نشر قبل 18 سنة
تقيمك هو: 4. مجموع الأصوات: 40
القراءات: 6132

السائل: 

عاصم البني

العمر: 

22

المستوى الدراسي: 

الدولة: 

المدينة: 

دمشق

كما تعرفون أنني من أنصار شيعة أهل البيت بإذن الله ، و لكن لي أم لا أريد أن أقول أنها متسلطة و ... ؟

السوال: 

السلام عليكم أريد أن أطرح عليك سؤالا ، أنتم كما تعرفون أنني من أنصار شيعة أهل البيت بإذن الله ، و لكن لي أم لا أريد أن أقول أنها متسلطة و لكنها تريد أن يكون أولادها تحت إمرتها وكما تريد ، و خاصة أنها متدينة جدا و ترغب لكل أولادها أن يكونوا على نفس مذهبها ، و أنا الآن على خلاف دائم معها بعد أن اهتديت ، و لكن عندي يقين بأن المذاهب كلها سواء و أحاول أن أقنعها أن الأساس هو الإسلام و الإيمان و لكنها لا تريد الإقتناع و بصراحة أنا لا أرغب أن أكون دائمأ في خلاف معها و اريد أن تكون أمي راضية عني و أن أكسب رضاها لأنها إن رضيت علي اكون في غاية السعادة و الطمأنينة و أحس بأن الله معي فكيف أوفق بين ديني وأمي ، و كما تعرفون قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم و قضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا صدق الله العظيم فما هي الطريقة التي من خلالها أكون قد رضيت ربي و أمي في نفس الوقت ، مع العلم أن أمي قالت لي أنها سوف تثبت على موقفها حتى أرتدع و أصبح كما تريد هي ، وكما تعرفون أنا طالب في السنة الأخيرة هندسة عمارة و أحتاج إلى رضا الله و رضا الوالدين فما الحل ؟ جزاكم الله خيرا

الجواب: 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و بعد : إطاعة الوالدين واجبة بأمر من الله عز و جل في القرآن الكريم ، فقد قال عزَّ مِن قائل : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء/23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } ، ( سورة الإسراء ، الآية : 24 ) . لكنه عز و جل رغم أمره بالإحسان بالوالدين و عدم الإساءة إليهما و معاملتهما بالحسنى و الدعاء لهما ، إلا أنه تعالى حدد طاعة الوالدين و بيَّن حدودها بقوله جل جلاله : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، ( سورة العنكبوت ، الآية : 8 ) ، و نهى عن إطاعتهما في المعصية و في ما ينافي التكليف الشرعي للمكلف . فلا يجوز لك التخلي عن مبادئك و إعتقاداتك كما هو واضح ، بل عليك تجنُّب الخلاف معها ، و عليك الجمع بين التمسك بما توصلت إليه من الحقيقة من جانب ، و إتباع ما أمر به أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) بخصوص الوالدين و هو مضاعفة الإحسان إلى الوالدين ضمن الحدود الشرعية و الرفق بهم و إحترامهم من جانب آخر . فعَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ ( عليه السلام ) : إِنَّ لِي أَبَوَيْنِ مُخَالِفَيْنِ . فَقَالَ : " بَرَّهُمَا كَمَا تَبَرُّ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يَتَوَلَّانَا " ، ( الكافي : 2 / 162 ) . و عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ كُنْتُ نَصْرَانِيّاً فَأَسْلَمْتُ وَ حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ ( عليه السلام ) فَقُلْتُ : إِنِّي كُنْتُ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَ إِنِّي أَسْلَمْتُ . فَقَالَ : " وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ رَأَيْتَ فِي الْإِسْلَامِ " ؟ قُلْتُ : قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : { ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ } . فَقَالَ : " لَقَدْ هَدَاكَ اللَّهُ ـ ثُمَّ قَالَ ـ اللَّهُمَّ اهْدِهِ ـ ثَلَاثاً ـ سَلْ عَمَّا شِئْتَ يَا بُنَيَّ " . فَقُلْتُ : إِنَّ أَبِي وَ أُمِّي عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَ أَهْلَ بَيْتِي ، وَ أُمِّي مَكْفُوفَةُ الْبَصَرِ فَأَكُونُ مَعَهُمْ وَ آكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ ؟ فَقَالَ : يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ ؟ فَقُلْتُ : لَا ، وَ لَا يَمَسُّونَهُ . فَقَالَ : " لَا بَأْسَ ، فَانْظُرْ أُمَّكَ فَبَرَّهَا ، فَإِذَا مَاتَتْ فَلَا تَكِلْهَا إِلَى غَيْرِكَ ، كُنْ أَنْتَ الَّذِي تَقُومُ بِشَأْنِهَا ، وَ لَا تُخْبِرَنَّ أَحَداً أَنَّكَ أَتَيْتَنِي حَتَّى تَأْتِيَنِي بِمِنًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ " . قَالَ : فَأَتَيْتُهُ بِمِنًى وَ النَّاسُ حَوْلَهُ كَأَنَّهُ مُعَلِّمُ صِبْيَانٍ ، هَذَا يَسْأَلُهُ ، وَ هَذَا يَسْأَلُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْكُوفَةَ أَلْطَفْتُ لِأُمِّي وَ كُنْتُ أُطْعِمُهَا وَ أَفْلِي ثَوْبَهَا وَ رَأْسَهَا وَ أَخْدُمُهَا . فَقَالَتْ لِي : يَا بُنَيَّ مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِي هَذَا وَ أَنْتَ عَلَى دِينِي ، فَمَا الَّذِي أَرَى مِنْكَ مُنْذُ هَاجَرْتَ فَدَخَلْتَ فِي الْحَنِيفِيَّةِ ؟! فَقُلْتُ : رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ نَبِيِّنَا أَمَرَنِي بِهَذَا . فَقَالَتْ : هَذَا الرَّجُلُ هُوَ نَبِيٌّ ؟ فَقُلْتُ : لَا ، وَ لَكِنَّهُ ابْنُ نَبِيٍّ . فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ إِنَّ هَذَا نَبِيٌّ ، إِنَّ هَذِهِ وَصَايَا الْأَنْبِيَاءِ . فَقُلْتُ : يَا أُمَّهْ إِنَّهُ لَيْسَ يَكُونُ بَعْدَ نَبِيِّنَا نَبِيٌّ ، وَ لَكِنَّهُ ابْنُهُ . فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ دِينُكَ خَيْرُ دِينٍ ، اعْرِضْهُ عَلَيَّ . فَعَرَضْتُهُ عَلَيْهَا ، فَدَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ ، وَ عَلَّمْتُهَا فَصَلَّتِ الظُّهْرَ وَ الْعَصْرَ وَ الْمَغْرِبَ وَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ، ثُمَّ عَرَضَ لَهَا عَارِضٌ فِي اللَّيْلِ . فَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ أَعِدْ عَلَيَّ مَا عَلَّمْتَنِي ، فَأَعَدْتُهُ عَلَيْهَا ، فَأَقَرَّتْ بِهِ وَ مَاتَتْ . فَلَمَّا أَصْبَحَتْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ غَسَّلُوهَا ، وَ كُنْتُ أَنَا الَّذِي صَلَّيْتُ عَلَيْهَا وَ نَزَلْتُ فِي قَبْرِهَا ، ( الكافي : 2 / 160 ) .