الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لا يؤتمن الفاسق على تبليغ كلام النبي..

نص الشبهة: 

يعتقد الشيعة عدم عدالة الصحابة «رضي الله عنهم». ولكننا نجد في كتب الشيعة روايات تدلُّ على هذه العدالة بلا ريب! فمن ذلك ما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه خطب في حجة الوداع قائلاً: «نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها إلى من لم يسمعها..» (الخصال، ص 149ـ 150، حديث رقم 182). فإذا لم يكن الصحابة عدولاً، فكيف يأتمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحداً منهم على تبليغ كلامه إلى من لم يسمعه؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن الشيعة كما قلنا مراراً وتكراراً يعتقدون بأن بعض الصحابة ـ وهم قلة ـ هم الذين عدوا على حق علي «عليه السلام» بالخلافة، واغتصبوه منه، وساعدهم على ذلك أكثر قبائل قريش، وسكت أكثر الصحابة، الذين لم يرق لهم أن يورطوا أنفسهم في أمر بدا لهم أن فيه متاعب كثيرة، وقد تنشأ عنه آثار خطيرة.
وانتقاد أفعال بعض الصحابة لا يعني تفسيقهم، فضلاً عن أن يدلَّ على تفسيق جميعهم، لأن تفسيق من طلب الأمور الدنيوية الحساسة يتوقف على إثبات تعمده مخالفة الحق.. وارتكابه ما لا يجوز للمؤمن أن يورط نفسه فيه..
ثانياً: إن الحديث الذي أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيه بإبلاغ مقالته إلى من لم يسمعها لا يحتاج إلى أكثر من الوثاقة بالنقل، والتأكد من صدق الناقل ولو بانضمام غيره إليه بحيث يطمئن إلى عدم اجتماع الناقلين على الكذب، ولا يحتاج إلى العدالة لا ثبوتاً ولا نفياً.
ولا سيما بملاحظة أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك في جمع عظيم يعد بعشرات الألوف.
ثالثاً: قال علي «عليه السلام»: «ولقد كذب على رسول الله «صلى الله عليه وآله» على عهده حتى قام خطيباً، فقال: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» 1.
وقد أتم علي «عليه السلام» كلامه ببيان أقسام نقلة الحديث عن رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فراجع كلامه «عليه السلام».
فمن يقول هذا الكلام كيف يحكم بعدالة وصدق كل من رأى النبي «صلى الله عليه وآله» من البشر إذا كان مميزاً، ولو كان قد رآه مرة واحدة.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 2.

  • 1. نهج البلاغة (بشرح عبده) ج 2 ص 188 الخطبة رقم 210 وسفينة النجاة للتنكابني ص 279.
  • 2. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، 1431 هـ ـ 2010 م، السؤال رقم (1119).