَوْمَئِذٍ ( حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ) 27 .
و عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام .
فَقَالَ لَهُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ بِلَالٌ
قَالَ : وَ لِمَ ؟
قَالَ : لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ 28 .
و الظاهر أن القائل : ( إن أول من سبق إلى الجنة بلال ) هو الشامي كما استظهره الميرزا في منهج المقال : على مقتضى السياق 29 و السيد الخوئي في معجمه و التستري في قاموس الرجال ، و ليس الإمام الصادق كما استظهره المامقاني في تنقيح المقال 30 .
و نسب إلى الشيخ المفيد قوله : و كان بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه و آله فلما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله لزم بيته ولم يؤذن لأحد من الخلفاء ، و قال فيه أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام : رحم الله بلالاً فإنه كان يحبنا أهل البيت 31 .
و ذكره العلامة في الخلاصة في القسم الأول المعد للثقات 32 .
و ذكره العلامة المجلسي و وضع عليه علامة المدح 33 .
و نقل الوحيد البهبهاني في تعليقته مدحه 34 .
و ذكره في حاوي الأقوال في الحسان 35 .
و وثقه المامقاني في تنقيح المقال 30 .

علي عليه السلام يعلم بلالا الأذان

روى المشايخ الثلاثة الكليني و الصدوق و الطوسي أن جبرئيل هبط على رسول الله صلى الله عليه و آله بالأذان فعلمه علياً عليه السلام و أمر النبي صلى الله عليه و آله عليا أن يعلمه بلالا و أن الأذان توقيفي :
فقد روى الكليني و الطوسي بسند صحيح عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ :
لَمَّا هَبَطَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِالْأَذَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، كَانَ رَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَذَّنَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام وَ أَقَامَ ، فَلَمَّا انْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله .
قَالَ : يَا عَلِيُّ سَمِعْتَ ؟
قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : حَفِظْتَ ؟
قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : ادْعُ بِلَالًا فَعَلِّمْهُ .
فَدَعَا عَلِيٌّ عليه السلام بِلَالًا فَعَلَّمَهُ 36 .
و كذلك رواه الشيخ الصدوق عن منصور بن حازم .

بلال يؤذن على الكعبة

روى الواقدي قال :
حدثني علي بن عمر ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن سعيد ابن المسيب ، قال : لما قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم نسكه دخل البيت ، فلم يزل فيه حتى أذن بلالٌ بالظهر فوق ظهر الكعبة ، كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره بذلك .
فقال عكرمة بن أبي جهل : لقد أكرم الله أبا الحكم حيث لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول ! و قال صفوان بن أمية : الحمد الله الذي أذهب أبي قبل أن يرى هذا ! و قال خالد بن أسيد : الحمد لله الذي أمات أبي ولم يشهد هذا اليوم ، حين يقوم بلال بن أم بلال ينهق فوق الكعبة ! و أما سهيل بن عمرو و رجالٌ معه ، فحين سمعوا ذلك غطوا وجوههم .
حدثني إبراهيم بن إسماعيل ، عن داود بن الحصين ، قال: لم يدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم الكعبة في القضية ، قد أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأبوا و قالوا : لم يكن في شرطك . و أمر بلالاً فأذن فوق الكعبة يومئذٍ مرةً ولم يعد بعد ، و هو الثبت 37 .

امتناع بلال عن الأذان بعد رسول الله

تعددت الروايات من المسلمين من امتناع بلال عن الأذان لأحد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله إلا لفاطمة عليها السلام مرة و للحسنين عليهما السلام مرة أخرى .

الأذان الأول لبلال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله

قال الشيخ الصدوق : وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : امْتَنَعَ بِلَالٌ مِنَ الْأَذَانِ ، وَ قَالَ لَا أُؤَذِّنُ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، وَ إِنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام قَالَتْ : ذَاتَ يَوْمٍ إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ صَوْتَ مُؤَذِّنِ أَبِي عليه السلام بِالْأَذَانِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بِلَالًا فَأَخَذَ فِي الْأَذَانِ فَلَمَّا قَالَ : ( اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ) ، ذَكَرَتْ أَبَاهَا عليها السلام ، وَ أَيَّامَهُ فَلَمْ تَتَمَالَكْ مِنَ الْبُكَاءِ ؛ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ : ( أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ) شَهَقَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام ، شَهْقَةً ، وَ سَقَطَتْ لِوَجْهِهَا ، وَ غُشِيَ عَلَيْهَا .
فَقَالَ النَّاسُ : لِبِلَالٍ أَمْسِكْ يَا بِلَالُ فَقَدْ فَارَقَتِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله ، الدُّنْيَا وَ ظَنُّوا أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ ، فَقَطَعَ أَذَانَهُ وَ لَمْ يُتِمَّهُ ؛ فَأَفَاقَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام وَ سَأَلَتْهُ أَنْ يُتِمَّ الْأَذَانَ ؛ فَلَمْ يَفْعَلْ .
وَ قَالَ لَهَا : يَا سَيِّدَةَ النِّسْوَانِ إِنِّي أَخْشَى عَلَيْكِ مِمَّا تُنْزِلِينَهُ بِنَفْسِكِ إِذَا سَمِعْتِ صَوْتِي بِالْأَذَانِ فَأَعْفَتْهُ عَنْ ذَلِكَ 38 .

الأذان الثاني لبلال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله

قال ابن الأثير : ثم إن بلالاً رأى النبي صلى الله عليه و سلم في منامه و هو يقول: ( ما هذه الجفوة يا بلال ؟ ما آن لك أن تزورنا ) فانتبه حزيناً ، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه و سلم و جعل يبكي عنده و يتمرغ عليه ، فأقبل الحسن و الحسين ، فجعل يقبلهما و يضمهما ، فقالا له : نشتهي أن تؤذن في السحر ، فعلا سطح المسجد ، فلما قال : ( الله أكبر ، الله أكبر ) ارتجت المدينة ، فلما قال : ( أشهد أن لا إله إلا الله ) زادت رجتها ، فلما قال : ( أشهد أن محمداً رسول الله ) خرج النساء من خدورهن فما رئي يوم أكثر باكياً و باكية من ذلك اليوم 39 .
قال المزي : و يقال: إنه لم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه و سلم ، إلا مرة واحدة ، في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم ، و طلب إليه الصحابة ذلك فأذن ، ولم يتم الأذان ، و قيل: إنه أذن لأبي بكر الصديق خلافته 40 .

ما رواه في فضائل شيعة أهل البيت

قال ابن الأثير : روى كعب بن نوفل المزني ، عن بلال بن حمامة قال : " طلع علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم يضحك ، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ، ما أضحكك ؟
قال: " بشارة أتتني من الله عز وجل ، في أخي و ابن عمي و ابنتي ؛ أن الله عز و جل لما أراد أن يزوج علياً من فاطمة رضي الله عنهما أمر رضوان فهز شجرة طوبي فنثرت رقاقاً ، يعني صكاكاً ، بعدد محبينا أهل البيت ، ثم أنشأ من تحتها ملائكة من نور ، فأخذ كل ملك رقاقاً ، فإذا استوت القيامة غدا بأهلها ، ماجت الملائكة في الخلائق ؛ فلا يلقون محباً لنا أهل البيت إلا أعطوه رقا فيه براءة من النار ، فنثار أخي و ابن عمي فكاك رجال و نساء من أمتي من النار " .
أخرجه أبو موسى و قال : هذا حديث غريب لا طريق له سواه ، و بلال هذا قيل : هو بلال بن رباح المؤذن ، و حمامة: أمه نسب إليها 6 .

دقة بلال في الأذان

قال الشيخ الصدوق : وَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله : مُؤَذِّنَانِ أَحَدُهُمَا بِلَالٌ ، وَ الْآخَرُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ أَعْمَى وَ كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الصُّبْحِ .
و كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ بَعْدَ الصُّبْحِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِاللَّيْلِ فَإِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانَهُ فَكُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ بِلَالٍ ) 41 .
و قد روى الشيخ الصدوق بسنده عن بلال حديثاً طويلا في فضائل الأذان و المؤذنين و الصبر و التقوى و الزهد و غيرها 42 .

بلال من المشّفَعين

روى ابن شهر آشوب في [ المناقب ] قال : عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ 43 .
قَالَ يَعْنِي مَا تَنْفَعُ كُفَّارَ مَكَّةَ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ .
ثُمَّ قَالَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أُمَّتِهِ رَسُولُ اللَّهِ ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَ وُلْدِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فِي الرُّومِ الْمُسْلِمِينَ صُهَيْبٌ ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فِي مُؤْمِنِي الْحَبَشَةِ بِلَالٌ 44 .

بلال لصيق مع رسول الله

رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) وَ عِنْدَهُ صُهَيْبٌ وَ خَبَّابٌ وَ بِلَالٌ وَ عَمَّارٌ وَ غَيْرُهُمْ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ .
فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ أَ رَضِيتَ بِهَؤُلَاءِ عَنْ قَوْمِكَ ؟ أَ فَنَحْنُ نَكُونُ تَبَعاً لِهَؤُلَاءِ ؟
اطْرُدْهُمْ عَنْ بَيْتِكَ فَلَعَلَّكَ إِنْ طَرَدْتَهُمْ اتَّبَعْنَاكَ .
فَقَالَ صلى الله عليه و آله : ما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ .
فَقَالُوا : فَأَقِمْهُمْ عَنَّا إِذَا جِئْنَا فَإِذَا قُمْنَا فَأَقْعِدْهُمْ مَعَكَ إِنْ شِئْتَ .
فَقَالَ : نَعَمْ طَمَعاً فِي إِيمَانِهِمْ 45 .

وفاته و مدفنه

اختلف في سنة وفاته و في عمره كما اختلف موضع قبره فقيل :
قيل توفي في طاعون عمواس سنة 17 أو 18 ، و قيل توفي سنة 20 هـ وقيل 21 هـ .
و عمره 63 و قيل 70 سنة .
و اختلف في موضع قبره فقيل بمقبرة دمشق عند الباب الصغير ، و قيل بداريا ، و قيل بحلب و دفن على باب الأربعين 46 .
توفي بلال بدمشق سنة عشرين و دفن عند باب الصغير في مقبرة دمشق و هو بن بضع و ستين سنة و ذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه 23 .
و قال محمد بن سعد كاتب الواقدي : توفي بلال بدمشق ، و دفن بباب الصغير سنة عشرين ، و هو ابن بضع و ستين سنة ، و قيل: مات سنة سبع أو ثماني عشرة ، و قال علي بن عبد الرحمن : مات بلال بحلب ، و دفن على باب الأربعين ، و كان آدم شديد الأدمة ، نحيفاً طوالاً ، أجنى خفيف العارضين .
قال أبو عمر : و له أخ اسمه خالد ، و أخت اسمها : غفيرة ، و هي مولاة عمر بن عبد الله مولى غفرة المحدث ، ولم يعقب بلال 39 .

  • 1. مصادر ترجمته :
    رجال الكشي ص 110 رقم 79 ، رجال الطوسي ، رجال ابن داود ، التحرير الطاووسي لابن الشهيد الثاني ص 59 ، تنقيح المقال ج 13 ص 81 ، الخلاصة للعلامة ص 82 ، تعليقة الشهيد الثاني على الخلاصة ، تهذيب الحكام ج 2 ص 284 ، سفينة البحار ج 1 ص 386 ـ391 ، قاموس الرجال ج 2 ص 392 ـ 400 رقم 1204 ، من لا يحضره الفقيه ، الخصال للشيخ الصدوق ، روضة الواعظين ج 14 ص 68 ، حاوي الأقوال ج 3 ص 97 ، منتهى المقال لأبي علي الحائري ج 2 ص 176 ، منهج المقال ج 3 ص 90 ، رجا ل المجلسي ص 170 رقم 301 ، الطرائف لابن طاووس ، معجم رجال الحديث ج 4 ص 270 ، نقد الرجال للتفريشي ج 1 ص 302 رقم 808 .
    طبقات ابن سعد : 3 / 232 ، 7 / 385 ، المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 336 ـ 366 ، مسند أحمد بن حنبل ج 17 ص 159 حديث 23768 ـ 23806 و في طبع القديم ج 6 ص 12 ـ 15 ، و سير أعلام النبلاء : 1 / 347 ـ 360 رقم 76 ، الاستيعاب ج 1 ص 258 رقم 214 ، الإصابة ج 1 ص 455 رقم 735 ، الثقات لابن حبان ج 1 ص 264 رقم 96 ، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي ج 3 ص 244 رقم 855 ، تهذيب الكمال للمزي ج 4 ص 288 . تاريخ الإسلامي للذهبي في ترجمة بلال وفيات سنة 20 . بتحقيق : عمر عبد السلام تدمري .
    و كنز العمال : 13 / 305 ـ 308 ، المغازي للواقدي ( انظر فهرس الأعلام ج 3 ص 1145 ) أخبار مكة للأزرقي ج 1 ص 212 و 276 و 277 و280 و 281 و 284 و 285 و 287 و 288 و ج 2 ص 542 ، شفاء الغرام للفاسي ج 1 ص 136 و 207 و212 و 225 و 226 و 227 و228 و 229 و230 و 233و 235 و 236 و 237 و 238 و 239 و 240 و 241 و 243 و 244 و 246 و 247 و 248 و 249 و 250 و 252 و 261 و 602 . و ج 2 ص 235 ـ 239 و 243 و 244 و 245 و 246 .
    و ذكر جملة منها في هامش تهذيب الكمال ـ ( ج 4 / ص 288) و هامش تاريخ الإسلامي للذهبي في ترجمة بلال . بتحقيق : عمر عبد السلام تدمري .
    تاريخ خليفة : 56 ، 99 ، 149 ، 423 ، و طبقاته : 19 ، 298 ، ونسب قريش: 208 ، و تاريخ البخاري الكبير : 2 / 1 / 106 ، وتاريخه الصغير: 30 ، و الكنى لمسلم ، الورقة: 58 ، و المعرفة ليعقوب: 1 / 243 ، 260 ، 281 ، 446 ، 248 ، 452 ، 453 ، 455 ، 2 691 / 222 ، 303 ، 363 ، 496 ، 625 ، 628 ، 3 / 30 ، و تاريخ أبي زرعة الدمشقي : 594 ، و تاريخ واسط لبحشل : 48 ، 57 ، 66 ، 77 ، 223 ، 236 ، 237 ، 251 ، 274 ، و الجرح و التعديل لابن أبي حاتم : 1 / 1 / 395 ، و ثقات ابن حبان : 3 / 28 ( من المطبوع ) ، و المشاهير : 50 ، و الاغاني لابي الفرج : 3 / 120 ـ 121 ، و حلية الاولياء لابي نعيم : 1 / 147 ـ 151 ، و الجمع لابن القيسراني : 1 / 60 ، و تاريخ دمشق لابن عساكر ( انظر تهذيبه : 3 / 304 ـ 318 ) ، و أسد الغابة لابن الاثير : 1 / 206 ـ 209 ، و تهذيب الاسماء للنووي : 1 / 136 ـ 137 ، وتذهيب الذهبي : الورقة 93 ، و الكاشف : 1 / 165 ، و تاريخ الاسلام : 2 / 3 ، وإكمال مغلطاي : 2 / الورقة : 31 ، وتهذيب ابن حجر : 1 / 502 ـ 503 ، و مجمع الزوائد : 9 / 299 ـ 300 ، وغيرها من كتب الصحابة و الحديث و التواريخ ، و راجع تحفة الاشراف : 1 / 104 ـ 114 .
  • 2. رجال الطوسي باب أصحاب رسول الله حرف الباء .
  • 3. انظر الإصابة ج 1 ص 455 ، و تهذيب الكمال .
  • 4. الطبقات لبن سعد . ترجمة بلال . تهذيب الكمال للمزي ج 4 ص 288 . الاستيعاب ج 1 ص 259 .
  • 5. a. b. الاستيعاب ج 1 ص 258 .
  • 6. a. b. c. d. أسد الغابة ـ (ج 1 / ص 129) .
  • 7. أجنأ : أحدب الظهر .
  • 8. الطبقات الكبرى ـ (ج 7 / ص 386) تهذيب الكمال للمزي ج 4 ص 290 .
  • 9. الاستيعاب ج 1 ص 259 .
  • 10. من‏ لا يحضره ‏الفقيه ج : 1 ص : 292 ح 905 .
  • 11. انظر : الطبقات الكبرى ـ (ج 3 / ص 232) .
  • 12. السيرة النبوية لابن إسحاق ـ (ج 1 / ص 65) .
  • 13. النهاية في غريب الحديث ج 1 ص 435 مادة : حنن .
  • 14. رجال‏الطوسي ص : 27 رقم 80 .
  • 15. رجال‏ابن‏داود ص : 74 رقم 262 .
  • 16. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلة ج 13 ص 273 .
  • 17. فتوح الشام ـ (ج 1 / ص 267) .
  • 18. مختصر تاريخ دمشق ـ ( ج 1 / ص 751 و ج 2 ص 251 ) .
  • 19. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد ترجمة بلال ، أسد الغابة ج 1 ص 129 ، الاستيعاب لابن عبد البر ، الإصابة في تمييز الصحابة و غيرها .
  • 20. ميزان الاعتدال ج 2 ص 51 ترجمة بقية بن الوليد .
  • 21. الطبقات الكبرى ـ (ج 3 / ص 232) .
  • 22. العنزة : عصاة توضع حاجزا أمام المصلي .
  • 23. a. b. الطبقات الكبرى ـ (ج 7 / ص 386) .
  • 24. المغازي للواقدي ج 1 ص 83 و151 .
  • 25. المغازي للواقدي ج 1 ص 140 .
  • 26. رجال‏الكشي ص : 39 رقم 79 .
  • 27. من‏لا يحضره‏الفقيه ج : 1 ص : 284 رقم 872 .
  • 28. تهذيب‏الأحكام ج : 2 ص : 284 ح 35 .
  • 29. منهج المقال ج 3 ص 92 رقم 882 .
  • 30. a. b. تنقيح المقال ج 13 ص 91 .
  • 31. الاختصاص المنسوب إلى الشيخ المفيد ص 73 ولم يثبت له .
  • 32. خلاصة الأقوال ص 82 رقم 166 تحقيق القيومي ، و ترتيب خلاصة الأقوال ص 106 .
  • 33. رجال المجلسي ص 170 رقم 301 .
  • 34. منتهى المقال ج 2 ص 177 .
  • 35. نفس المصدر السابق .
  • 36. الكافي ج : 3 ص : 302 باب 18 بدء الأذان ح 2 و تهذيب‏الأحكام ج : 2 ص : 277 حديث بسند صحيح 1099 ، و من‏ لا يحضره‏الفقيه ج : 1 ص : 282 رقم 965 .
  • 37. المغازي للواقدي ـ (ج 1 / ص 300) .
  • 38. من ‏لا يحضره ‏الفقيه ج : 1 ص : 298 ح 907 .
  • 39. a. b. أسد الغابة ـ (ج 1 / ص 131) .
  • 40. تهذيب الكمال ـ (ج 4 / ص 289) .
  • 41. من‏ لا يحضره ‏الفقيه ج : 1 ص : 292 ح 906 .
  • 42. من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 292 حديث 905 .
  • 43. القران الكريم : سورة المدثر ( 74 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 577 .
  • 44. بحار الأنوار ج : 8 ص : 43 ح 37 .
  • 45. بحار الأنوار ج : 17 ص : 41 .
  • 46. العقد الثمين ج 3 ص 246 .

تعليق واحد