الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تناقض الفقه المنقول عن الصادق

نص الشبهة: 

تتضارب الأقوال المنقولة عن جعفر الصادق في مسائل عديدة؛ فلا تكاد تجد مسألة فقهيه ـ مثلاً ـ إلا وله فيها قولان أو أكثر متناقضة. فمثلاً: البئر التي وقعت فيها نجاسة، قال مرة: هي بحر لا ينجسه شيء. وقال مرة: إنها تنزح كلها. وقال مرة: ينزح منها 7 دلاء أو 6. ولما سئل أحد علماء الشيعة عن كيفية المخرج في مثل هذا التناقض والتضارب قال: يجتهد المجتهد بين هذه الأقوال، ويرجح واحداً. أما الأقوال الأخرى فيحملها على أنها «تقية»! فقيل له: ولو اجتهد مجتهد آخر ورجح قولاً غير الذي رجحه المجتهد الأول فماذا يقول في الأقوال الأخرى؟! قال: نفس الشيء يقول بأنها تقية! فقيل له: إذاً ضاع مذهب جعفر الصادق!! لأنه ما من مسألة تنسب له إلا ويحتمل أن تكون تقية؛ إذ لا علاقة تميز بين ما هو للتقية وما هو لغيره!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن الإختلاف بين روايات النزح ليس معضلة عظيمة، ولا هي مسألة عقائدية يسقط مذهب أهل البيت «عليهم السلام» عن الإعتبار بسببها، بل هي مجرَّد روايات قد تتفق وقد تختلف، واختلاف روايات أهل السنة فيما بينها في كثير من المسائل لا يكاد يقف عند حدّ، ولا يحصر بعدّ.. فلماذا لم يسقط بها التسنن أيضاً؟!
ثانياً: من قال: إن الإختلاف بين الروايات قد نشأ من المروي عنه؟! فلعله نشأ من الراوي الذي لم يحفظ النص ؟! أو كذب على الإمام؟!
ثالثاً: إنه يمكن فهم الإختلاف في نزح ماء البئر بصورة سليمة، فهناك روايات تريد أن تقول: إن ماء البئر لا ينجسه شيء، لأن له مادة. إلا إذا تغير لونه أو طعمه ورائحته بالنجاسة.
فإن وقع فيه شيء من النجاسات استحب النزح، لأجل تلك النجاسة بمقدار خاص، وإن وقعت فيه نجاسة أخرى استحب نزح مقدار آخر يتناسب مع تلك النجاسة الأخرى الواقعة، فإن النجاسات تختلف في ذلك وتتفاوت بحسب أنواعها..
أما ما نقله عن أحد علماء الشيعة، فلو صح النقل، فإنه لا يعتد به، لأن من يقول ذلك لا يكون من العلماء.
رابعاً: إن ما أجاب به ذلك العالم ـ لو صح النقل ـ لا يصح أن ينسب إلى الشيعة كلهم.. إذ لا تؤخذ الجماعة بذريعة أن أحدها قد قال ما لا يصح. هذا إن كان ما نقله السائل عن ذلك العالم دقيقاً، وسليماً.
خامساً: بالنسبة لاحتمال التقية في بيان الأحكام نقول:
لسنا مكلفين بتصحيح الحكم الوارد على سبيل التقية.. لأن الإمام «عليه السلام» هو المكلف بالتصحيح وبيان الحكم الواقعي حين يمكن ذلك.
سادساً: إن الحكم في موارد التقية ليس ضلالاً، بل هو حكم إلهي صحيح، يتقبله الله تعالى ممن جاء به.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 1.

  • 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ ـ 2010 م، الجزء الرابع، السؤال رقم (142).