لم استغرب حين حدثني صديقي عن مشكلة زوجية بين أخيه وزوجته يتجه قرارهما فيها إلى الطلاق والافتراق، لكثرة المشاكل الزوجية التي تصل إلى هذه النهاية المؤلمة، لكنني استغربت حينما أخبرني أن ابنهما وهو الشاب الوحيد هو من يعمل على أن تسوء العلاقة بينهما، لأنه يستفيد من الطرفين إذا توترت العلاقة بينهما.
المسئولون السياسيون والمسئولون الاجتماعيون – وجهاء مثقفون – والمسئولون الدينيون – خطباء علماء موجهون – لهم جميعاً كلمات وتوجيهات وخطب ووعود، لا تجد لها واقعاً قائماً حقيقياً بمقدار ما لها من صخب وصوت مضخم.
يرسم الحاج المشتاق إلى ربه في رحلته لأداء فريضته أهدافاً عدة، يبدأها بأموره الحياتية، وينهيها إلى الهدف الأكبر وهو الجنة التي تتطلع لها قلوب المؤمنين في لهفة وحسن ظن بالله.
هي مسيرة الإنسان وتلك نقطة وصولها ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾1، لكن الناس صنفان في طريقهم لذلك اللقاء، صنفٌ يغفل ويتناسى ولا ينتبه لنفسه إلا وقد وصل، وصنفٌ يتقدّم نحو الله، ويسعى له في الدنيا قبل الآخرة بوعي وعزيمة وتصميم.
توسع الفقهاء كثيراً في بحث الاستطاعة، فأفردوا لها عناوين عديدة، وفرعوا لها فروعاً كثيرة، ذلك أن في الحج من المشقة والتعب والبذل ما ليس في غيره من العبادات، وقد استفادوا من الآية القرآنية المباركة ﴿ ... وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ... ﴾1، العديد من الأبحاث والأحكام الفقهية.
في أيام الحج ليس من شيء أجمل من التفكر والاختلاء بالنفس، ليتمكن الإنسان من كشف خفايا نفسه، ومعرفة مواطن ضعفه، وتشخيص الوهن الذي يطرأ عليه في مسيرة السمو الروحي والأخلاقي التي يود الارتقاء إليها.
تبادر مجتمعاتنا لتلقف المبادرات السياسية، وربما تحاول تقمصها ومحاكاتها، فتغير بعضاً منها وتطعم بعضها الآخر، لكنها في المحصلة تحاول استنساخها وتقليدها، والأمر واضح لا يحتاج إلى بيان.
مناسبات عدة تمرُّ على الأمم والشعوب فتحتفل فيها بتاريخها، تستذكر الآلام فتحزن لها، وتستحضر الانتصارات فتفرحها، وهي بين الحزن والفرح تعيد قراءة تاريخها، وتعي ماضيها، وتعرف أين كانت وكيف أصبحت.
كثير ما تدفعنا القضايا الضاغطة والملحة للغفلة عن أمور استراتيجية ومصيرية ومهمة، فننشغل بتلك القضايا، وهي قد تستحق الاهتمام، ونغفل عن الكثير من الأمور الرئيسية والمهمة، ولا نفيق من غمرة الانشغال إلا وقد أضعنا اللبن وفرطنا بما كان بأيدينا.
كل أنواع البوح مكلفة لكن أعلاها كلفة وأبهظها ثمناً بوحان، الأول بوح المرء بتصوراته وآرائه وشكوكه وظنونه وتساؤلاته، وأحياناً أفكاره وقناعاته فيما يرتبط بالشأن الديني، حتى وإن كانت جزئيات تحتمل الخلاف والتباين، والثاني بوحه بآرائه ومواقفه في الشأن السياسي، حتى وإن كانت شنشنات في مستويات مقبولة أو حتى دونية.
نحن في الداخل الاجتماعي وعلى صعيد الشعوب نتفاعل مع الهواجس، فتولد لنا الخوف والتحسس والتقهقر. نريد أن نقدم خطوة لنتحد مع آخر يشاركنا الهم والبرنامج والهدف، ويشاطرنا الأمنيات والتطلعات، لكننا نحجم ونتوقف، لأن الهواجس تتغلب على كل الأهداف والأمنيات والبرامج.
بين يدي الإمام الحسن بن علي المجتبى كانت وجهة قراءتي في الأيام المنصرمة، فكانت قراءة ممتعة لها علاقة بالشق الاجتماعي والسياسي في حياة الإمام الذي كان يقرأ أوضاع مجتمعه بطريقة ربما تداخلت فيها أمور كثيرة، وتشكلت نتيجتها مواقف لا تزال مثار جدل وأخذ ورد.
متى ينكفئ الخطاب عن الأحلام والمنامات والرؤى، والخيالات التي تحتمل الصدق وتحتمل الخرافة والوهم؟ متى يعود لملامسة واقع الناس وحياتهم، وما يمكن أن يفعلوه، وما لا يمكن واقعاً وحقيقةً وليس مناماً وأحلاماً.
لاشك أن البيئة والأجواء هناك هي من صنعي وصنعك، ومن تصرف أبنائي وأبنائك، فكل زائر هو عنصر مؤثر في تلك البيئات والأجواء، ولو أن كل واحد منا ومن الزائرين والقاصدين للعتبات المقدسة صرف بعض جهده لتوجيه أسرته ومن معه لكان ثواب زيارته مضاعفا.
لا تحتاج المرأة إلى إسلام يردعها وينهاها عن تسليع نفسها، والعرض المجاني الممجوج لمفاتنها تحت مختلف المبررات والعناوين، ولا يلزمها سن تشريعات الحجاب والستر - إلا لإيضاح الحدود فقط – كما لا تلزمها تعاليم السيد المسيح، ولا تعاليم بقية الأديان والرسالات السماوية، بل أن كل ما يلزمها هو الرجوع إلى فطرتها، لتكتشف أنها لم تخلق لتعامل نفسها بهذا النحو، أو لتقبل ما يرسمه الزمان لها من صور تبقيها في دائرة الغرائز والمفاتن والجنس.
كشف مصدر في سفارة المملكة في الإمارات العربية المتحدة أن 170 سعودياً، أوقفوا العام الماضي، في أبوظبي، على خلفية طمسهم جزءًا أو كامل لوحات سياراتهم، وقال إن الشباب يفعلون ذلك حتى لا تضبطهم كاميرات المراقبة، في حال ارتكابهم مخالفات سرعة.
واضحة وبينة كالشمس، تقرأ على الوجوه، بل تعكسها الوجوه دون الحاجة إلى القراءة والتأمل، فهي تتحدث وهي تعبر، وهي تترجم ما هي فيه من حال، لتخبرك بواقعها وراحتها وسعادتها.
فرصة طيبة يتيحها لنا شهر الصيام بما فيه من جوع وممانعة للنفس وصمود أمام الرغبات، وإقبال على العبادة وتلاوة للقرآن وقراءة الادعية، وهي الاقتراب من النفس، ومعرفة حقيقتها بواقعية ودقة، بحيث تكون أمام أعيننا كما هي دون رتوش أو مؤثرات.