الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

التخلف عن جيش اسامة

نص الشبهة: 

اختلق الشيعة حديثاً يقول: «لعن الله من تخلّف عن جيش أُسامة» يهدفون من ورائه إلى لعن عمر، وفاتهم أنّه يلزمهم أمران:

  1. أن يكون عليّ لم يتخلّف، وهذا اعتراف منه بإمامة أبي بكر، لأنّه رضي أن يكون مأموراً لأمير نصّبه أبو بكر؟
  2. أو يقولوا بأنّه تخلّف عن الجيش، فيلحقه ما كذبوه؟

الجواب: 

العجب من كلام السائل حيث ادّعى أنّ أبا بكر أمّر أُسامة على الجيش، وهذا مخالفة واضحة للواقع التاريخي إذ الصحيح وبلا شكّ هو أنّ النبي قد أمّره على الجيش وجعل الشيخين تحت أمره. ولذلك اعترضوا على النبي بتأمير أُسامة وتحت أمره الشيوخ الكبار.
إنّ هذا الحديث ليس من مختلقات الشيعة، بل إنّ علماء أهل السنّة هم الذين رووا هذا الحديث ثمّ نقله الشيعة عنهم معتمدين في ذلك عليهم، فالحديث المذكور نقله كلٌّ من أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب «السقيفة» والشهرستاني في «الملل والنحل»، والإيجي في «المواقف»، وابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة. أو ليس هؤلاء من أقطاب السنة؟! 1.
ذكر في الملل والنحل: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): جهّزوا جيش أُسامة لعن الله مَن تخلّف عن جيش أُسامة، فقال قوم: يجب علينا امتثال أمره، ولذلك برز أُسامة من المدينة، وقال قوم: قد اشتدّ مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا تسع قلوبنا مفارقته، والحالة هذه: فنصبر حتّى نبصر أيّ شيء يكون من أمره.
وجاء في الملل والنحل أيضاً: ولم ينحصر الخلاف في أُخريات حياته بل ظهر الخلاف في تجهيز جيش أُسامة، حيث إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أُسامة بأن يسير إلى النقطة التي سار إليها أبوه من قبل وجهّز له جيشاً وعقد له راية، فتثاقل أكابر الصحابة عن المسير معه لمّا رأوا مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصرّ على مسيرهم، حتّى أنّه خرج معصّب الجبين، وقال: جهّزوا جيش أُسامة، لعن الله مَن تخلّف عنه 2.
فمَن هم الأشخاص الذين يشملهم الحديث؟
والذي قاله جامع الأسئلة من أنّ الشيعة اختلقوا هذا الحديث حتّى يتمكّنوا من لعن الخلفاء هو أمرٌ مخالفٌ تماماً لما جرى، بل إنّ الحديث يعتبر أفضل دليل على لزوم التضايق والاشمئزاز من أُولئك الأشخاص الذين تخلّفوا عن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مهما كان المتخلّف أو يكون.
وإنّما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لخروجهم لأجل أن تكون المدينة خالية من الأفراد الذين باستطاعتهم التعامي عن وصيّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حالة وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأراد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إبعادهم عن المدينة، ولهذا نرى أنّ الأشخاص الذين صالوا وجالوا في السقيفة كانوا من الذين فُرِضَ عليهم أن يكونوا في جيش أُسامة، فمن المهاجرين أبو بكر وعمر، ومن الأنصار أُسيد بن حضير وبشير بن سعد، وهم الأشخاص الأربعة الذين وضعوا زمام الخلافة بيد أبي بكر.
وأمّا علي (عليه السلام) فلم يؤمر بالخروج مع أُسامة بل كان باقياً في المدينة يمرّضُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) 3.

  • 1. الملل والنحل: 1 / 23، المقدّمة الرابعة؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 20؛ المواقف: 3 / 650.
  • 2. الملل والنحل، المقدّمة الرابعة: 1 / 23؛ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 20؛ المواقف.
  • 3. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته، السؤال 135.