ما هي الامور التي تهون الحساب في يوم القيامة ؟

يتخوف المؤمنون بالله عَزَّ و جَلَّ من سوء الحساب في يوم القيامة و يرجون رحمة ربهم و يتضرعون اليه لكي يحاسبهم حساباً يسيراً، و لقد ذكرت الاحاديث و الروايات المأثورة عن المعصومين عليهم السلام بأن هناك أموراً تجعل حساب من أتى بها يسيراً و هيناً في يوم القيامة فيعطى كتابه بيمينه فيطير فرحاً لذلك، و هذه الأمور هي:

  1. بر الوالدين.
  2. حب اهل البيت عليهم السلام
  3. صلة الرحم.
  4. صدقة الليل.
  5. المقتصد و هو من تساوت حسناته و سياته.

بر الوالدين و صلة الرحم

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَ يُبْسَطَ فِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ أَبَوَيْهِ فَإِنَّ صِلَتَهُمَا طَاعَةُ اللَّهِ وَ لْيَصِلْ ذَا رَحِمِهِ".
وَ قَالَ: "بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَ صِلَةُ الرَّحِمِ يُهَوِّنَانِ‏ الْحِسَابَ‏" ــ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ــ ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ 1".
ثُمَّ قَالَ‏  صلى الله عليه و آله: "صِلُوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِسَلَامٍ‏" 2.

محب اهل البيت معهم يوم القيامة

رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ للإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام رَجُلًا مَاتَ‏، فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَانَ وَ اللَّهِ حَسَنَ الرَّأْيِ فِيكُمْ مُحِبّاً لَكُمْ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صلوات الله عليه: "لَا يُحِبُّنَا عَبْدٌ إِلَّا كَانَ مَعَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاسْتَظَلَّ بِظِلِّنَا وَ رَافَقَنَا فِي مَنَازِلِنَا، وَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَا يُحِبُّنَا عَبْدٌ حَتَّى يُطَهِّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ، وَ لَا يُطَهِّرُ قَلْبَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ لَنَا، وَ إِذَا سَلَّمَ لَنَا سَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ سُوءِ الْحِسَابِ‏ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ أَمِنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، إِنَّمَا يَغْتَبِطُ أَهْلُ هَذَا الْأَمْرِ إِذَا انْتَهَتْ نَفْسُ أَحَدِهِمْ إِلَى هَذِهِ ــ وَ أَوْمَى بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ ــ " 3.

صدقة الليل

رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنَّهُ قال: "إِنَّ صَدَقَةَ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَ تَمْحُو الذَّنْبَ الْعَظِيمَ، وَ تُهَوِّنُ الْحِسَابَ... " 4.

المقتصد

قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ 5 .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله: "السَّابِقُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَ الْمُقْتَصِدُ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، وَ الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ يُحْبَسُ فِي يَوْمٍ‏ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يَدْخُلَ الْحُزْنُ جَوْفِهِ ثُمَّ يَرْحَمُهُ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ " 6.

قال المفسرون إن الظالم لنفسه هو من رجحت سيئاته على حسناته، و السابق بالخيرات من رجحت حسناته على سيئاته، و بالأولى من لا سيئات له، و المقتصد بينهما أي الذي استوت حسناته و سيئاته 7.

  • 1. القران الكريم: سورة الرعد (13)، الآية: 21، الصفحة: 252.
  • 2. الدعوات (سلوة الحزين): 126، لسعيد بن هبة الله المعروف بالقطب الراوندي المتوفى سنة: 573 هجرية، طبعة مدرسة الامام المهدي سنة: 1407 هجرية، قم/إيران.
  • 3. دعائم الإسلام (و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام): 1 / 73، لأبي حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن احمد بن حَیُّون المغربي، المتوفى سنة: 363 هجرية، الطبعة الثانية سنة: 1427 هجرية، مؤسسة آل البيت (عليهم السَّلام) قم/إيران.
  • 4. الكافي: 4 / 8، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية / شمسية، طهران / إيران.
  • 5. القران الكريم: سورة فاطر (35)، الآية: 32، الصفحة: 438.
  • 6. تفسير فرات الكوفي: 349.
  • 7. أنظر تفسير الكاشف: 6 / 292.