مجموع الأصوات: 66
نشر قبل 5 سنوات
القراءات: 5119

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

محاولتان في تطوير النقاشات الفكرية حول المرأة

لعل من أهم المحاولات الفكرية النسائية التي ظهرت مع مطلع القرن الحادي والعشرين في مجال علاقة الفكر الإسلامي بالمرأة، هما محاولتان، المحاولة الأولى كشف عنها كتاب: (المرأة العربية والمجتمع في قرن)، الذي أشرفت عليه الدكتورة منى أبو الفضل، والصادر سنة 2002م، والمحاولة الثانية كشف عنها كتاب: (دعونا نتكلم)، الذي حررته الدكتورة جيزيلا ويب، والصادر في طبعته العربية سنة 2002م.
وقد أكدت هاتان المحاولتان على إمكانية أن تسهم المرأة في تجديد وتطوير رؤية الفكر الإسلامي لقضايا المرأة، بل وعلى ضرورة الإسهام في هذا الشأن.
ويمكن لهاتين المحاولتين أن تعيد للمرأة المسلمة ثقتها بنفسها، أو تجدد عندها هذه الثقة الدافعة والمحركة نحو ضرورة أن ترفع المرأة صوتها العلمي والفكري والاجتهادي في الحديث عن قضاياها وشؤونها، وتولي الاهتمام بالانخراط في تطوير حقل دراسات المرأة.
وما بين هاتين المحاولتين هناك مشتركات، وهناك مفارقات. من هذه المشتركات أنهما حاولتا أن تعكسا هواجس وتطلعات وآمال المرأة المسلمة المعاصرة التي تبحث عن وجودها وبقائها ومستقبلها، في ظل تناقض مزدوج بين عالم يعمل بأعراف وتقاليد ومورثات قديمة وبالية وجامدة تعرقل نهوض المرأة، وتعوق تقدمها، وتغلق عليها منافذ الأمل بالمستقبل الواعد، ولا تضع عنها إصرها والأغلال التي كانت عليها. وبين عالم يتلاعب بالمرأة وكأنها مجرد سلعة اقتصادية تعرض في السوق، وتصور في الإعلام وكأنها مجرد صورة شكلية بلا جوهر أخلاقي وإنساني، وبلا دور ثقافي واجتماعي، وبعيداً عن معايير الكرامة والحقوق العادلة والمتساوية.
ومن هذه المشتركات أيضاً، أنهما تحاولان تجديد وتطوير واقع المرأة المسلمة، وحقل دراسات المرأة المسلمة، والدفاع عن صورة المرأة العالمة والمجتهدة لكي تستعيد المرأة مكانتها العلمية والمعرفية، وتبرز حضورها الفكري والثقافي، وكي تسمع صوتها، وتكسر احتكار الرجل وهيمنته على هذه الميادين، وتعرف باجتهاداتها وعطاءاتها التي تأمل منها تحقيق العدل والمساواة للمرأة، وتغيير الصورة النمطية المجحفة بحقها.
كما تشتركان كذلك، في التمسك بالإطار المرجعي الإسلامي في النظر لقضايا وحقوق المرأة، والدفاع عن علاقة المرأة بالهوية الإسلامية، إلى جانب الانفتاح والتواصل مع منجزات وخبرات العلوم والمعارف الحديثة والمعاصرة، والاستفادة من مكتسبات وتجارب الأمم والمجتمعات في مجال المرأة. فهاتان المحاولتان تنطلقان من ذهنية إسلامية تتخذ من الإسلام إطاراً مرجعياً تلتزم به ولا تخرج عليه في التأمل والنظر، وفي التحليل والتفسير للنصوص والتراث والقراءات والمنهجيات حول قضايا المرأة وشؤونها.
يضاف إلى ذلك أنهما تشتركان في كونهما تحاولان أن تعبرا عن أحدث المناقشات الفكرية الجادة والمعمقة حول قضايا المرأة المسلمة، وتضعا المرأة المسلمة في قلب هذه المناقشات الفكرية، والكشف عن التطور الذي وصلت إليه الدراسات النسائية الإسلامية حاضراً، وما يمكن أن تصل إليه مستقبلاً، والبرهنة على إمكانية أن تفتح المرأة المسلمة هذا المستوى من المناقشات الفكرية، وهذا المستوى من التطور في الدراسات الإسلامية النسائية.
وعند النظر في هاتين المحاولتين يمكن القول أنهما تمتلكان القدرة على خلق المساهمة الفعالة في تجديد رؤية الفكر الإسلامي تجاه مسألة المرأة، بشرط أن تحافظ هاتان المحاولتان على استمراريتهما وتجددهما وتراكمهما، وبشرط القدرة في التأثير الفكري والاجتماعي على المرأة، وعلى نظرتها إلى ذاتها ومستقبلها1.

  • 1. الموقع الرسمي للأستاذ زكي الميلاد و نقلا عن صحيفة عكاظ ـ الاثنين 7 شعبان 1428هـ / 20 أغسطس 2007م، العدد 14968.