الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

هل صحيح انه ورد في كتاب أصول الكافي القول بالبداء و ان الله يكذب ؟!

نص الشبهة: 

هل صحيح أن في أصول الكافي :1 / 148 ـ و هو أحد أصول الشيعة ـ فيه البداء ، و أن الله يكذب؟

الجواب: 

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين 1 .
هذا الكلام لا وجود له في كتاب الكافي ، لا في المكان الذي زعمه الكاتب ولا في غيره ! بل يوجد في الكافي : 1 / 146 ـ149 : ( باب البداء ) ، روى فيه الكليني رحمه الله ستة عشر حديثاً ، ليس فيها شئ مما ذكره الكاتب !
وهذه التهمة عجيبة لنا ، لأنا عقيدتنا أن من ينسب الكذب أو الجهل أو العجز إلى الله تبارك وتعالى ، فهو كافر لم يعرف الله تعالى !
ويظهر أن الكاتب لم يقرأ أحاديث الباب في الكافي ولا غيره من مصادرنا ، فلو فعل لرأى فيها ما يرد افتراءه ! وهذا نموذج منها :
عن الإمام الصادق عليه السلام : ( إن الله لم يبد له من جهل ) . وعنه عليه السلام : ( ما بدا لله في شئ إلا كان في علمه قبل أن يبدو له ) . وفيها : ( عن منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام : هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال : لا ، من قال هذا فأخزاه الله ! قلت : أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله ؟ قال : بلى قبل أن يخلق الخلق ).
وفيها : أنه عليه السلام قال في تفسير هذه الآية : ﴿ يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ 2 فقال : ( وهل يمحى إلا ما كان ثابتاً وهل يُثبت إلا ما لم يكن؟ ) .
وآخر حديث فيها قوله عليه السلام : ( علم و شاء و أراد و قدر و قضى و أمضى ، فأمضى ما قضى ، و قضى ما قدر ، و قدر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيئة ، وبمشيئته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء ، والعلم متقدم على المشيئة ، والمشيئة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء ، وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء ، فالعلم في المعلوم قبل كونه ، والمشيئة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا و وقتا ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ، ذوات الأجسام المدركات بالحواس من ذوي لون و ريح و وزن و كيل و ما دب و درج من إنس و جن و طير و سباع و غير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء ، والله يفعل ما يشاء ، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، و بالمشيئة عرف صفاتها و حدودها و أنشأها قبل إظهارها ، و بالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها ، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها ، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها و أبان أمرها و ذلك تقدير العزيز العليم .). انتهى .
وليت الكاتب قرأ أو فهم ما في هامشه في شرح معنى البداء ، وأن البداء من الله تعالى ليس كالبداء الذي يحدث لنا و يكون عن جهل ، فقد جاء فيه :
( ومن المعلوم أن علمه تعالى بالموجودات والحوادث مطابق لما في نفس الأمر من وجودها ، فله تعالى علم بالأشياء من جهة عللها التامة ، وهو العلم الذي لا بداء فيه أصلاً ، وله علم بالأشياء من جهة مقتضياتها التي موقوفة التأثير على وجود الشرائط وفقد الموانع ، وهذا العلم يمكن أن يظهر خلاف ما كان ظاهراً منه بفقد شرط أو وجود مانع ، وهو المراد بقوله تعالى : ﴿ يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ 2 انتهى 3.

  • 1. كتب سماحة الشيخ الكوراني في مقدمة كتاب "أجوبة على بعض علماء الطالبان" : وصلتنا رسالة على شكل منشور من بعض علماء الوهابية في باكستان ، تتضمن خمسين سؤالاً أو إشكالاً ، وقد جمعوا فيها بعض الأحاديث والنصوص من مصادر مذهبنا ، وبعض كلمات من مؤلفات لعلماء شيعة ، وأكثرها مؤلفات غير معروفة ، وأرادوا أن يثبتوا بها كفر الشيعة ! وجعلوا عنوانها : هل الشيعة كفار.. ؟ أحكموا أنتم !
    وهذه إجابات عليها ، تكشف ما ارتكبه كاتبها من كذب على الشيعة ، وبتر للنصوص ، وتحريف للمعاني ، وسوء فهم ، وقد جمعنا الأسئلة في محاور ، ليكون الجواب على موضوعاتها ، والله ولي القبول والتوفيق .
    وأصلها باللغة الفارسية وهذه ترجمتها بنصه : هل الشيعة كفار .. أحكموا أنتم !
  • 2. a. b. القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 39 ، الصفحة : 254 .
  • 3. كتاب : أجوبة على بعض علماء الطالبان : القسم الأول : حول التوحيد و العدل .