الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مصحف الامام علي و تحريف القرآن!

نص الشبهة: 

في فصل الخطاب : 64 ، أن الشيخين لم يقبلا القرآن الذي كتبه علي .

الجواب: 

1 يريد كاتب هذا الإشكال أن يقول إنكم تعتقدون أن القرآن الصحيح هو قرآن علي عليه السلام ، وأن علياً عرضه على أبي بكر وعمر فلم يقبلاه ، فمعناه أن قرآن علي عليه السلام الذي تعتقدون به محرَّفٌ ، وليس مثل القرآن الفعلي .
وواقع القضية : أن علياً عليه السلام بعد أن أنهى مراسم تجهيز النبي صلى الله عليه وآله ودفنه كما أمره صلى الله عليه وآله ، اعتكف في بيته وكتب القرآن كما أمره النبي صلى الله عليه وآله .
وبعد أيام من أحداث السقيفة ، وهجومهم على بيت علي وفاطمة عليهما السلام ، دخل علي عليه السلام الى المسجد وهم مجتمعون فوضع القرآن الذي كتبه في وسطهم وقال لهم إن النبي صلى الله عليه وآله أوصاكم بالكتاب والعترة فهذا الكتاب وأنا العترة ، فقالوا لا حاجة لنا به ! فأخذه وقال : لن تروه بعد اليوم ) !
ولا تدل هذه الرواية أن نسخة علي عليه السلام تختلف عن النسخة الفعلية ، فقد يكون سبب ردهم لها أنها تشتمل على تفسير القرآن !


قال ابن جزي وهو من أكابر علماء السنة في كتابه التسهيل : 1 / 6 : ( وكان القرآن على عهد رسول الله (ص) متفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال ، فلما توفي رسول الله قعد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بيته فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ، ولكنه لم يوجد )
كما وصف ابن جزي تميز علي عليه السلام عن الصحابة في علمه بالقرآن : 13 قال :
( واعلم أن المفسرين على طبقات ، فالطبقة الأولى الصحابة رضي الله عنهم وأكثرهم كلاماً في التفسير ابن عباس ... وقال ابن عباس : ما عندي من تفسير القرآن فهو من علي بن أبي طالب ، ويتلوهما عبدالله بن مسعود وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وعبدالله بن عمر بن الخطاب وعبدالله بن عمرو بن العاص وكلما جاء من التفسير من الصحابة فهو حسن ). انتهى.
وروى نحوه ابن عبد البر في الإستيعاب : 3 / 974 ، وفيه : ( قال ابن سيرين : فبلغني أنه كتب على تنزيله ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير ) .
ورواه عبد الرزاق في مصنفه : 5 / 450 ، وقال في هامشه : رواه البلاذري عن ابن سيرين موقوفاً مختصراً ، راجع أنساب الأشراف 1 : 587 ) . انتهى .
وقال ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب : 1 / 319 : ( ومن عجب أمره في هذا الباب أنه لا شئ من العلوم إلا وأهله يجعلون علياً عليه السلام قدوةً ، فصار قوله قبلةً في الشريعة ، فمنه سمع القرآن ، ذكر الشيرازي في نزول القرآن وأبو يوسف يعقوب في تفسيره عن ابن عباس في قوله : لا تحرك به لسانك ، كان النبي يحرك شفتيه عند الوحي ليحفظه ، وقيل له لا تحرك به لسانك يعني بالقرآن لتعجل به من قبل أن يفرغ به من قراءته عليك : إن علينا جمعه وقرآنه ، قال : ضمن الله لمحمد (ص) أن يجمع القرآن بعد رسول الله علي بن أبي طالب ! قال ابن عباس : فجمع الله القرآن في قلب علي ، وجمعه علي بعد موت رسول الله بستة أشهر .
وفي أخبار ابن أبي رافع أن النبي (ص) قال في مرضه الذي توفي فيه لعلي : يا عليُّ هذا كتاب الله خذه إليك ، فجمعه عليٌ في ثوب فمضى إلى منزله ، فلما قبض النبي صلى الله عليه وآله جلس عليٌّ فألفه كما أنزله الله وكان به عالماً . وحدثني أبو العلاء العطار والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن علي بن رباح أن النبي صلى الله عليه وآله أمر علياً عليه السلام بتأليف القرآن ، فألفه وكتبه .
جبلة بن سحيم ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : لو ثنيت لي الوسادة وعُرف لي حقي لأخرجت لهم مصحفاً كتبته وأملاه علي رسول الله صلى الله عليه وآله أبو نعيم في الحلية ، والخطيب في الأربعين ، بالإسناد عن السدي عن عبد خير عن علي عليه السلام قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أقسمت أو حلفت أن لا أضع ردائي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين ، فما وضعت ردائي حتى جمعت القرآن .
وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام : ( أنه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن ويجمعه ، فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه ، ثم خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد ، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع التيه ، فقالوا : لأمرٍ ما جاء أبو الحسن ؟! فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وهذا الكتاب وأنا العترة ، فقام إليه الثاني فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله ، فلا حاجة لنا فيكما! فحمل عليه السلام الكتاب وعاد به ، بعد أن ألزمهم الحجة ) . انتهى .
فهذا لا يدل على أن نسخة علي عليه السلام محرفة أو على أن النسخة التي بأيدينا والمجمع عليها بين المسلمين ، محرفة لا سمح الله . بل يدل على أن علياً عليه السلام ورَّث نسخته التي تتضمن التفسير إلى الأئمة من أولاده عليهم السلام 2 .

  • 1. كتب سماحة الشيخ الكوراني في مقدمة كتاب "أجوبة على بعض علماء الطالبان" : وصلتنا رسالة على شكل منشور من بعض علماء الوهابية في باكستان ، تتضمن خمسين سؤالاً أو إشكالاً ، وقد جمعوا فيها بعض الأحاديث والنصوص من مصادر مذهبنا ، وبعض كلمات من مؤلفات لعلماء شيعة ، وأكثرها مؤلفات غير معروفة ، وأرادوا أن يثبتوا بها كفر الشيعة ! وجعلوا عنوانها : هل الشيعة كفار.. ؟ أحكموا أنتم !
    وهذه إجابات عليها ، تكشف ما ارتكبه كاتبها من كذب على الشيعة ، وبتر للنصوص ، وتحريف للمعاني ، وسوء فهم ، وقد جمعنا الأسئلة في محاور ، ليكون الجواب على موضوعاتها ، والله ولي القبول والتوفيق .
    وأصلها باللغة الفارسية وهذه ترجمتها بنصه : هل الشيعة كفار .. أحكموا أنتم !
  • 2. كتاب : أجوبة على اسئلة بعض علماء طالبان ، القسم الثاني : حول القرآن .

تعليق واحد