الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

تحريف القران

نص الشبهة: 

ـ في الشافي : 2 / 616 ، أن القرآن الواقعي17 ألف آية . ـ في كتاب هزار تمهارى دس همارى : 553 ، أن القرآن الفعلي ملخص ومقتطف من القرآن ، والقرآن الأصلي عند الإمام المهدي . ـ في كتاب شيعه مذهب حق هى : 2 / 57 ، قبول وقوع التحريف في القرآن في كلمة الشهادتين . ـ في كتاب الشيعة وتحريف القرآن : 62 ، أن القرآن نزل في أربعة أقسام ، وأن القرآن الفعلي فيه ثلاثة أقسام فقط !

الجواب: 

1 الكتب التي ذكرها السؤال غير معروفة لنا ، إلا كتاب الشافي للسيد المرتضى قدس سره ، ولا يوجد فيه ما ذكره الكاتب !
لكن توجد في مصادرنا أخبار آحاد بوجود نقص في القرآن ، وقد ردَّها علماؤنا ، لأنا نعتقد بعصمة القرآن وسلامته من التحريف .
بل إن مذهبنا كله مبني على إطاعة وصية النبي صلى الله عليه وآله بإتباع القرآن و العترة ومعناه أن القرآن كان موجوداً مجموعاً من عهده صلى الله عليه وآله .
لكن المشكلة أنه توجد في مصادر السنيين أخبار أكثر قد تزيد على المئة حديث وأثر ، وفيها الصحيح الصريح بنقص القرآن وزيادته ! فلا بد لهم أيضاً أن يردوها لمخالفتها للمجمع عليه بين الأمة من سلامة القرآن من الزيادة والنقصان .
فمن غير الإنصاف أن ينظر إلى ما يوجد في مصادرنا وقد ردَّه علماؤنا ، وتُغمض العيون عما يوجد في مصادر غيرنا ، وهو أكثر منه وأصح عندهم ! وفيما يلي نذكر أحاديث من مصادر الطرفين ، ونعتقد بأنه يجب ردها جميعاً :
فأهم حديث في مصادرنا هو ما رواه في الكافي : 2 / 634 : ( عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : إن القرآن الذي جاء به جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله سبعة عشر ألف آية ) . انتهى .
وقد فسره الصدوق رحمه الله بأن المقصود به ما جاء به جبرئيل عليه السلام من تفسير ووحي ، قال في الإعتقادات في دين الإمامية ص 84 : ( اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة وعندنا أن الضحى وألم نشرح ، سورة واحدة ، ولإيلاف وألم تر كيف ، سورة واحدة ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب .
وما روي من ثواب قراءة كل سورة من القرآن ، وثواب من ختم القرآن كله ، وجواز قراءة سورتين في ركعة نافلة ، والنهي عن القرآءة بين سورتين في ركعة فريضة ، تصديقٌ لما قلناه في أمر القرآن ، وأن مبلغه ما في أيدي الناس . وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كله في ليلة واحدة ، وأنه لا يجوز أن يختم في أقل من ثلاثة أيام ، تصديقٌ لما قلناه أيضاً . بل نقول : إنه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن ، ما لو جمع إلى القرآن لكان مبلغه مقدار سبعة عشر ألف آية وذلك مثل قول جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله : إن الله تعالى يقول لك : يا محمد ، دارِ خلقي ) ومثل قوله : ( إتق شحناء الناس وعداوتهم ) ومثل قوله : ( عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وشرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عن الناس ) ومثل قول النبي صلى الله عليه وآله : ( ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أدْرَدَ وأحْفى ، وما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ، وما زال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها ، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلاً يعتق به ) . انتهى .
وقال بعض علمائنا إنه وقع التصحيف في هذا الحديث ، فأصله سبعة آلاف آية ، فكُتبت سبعة عشر ألف آية ، ويصح أن يعبَّر عن آيات القرآن التي تزيد عن ستة آلاف وخمس مئة ، أنها سبعة آلاف .
لكن المشكلة الأكبر في مصادرهم فأحاديث تحريف القرآن بنقصه وزيادته وآثارها من أقوال خلفائهم وعلمائهم كثيرة ، منها : أن عمر بن الخطاب قال إن القرآن ضاع أكثر من ثلثيه !
فقد روى الطبراني في الأوسط : 6 / 361 : ( حدثنا محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثني أبي ، عن جدي آدم بن أبي إياس ، ثنا حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله ( ص ) : القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين ) .انتهى .
وبما أن عدد حروف القرآن ثلاث مئة ألف حرف وكسراً ، فلا يبلغ ثلث العدد الذي قاله عمر ، فيكون مقصوده ضياع أكثر من ثلثي القرآن !!
قال السيوطي في الدر المنثور : 6 / 422 : ( قال بعض العلماء هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه ، وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة ) 2 .
ولا يمكن قبول تفسيرهم هذا لقول عمر ، لأنه لو كان أكثر من ضعفي القرآن الفعلي منسوحاً لبان وشاع ، هذا إذا كان يُعقل أن ينزل الله كتاباً ويكون المنسوخ منه أكثر من ضعفي القرآن الفعلي !
أما سند حديث عمر ، فرواته الثقاة عندهم ،قال الهيثمي في مجمع الزوائد : 7 / 163 : ( رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس ، ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً ، وبقية رجاله ثقات ) . 3 ، وقال : ( الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه ، وأبو نصر السجزي في الإبانة ، عن عمر قال أبو نصر : غريب الإسناد والمتن ، وفيه زيادة على ما بين اللوحين ، ويمكن حمله على ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم ) انتهى .
فقد صرح الهيثمي بأن أحداً قبل الذهبي لم يطعن أو يتكلم في شيخ الطبراني محمد بن عبيد بن آدم ! وتضعيفات الذهبي لا قيمة لها عندهم ، لأنه كثيراً ما يطعن براوٍ موثق بسبب متن حديث لم يعجبه ، مع أنه راويه ليس مسؤولاً عنه !
أما قول ابن حجر في لسان الميزان : 5 / 276 : ( محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني : تفرد بخبر باطل ، قال الطبراني . . الحديث ) ، فإن أراد به أن معنى الحديث باطل فهو صحيح ، وإن أراد الطعن بمحمد بن عبيد فالتفرد ليس طعناً . ولذلك اعتبره السيد الخوئي قدس سره موثقاً ، فقال في البيان : 202 : ( وأخرج الطبراني بسند موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف ، بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، وعليه فقد سقط من القرآن أكثر من ثلثيه ) . انتهى .
ولو تنزلنا وقلنا إن الحديث ضعيف بمحمد بن عبيد ، فشواهده الكثيرة ترفعه إلى درجة الصحيح عندهم . فمن شواهده : ما رواه عبد الرزاق : 7 / 330 : ( عن معمر ، عن ابن جدعان ، عن يوسف بن مهران ، أنه سمع ابن عباس يقول : أمر عمر بن الخطاب منادياً فنادى أن الصلاة جامعة ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس لا تُخدعن آية الرجم فإنها قد نزلت في كتاب الله عز وجل وقرأناها ، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد ( ص ) وآية ذلك أنه ( ص ) قد رجم . . . ) .انتهى .
وهذا السند مقبول عندهم ، لأن جميع رواته موثقون حتى ابن جدعان الذي هو علي بن زيد بن جدعان ، وليس لهم عليه مأخذ إلا أنه كان يتشيع ! لكن التشيع ليس تضعيفاً عندهم ! قال ابن حبان في الثقات : 2 / 154 : ( علي بن زيد بن جدعان بصري ، يكتب حديثه وليس بالقوي ، وكان يتشيع وقال مرة لا بأس به ) . انتهى .
وحتى الذين لا يقبلون حديث ابن جدعان ويضعفونه ، قبلوا روايته عن يوسف بن مهران ! قال الرازي في الجرح والتعديل : 9 / 229 : ( يوسف بن مهران مكي روى عن ابن عباس وابن عمر ، روى عنه علي بن زيد بن جدعان ، سمعت أبي يقول ذلك . . . ثنا عبد الرحمن قال : سألت أبي عن يوسف بن مهران فقال : لا أعلم روى عنه غير علي بن زيد بن جدعان ، يكتب حديثه ويذاكر به نا عبد الرحمن قال : سئل أبو زرعة عن يوسف بن مهران فقال : مكي ثقة ) .
وقال في هامش المجروحين : 2 / 103 : ( علي بن زيد بن جدعان أحد علماء التابعين ، اختلفوا فيه فقوى أمره جماعة كالجريري ومنصور بن زاذان وحماد بن سلمة ، وتكلم فيه الأكثرون قال شعبة : كان رفاعاً ، وقال مرة : حدثنا علي قبل أن يختلط وكان ابن عيينة يضعفه . . . ) انتهى .
وقال في هامش سير أعلام النبلاء : 2 / 134 ، عن حديث آخر : ( وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد ، وهو ابن جدعان ، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي ( 3206 في التفسير ) وقال في : 3 / 375 : ( وفي سند الطبراني محمد بن سعيد الأثرم وهو ضعيف ، وفي سند البزار علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف ، لكن يتقوى كل منهما بالآخر فيحسن ، وآخر من حديث ابن عباس عند ابن عدي : 89 / 2 ، وفي سنده حكيم بن جبير وهو ضعيف ، فالحديث صحيح بهذه الشواهد ) انتهى . فهذا الحديث أيضاً صحيح بشواهده عندهم ، فضلاً عن صلاحيته كشاهد لحديث الطبراني عن عمر .
ومن شواهده أيضاً ما رواه ابن عساكر : 7 / 265 : ( وأخبرنا أبو عبدالله البلخي أنا ثابت بن بندار ، أنا الحسين بن جعفر قالا : أنا الوليد بن بكر ، نا علي بن أحمد بن زكريا ، نا أبو مسلم صالح بن أحمد العجلي ، حدثني أبي أحمد ، حدثني أبو عثمان البغدادي ثقة ، نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ، قال عمر بن الخطاب لعبد الرحمن بن عوف : ألم يكن فيما يقرأ : قاتلوا في الله آخر مرة كما قاتلتم فيه أول مرة ؟ قال : متى ذاك يا أبا محمد؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو مخزوم الوزراء .
وقد روي هذا الحديث عن ابن أبي مليكة من وجه آخر : أخبرناه أعلى من هذا بأربع درجات أبو بكر بن المزرفي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، نا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد ، نا دواد بن عمرو ، نا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ، قال قال عمر بن الخطاب لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل الله : جاهدوا كما جاهدتم أول مرة ؟ قال : بلى . قال : فإنا لا نجدها؟! قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن ! قال أتخشى أن يرجع الناس كفاراً ؟ قال : ما شاء الله . قال : لئن رجع الناس كفاراً ليكونن أمراؤهم بني فلان ووزراؤهم بني فلان . . ) . انتهى .
وقال في الدر المنثور : 1 / 106 : ( وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري عن المسور بن مخرمة قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنا لا نجدها ؟! قال : أسقطت فيما أسقط من القرآن )!! 4ومن شواهده : ما رواه في الدر المنثور : 1 / 106 : ( وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال : لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله ، ما يدريه ما كله ؟! قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه ) !! انتهى .
فهذه الشواهد ، ومثلها كثير في هذا الباب ، ترفع حديث عمر إلى درجة الصحيح ، وبعضها صحيح بنفسه كقول عمر : ( ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد ) !! وكذلك نصوصهم على أن سورة الأحزاب ضاع منها أكثر من مئتي آية ! وسورة براءة ضاع أكثرها !
وهي جميعاً تدل بما لا يقبل الشك على أن قول عمر الأول صحيح ، وأنه كان يرى أن القرآن الموجود بين أيدينا أقل من ثلث القرآن المنزل ، وأنه فُقد أكثر من ثلثيه بعد النبي صلى الله عليه وآله !!
ولو قايسنا أحاديثهم هذه بجميع ما ورد في مصادرنا من أحاديث وآثار تقول إنهم حذفوا عددأً من الآيات في فضائل أهل البيت عليهم السلام ومطاعن قريش ، لكانت رواياتنا شيئاً قليلاً يسيراً أمام أحاديثهم الكثيرة العجيبة !!
وموقفنا أنه يجب ردَّ الجميع ، لعصمة القرآن عن الزيادة والنقصان ، فيجب عليهم أن يردوا نصوصهم جميعاً حتى لو كان سندها صحيحاً .
ولا يتسع المجال لأن نورد بقية ما رووه في نقص القرآن ! 5 6 !!

  • 1. كتب سماحة الشيخ الكوراني في مقدمة كتاب "أجوبة على بعض علماء الطالبان" : وصلتنا رسالة على شكل منشور من بعض علماء الوهابية في باكستان ، تتضمن خمسين سؤالاً أو إشكالاً ، وقد جمعوا فيها بعض الأحاديث والنصوص من مصادر مذهبنا ، وبعض كلمات من مؤلفات لعلماء شيعة ، وأكثرها مؤلفات غير معروفة ، وأرادوا أن يثبتوا بها كفر الشيعة ! وجعلوا عنوانها : هل الشيعة كفار.. ؟ أحكموا أنتم !
    وهذه إجابات عليها ، تكشف ما ارتكبه كاتبها من كذب على الشيعة ، وبتر للنصوص ، وتحريف للمعاني ، وسوء فهم ، وقد جمعنا الأسئلة في محاور ، ليكون الجواب على موضوعاتها ، والله ولي القبول والتوفيق .
    وأصلها باللغة الفارسية وهذه ترجمتها بنصه : هل الشيعة كفار .. أحكموا أنتم !
  • 2. راجع ما قاله أيضاً في الجامع الصغير : 2 / 264 ، و الإتقان : 1 / 70 .
  • 3. ورواه كنز العمال : 1 / 517 ، و : 1 / 541 .
  • 4. ورواه في كنز العمال : 2 / 567 من مسند عمر وقال : في رواية أخرى : فرفع فيما رفع !
  • 5. راجع ما ورد عندهم في نقص سورة الأحزاب وسورة البقرة وسورة براءة ، في : الدر المنثور : 5 / 180 ، وفتح القدير : 4 / 259 ، وكنز العمال : 2 / 480 ، من مسند عمر عن ابن مروديه و عن أبيّ ، ومسند أحمد : 5 / 132 ، والحاكم : 2 / 415 ، و :4 / 359 ، وقال في الموردين : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه والبيهقي في سننه : 8 / 211 ، كما في رواية الحاكم الثانية . ومجمع الزوائد : 5 / 302 ، و : 7 / 28 ، والدر المنثور : 1 / 105 ، و : 3 / 208
  • 6. كتاب : أجوبة على أسئلة بعض علماء طالبان : القسم الثاني : حول القرآن .