الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

أنّ فلسطين ستنتصر حتماً

أريد أن أتحدث بجملة عن قضية غزة، لأن قضية فلسطين والأحداث الجارية في غزة اليوم في مقدم قضايا العالم الإسلامي. هذه كلها أحداث صانعة للمستقبل. قضيّة غزّة قضيّة مظلوميّة من جهة، وقضيّة اقتدار من جهة أخرى. نعم، أهالي غزّة مظلومون حقّاً وهذا العدوّ الوحشي والمتعطش للدماء، الكيان الإرهابيّ الغاصب، لا يعرف حدّاً في ارتكاب الجرائم. إنه يقتل في قصف واحد ألف شهيد. هكذا هو: لا يعرف حدّاً، وكذلك تتجلّى مظلوميّة الناس.

لكن إلى جانب هذه المظلوميّة هناك نقطتان مهمّتان أيضاً: إحداهما صبر هؤلاء الناس وتوكّلهم. هؤلاء النّاس صبروا للحق والإنصاف، وعُرض بعض المشاهد من ذلك عبر وسائل الإعلام في العالم وبلادنا: يُستشهد ابنه فيَحمدُ الله، يُستشهد ابنه فيقول: فداء لفلسطين، والفتى الجريح يشكر الله ويتلو آيات من القرآن. صبر هؤلاء النّاس مهمٌّ للغاية. أراد العدو أن يُجبر هؤلاء على الاستسلام وأن رفعوا أيديهم، لكنهم لم يرفعوا ولم يستسلموا. هذه نقطة مهمة للغاية؛ هذا الصّبر والتوكّل سيغيثانهم وسيؤدّيان إلى أن ينتصروا، وفي نهاية المطاف، سيكونون المنتصرين في الميدان.

إلى جانب هذه، توجد نقطة أخرى مهمّة هي أنّ الضّربة التي وُجّهت في هذه الحادثة، وعبر هجوم المجاهدين الفلسطينيّين، إلى الكيان الغاصب 1، كانت ضربة مصيريّة، ولم تُوجّه حتى الآن مثل هذه الضربة إلى هذا الكيان، وكما سبق أن قلنا في البداية إنها غير قابلة للترميم، ومع مرور الوقت يتّضح أكثر فأكثر أنها غير قابلة للترميم. إنكم ترون توافد الرئيس الأمريكي ورؤساء الدول الظالمة والشريرة، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على نحو متتال إلى هناك، فما سبب ذلك؟ هذا كلّه لأنّهم يرون أنّ الكيان يتلاشى ويزول. إنّهم يدركون هذا فيسارعون للحؤول دون هذا الزوال. ولو أنّ خطر التلاشي والزوال لم يتهدّد الكيان الغاصب، ما رأى أشرار العالم هؤلاء أنفسهم مضطرّين إلى أن يتوافدوا واحداً تلو آخر إلى هناك ويعربوا عن تضامنهم. هذا يثبت أنّ الضّربة كانت قاصمة ومصيريّة للغاية. حسناً إنّهم في الواقع يُبقون الكيان المصفوع والنازف والمنهك واقفاً على قدميه بالقوّة، عبر مدّه بالأسلحة والقنابل المَهولة وما إلى ذلك، وهذا لأنّه لم يقوَ على المجاهدين ولن يقوى عليهم، فينتقم من الناس العُزّل والمظلومين ويُلقي القنابل على رؤوسهم. لا يزال المجاهدون على جاهزية للإقدام، ولقد حافظوا خلال هذه المدّة على روحيّتهم ودافعهم وقدرتهم على المبادرة، وسيكونون بعد الآن كذلك، إن شاء الله. في رأيي، ينبغي لكل مَن يتحدث عن غزة أن يتحدّث أيضاً عن صبر الناس والمجاهدين واقتدارهم، وإلّا سوف يُظلم هؤلاء. هذا الصبر الذي صبروه [مهم جداً] للحق والإنصاف.

هناك نقطة أساسيّة أخرى هي أنّ أمريكا في هذه القضية شريكٌ حتميّ في جريمة المجرمين، أي إنّ يد أمريكا انغمست حتّى المرفق في دماء المظلومين والأطفال والمرضى والنساء ونحوهم في ما يخص هذه الجريمة وهي ملطخة [بهذه الدماء]. إنّها في الواقع تدير بنحوٍ ما هذه الجريمة التي تُرتكب في غزّة. أمريكا هي التي تدير ذلك.

توسّع نطاق الجرائم في غزّة إلى درجة أنّها هزّت الضمير العام في العالم. ترون الناس في المدن الأمريكيّة والأوروبيّة والعواصم وكذلك الدول الإسلاميّة يُعربون عن معارضتهم بصراحة. مع أنه في الدول الأوروبية يدّعون حرية التعبير [لكنهم] منعوا حضور الناس في مسيرات الشوارع المؤيدة لغزة، وهذه أيضاً إحدى فضائحهم. المظاهرات مسموحٌ بها من أجل كلّ شيء وممنوعة من أجل الدفاع عن المظلوم! لكنّ الناس لم يكترثوا، ورأيتم المشاهد في التلفاز كيف جاء الناس وشاركوا. الناس في العالم غاضبون، ولا يمكن لأحدٍ أن يمنع ردود أفعالهم. ومهما حاولوا، فلن يتمكنوا من منع رد الفعل هذا.

ما أريد تأكيده هو ألّا تيأس الحكومات المسلمة في هذه القضيّة. لا يكوننّ الأمر على هذا النحو: أن يظنّوا أنّه بسبب ارتكاب الأمريكيّين أو سائر الدول الغربيّة حماقة بوصف المدافعين عن ديارهم ووطنهم بالإرهابيّين فعليهم أيضاً يكرّروا ذاك الوصف نفسه. هل مَن يدافع عن دياره ووطنه أمام العدوّ إرهابيٌّ؟ إنّ تلك الحكومة الظالمة والزّائفة التي غصبت دياره هي الإرهابيّة. يجب أن تحرص الحكومات المسلمة والمتحدّثون السياسيّون على ألّا يكرّروا كلام أولئك، وأن يعلموا أنّ فلسطين ستكون المنتصرة حتماً في هذه القضيّة والقضايا التي ستليها.

العالم المُقبل هو عالم فلسطين وليس الكيان الصهيوني الغاصب، وإنّ المستقبل ملكُ هؤلاء [الفلسطينيين]. وأما المحاولات التي يفعلونها - نعم، يمارسون الظلم ويرتكبون الجرائم والفجائع - فكلها عبثيّة ولن تحقّق أيّ نتيجة، إن شاء الله، وبإذن الله تعالى. ونأمل - إن شاء الله - أن يقدّر الله المتعالي ما هو خير للعالم الإسلامي والأمة الإسلامية، وأن يجعل أعداء الأمة الإسلامية منكوبين ومقهورين وأذلاء، إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته  2 3.

 

  • 1. بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية السبت 2023/10/7 عملية واسعة تحت اسم «طوفان الأقصى» سقط خلالها عدد كبير من القتلى والجرحى والأسرى الصهاينة في الساعات الأولى.
  • 2. مقتبس من كلمة الإمام الخامنئي بتاريخ 2023/10/25 في لقاء مع القائمين على المؤتمر الوطني لتكريم شهداء محافظة لرستان.
  • 3. المصدر: موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي دامت بركاته.