إذا لم يحظ في شهر رمضان بالتوبة والرضا والإنابة لا ينفعه شيء بعد ذلك، لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ لأن نفسه الطاغية تحدّت الباري حتى في موضع الضيافة ومحلِّ الكرامة. لذلك ينبغي على المؤمن أن يؤهل نفسه في هذه الأيام العظيمة لأن يكون من أهل الكرامة.
يعد الصوم في شهر رمضان المبارك من أفضل الوسائل في تهذيب النفس، وتزكية الروح، وتنقية القلب؛ لما له من أثر فاعل ومؤثر في تغذية الصائم بالطاقة الروحانية والمعنوية والإيجابية. وتؤدي هذه الطاقة المعنوية إلى الإقبال على العبادة، وتذوق لذة مناجاة الله تعالى، والشعور بالقرب منه عزّ وجلّ.
لأهمية تهيؤ الإنسان المؤمن لاستقبال شهر رمضان وردت أحاديث وروايات عدة، حيث ورد عن رسول الله أحاديث كثيرة كان يوجه الناس من خلالها قبيل شهر رمضان، حتى يهيئهم لاستقبال هذا الشهر المبارك، وكذلك وردت خطب عن علي وروايات عن سائر الأئمة ، كلها تصب في هذا السياق.
خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم في اواخر شعبان فقال: أيها الناس: انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله...
يبدأ شهر رمضان – كسائر الشهور القمرية – بخروج القمر من المحاق وظهور الجزء المنير (الهلال) منه في الافق عند غروب الشمس من اليوم التاسع والعشرين أو الثلاثين من شهر شعبان، وينتهي عندما يظهر الهلال في الافق مرة اخرى بعد تسعة وعشرين أو ثلاثين يوماًُ، وهو هلال شهر شوال.
من المناسبات الدينية المهمة التي يجب أن يستعد لها الإنسان قبل وقتها، ويتهيأ نفسياً ورحياً وعقلياً لها هي: استقبال شهر رمضان المبارك، لأن هذا الشهر الكريم هو شهر عظيم، وهو شهر مبارك، وهو سيد الشهور، وهو فرصة ثمينة يجب الحرص على استثماره على أحسن وجه.
ربما عندما نقرأ عن الصوم وعن شهر رمضان في آيات الذكر الحكيم وفي الأحاديث الشريفة، لا نركِّز إلَّا على الجوانب الفردية في هذا الشهر المبارك وفي هذه العبادة العظيمة، بينما الرسول الأعظم (ص) وأئمة الهدى يذهبون الى أبعد مدى من هذا، حيث يؤكدون - الى جانب تزكية النفس بالصوم، والتوبة الى الله، وغفران الذنوب - يؤكدون أيضاً على المسؤولية الإجتماعية والتكافل والإهتمام بشؤون الآخرين ممن حولنا.
بتاريخ 20 رمضان سنة 1399هـ الموافق 7/8/1979، اقترحالإمام الخميني في بيان وجّههُ إلى مسلمي العالم أن يكون آخر جمعة من شهر رمضان المبارك "يوم القدس" ودعا كافة مسلمي العالم أن يعلنوا في هذا اليوم الذي هو من أيام القدر تأييدهم للحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم، وإليكم نصّ بيان الإمام:
الأخلاق الحسنة مطلوبة في كل وقت وحين، ولكن في شهر رمضان مطلوبة أكثر، وهو فرصة لتحسين الأخلاق فيه؛ لما يفيضه هذا الشهر على الصائم من فيوضات روحية ومعنوية وأخلاقية عالية، ولأن الصائم فيه أكثر قابلية لتهذيب نفسه، وتغيير مسلك أخلاقه، وتعديل سلوكه.
مما لا شك فيه أن هنالك مواسم ومناسبات مهمة جداً يتمكن المبلّغون من ممارسة دورهم الرسالي لأن الأجواء يمكن أن تساعد ولو في الحدود الدنيا على القيام بهذه الوظيفة الإلهية المقدسة ومن هذه المواسم شهر رمضان المبارك الذي يعتبر من أهم المواسم لممارسة هذا النشاط المؤثر الذي يأخذ أبعاداً غيبية من جهة، واجتماعية من جهة أخرى.
الرَّبِيعُ هو أَحد فصول السنة الأربعة ، و هو الفصل الذي تستيقظ فيه الطبيعة من سباتها بعد شهور الشتاء ، و فصل الربيع يضرب به المثل في النشاط و الحيوية و نزول الامطار المفيدة التي تحيي الأرض بعد موتها و تخضر الاراضي الزراعية و غيرها و التي تبشر كلها بالخير و البركة ، و بما أن شهر رمضان المبارك شهر متميز من حيث العبادة و الدعاء و التوجه إلى طاعة الله و التقرب إليه و مضاعفة الثواب و الأجر و نزول البركات فيه فلذلك شُبِّه بالربيع ، و بما أن نزول القرآن الكريم كان في شهر رمضان المبارك فهو ربيع القرآن .
شهر رمضان المبارك أفضل منطقة زمنية يمرّ بها الإنسان خلال العام حيث اختصّه الله بالخير الفضيل من بين سائر الأزمنة والأوقات ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ... ﴾1، فقد جعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، واختاره لنزول القرآن.
وقد ورد عن النبي : «سَيِّدُ الشُّهورِ شَهرُ رَمَضانَ» .
روى الصدوق وبسند مُعتبر عَن الرّضا عليهالسلام عَن آبائِه عَن أمير المُؤمنين عَليهِ وعلى أولاده السَّلام ، قالَ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله خطبنا ذات يَوم فقالَ :
أيها النّاس إنّه قَدْ أقبل إليكم شَهرُ الله بالبركةِ والرحمة والمغفرة شَهر هُوَ عِندَ الله أفَضل الشهور وأيامه أفضلُ الأيام ولياليهِ أفَضل الليالي وساعاته أفَضل الساعات...