• الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
نشر قبل 13 سنة
تقيمك هو: 5. مجموع الأصوات: 94
القراءات: 33226

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

وصية الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام لجابر الجعفي

رُوِيَ عَنْ الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) أَنَّهُ قَالَ لِجَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ: "يَا جَابِرُ اغْتَنِمْ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكَ خَمْساً:
1.إِنْ حَضَرْتَ لَمْ تُعْرَفْ.
2.وَ إِنْ غِبْتَ لَمْ تُفْتَقَدْ.
3.وَ إِنْ شَهِدْتَ لَمْ تُشَاوَرْ.
4.وَ إِنْ قُلْتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُكَ.
5.وَ إِنْ خَطَبْتَ لَمْ تُزَوَّجْ.
وَ أُوصِيكَ بِخَمْسٍ:
1.إِنْ ظُلِمْتَ فَلَا تَظْلِمْ.
2.وَ إِنْ خَانُوكَ فَلَا تَخُنْ.
3.وَ إِنْ كُذِّبْتَ فَلَا تَغْضَبْ.
4.وَ إِنْ مُدِحْتَ فَلَا تَفْرَحْ.
5.وَ إِنْ ذُمِمْتَ فَلَا تَجْزَعْ.
وَ فَكِّرْ فِيمَا قِيلَ فِيكَ، فَإِنْ عَرَفْتَ مِنْ نَفْسِكَ مَا قِيلَ فِيكَ فَسُقُوطُكَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ عِنْدَ غَضَبِكَ مِنَ الْحَقِّ أَعْظَمُ عَلَيْكَ مُصِيبَةً مِمَّا خِفْتَ مِنْ سُقُوطِكَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَ إِنْ كُنْتَ عَلَى خِلَافِ مَا قِيلَ فِيكَ فَثَوَابٌ اكْتَسَبْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتْعَبَ بَدَنُكَ.
وَ اعْلَمْ بِأَنَّكَ لَا تَكُونُ لَنَا وَلِيّاً حَتَّى لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْكَ أَهْلُ مِصْرِكَ وَ قَالُوا إِنَّكَ رَجُلُ سَوْءٍ لَمْ يَحْزُنْكَ ذَلِكَ، وَ لَوْ قَالُوا إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ لَمْ يَسُرَّكَ ذَلِكَ، وَ لَكِنِ اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كُنْتَ سَالِكاً سَبِيلَهُ زَاهِداً فِي تَزْهِيدِهِ رَاغِباً فِي تَرْغِيبِهِ خَائِفاً مِنْ تَخْوِيفِهِ فَاثْبُتْ وَ أَبْشِرْ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ مَا قِيلَ فِيكَ، وَ إِنْ كُنْتَ مُبَايِناً لِلْقُرْآنِ فَمَا ذَا الَّذِي يَغُرُّكَ مِنْ نَفْسِكَ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَعْنِيٌّ بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ لِيَغْلِبَهَا عَلَى هَوَاهَا، فَمَرَّةً يُقِيمُ أَوَدَهَا وَ يُخَالِفُ هَوَاهَا فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَ مَرَّةً تَصْرَعُهُ نَفْسُهُ فَيَتَّبِعُ هَوَاهَا فَيَنْعَشُهُ اللَّهُ فَيَنْتَعِشُ، وَ يُقِيلُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ فَيَتَذَكَّرُ وَ يَفْزَعُ إِلَى التَّوْبَةِ وَ الْمَخَافَةِ فَيَزْدَادُ بَصِيرَةً وَ مَعْرِفَةً لِمَا زِيدَ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ، وَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ 1 .
يَا جَابِرُ، اسْتَكْثِرْ لِنَفْسِكَ مِنَ اللَّهِ قَلِيلَ الرِّزْقِ تَخَلُّصاً إِلَى الشُّكْرِ، وَ اسْتَقْلِلْ مِنْ نَفْسِكَ كَثِيرَ الطَّاعَةِ لِلَّهِ إِزْرَاءً عَلَى النَّفْسِ وَ تَعَرُّضاً لِلْعَفْوِ، وَ ادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ حَاضِرَ الشَّرِّ بِحَاضِرِ الْعِلْمِ، وَ اسْتَعْمِلْ حَاضِرَ الْعِلْمِ بِخَالِصِ الْعَمَلِ، وَ تَحَرَّزْ فِي خَالِصِ الْعَمَلِ مِنْ عَظِيمِ الْغَفْلَةِ بِشِدَّةِ التَّيَقُّظِ، وَ اسْتَجْلِبْ شِدَّةَ التَّيَقُّظِ بِصِدْقِ الْخَوْفِ، وَ احْذَرْ خَفِيَّ التَّزَيُّنِ بِحَاضِرِ الْحَيَاةِ، وَ تَوَقَّ مُجَازَفَةَ الْهَوَى بِدَلَالَةِ الْعَقْلِ، وَ قِفْ عِنْدَ غَلَبَةِ الْهَوَى بِاسْتِرْشَاءِ الْعِلْمِ، وَ اسْتَبْقِ خَالِصَ الْأَعْمَالِ لِيَوْمِ الْجَزَاءِ، وَ انْزِلْ سَاحَةَ الْقَنَاعَةِ بِاتِّقَاءِ الْحِرْصِ، وَ ادْفَعْ عَظِيمَ الْحِرْصِ بِإِيثَارِ الْقَنَاعَةِ، وَ اسْتَجْلِبْ حَلَاوَةَ الزَّهَادَةِ بِقَصْرِ الْأَمَلِ، وَ اقْطَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ بِبَرْدِ الْيَأْسِ، وَ سُدَّ سَبِيلَ الْعُجْبِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ، وَ تَخَلَّصْ إِلَى رَاحَةِ النَّفْسِ بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ، وَ اطْلُبْ رَاحَةَ الْبَدَنِ بِإِجْمَامِ الْقَلْبِ، وَ تَخَلَّصْ إِلَى إِجْمَامِ الْقَلْبِ بِقِلَّةِ الْخَطَإِ، وَ تَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ فِي الْخَلَوَاتِ، وَ اسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ، وَ تَحَرَّزْ مِنْ إِبْلِيسَ بِالْخَوْفِ الصَّادِقِ.
وَ إِيَّاكَ وَ الرَّجَاءَ الْكَاذِبَ فَإِنَّهُ يُوقِعُكَ فِي الْخَوْفِ الصَّادِقِ، وَ تَزَيَّنْ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالصِّدْقِ فِي الْأَعْمَالِ، وَ تَحَبَّبْ إِلَيْهِ بِتَعْجِيلِ الِانْتِقَالِ.
وَ إِيَّاكَ وَ التَّسْوِيفَ فَإِنَّهُ بَحْرٌ يَغْرَقُ فِيهِ الْهَلْكَى.
وَ إِيَّاكَ وَ الْغَفْلَةَ فَفِيهَا تَكُونُ قَسَاوَةُ الْقَلْبِ.
وَ إِيَّاكَ وَ التَّوَانِيَ فِيمَا لَا عُذْرَ لَكَ فِيهِ فَإِلَيْهِ يَلْجَأُ النَّادِمُونَ.
وَ اسْتَرْجِعْ سَالِفَ الذُّنُوبِ بِشِدَّةِ النَّدَمِ وَ كَثْرَةِ الِاسْتِغْفَارِ.
وَ تَعَرَّضْ لِلرَّحْمَةِ وَ عَفْوِ اللَّهِ بِحُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ، وَ اسْتَعِنْ عَلَى حُسْنِ الْمُرَاجَعَةِ بِخَالِصِ الدُّعَاءِ وَ الْمُنَاجَاةِ فِي الظُّلَمِ.
وَ تَخَلَّصْ إِلَى عَظِيمِ الشُّكْرِ بِاسْتِكْثَارِ قَلِيلِ الرِّزْقِ وَ اسْتِقْلَالِ كَثِيرِ الطَّاعَةِ.
وَ اسْتَجْلِبْ زِيَادَةَ النِّعَمِ بِعَظِيمِ الشُّكْرِ، وَ تَوَسَّلْ إِلَى عَظِيمِ الشُّكْرِ بِخَوْفِ زَوَالِ النِّعَمِ، وَ اطْلُبْ بَقَاءَ الْعِزِّ بِإِمَاتَةِ الطَّمَعِ، وَ ادْفَعْ ذُلَّ الطَّمَعِ بِعِزِّ الْيَأْسِ، وَ اسْتَجْلِبْ عِزَّ الْيَأْسِ بِبُعْدِ الْهِمَّةِ.
وَ تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا بِقَصْرِ الْأَمَلِ، وَ بَادِرْ بِانْتِهَازِ الْبَغِيَّةِ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ وَ لَا إِمْكَانَ كَالْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ مَعَ صِحَّةِ الْأَبْدَانِ.
وَ إِيَّاكَ وَ الثِّقَةَ بِغَيْرِ الْمَأْمُونِ، فَإِنَّ لِلشَّرِّ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْغِذَاءِ.
وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ كَطَلَبِ السَّلَامَةِ، وَ لَا سَلَامَةَ كَسَلَامَةِ الْقَلْبِ، وَ لَا عَقَلَ كَمُخَالَفَةِ الْهَوَى، وَ لَا خَوْفَ كَخَوْفٍ حَاجِزٍ، وَ لَا رَجَاءَ كَرَجَاءٍ مُعِينٍ وَ لَا فَقْرَ كَفَقْرِ الْقَلْبِ، وَ لَا غِنَى كَغِنَى النَّفْسِ، وَ لَا قُوَّةَ كَغَلَبَةِ الْهَوَى، وَ لَا نُورَ كَنُورِ الْيَقِينِ، وَ لَا يَقِينَ كَاسْتِصْغَارِكَ الدُّنْيَا، وَ لَا مَعْرِفَةَ كَمَعْرِفَتِكَ بِنَفْسِكَ، وَ لَا نِعْمَةَ كَالْعَافِيَةِ، وَ لَا عَافِيَةَ كَمُسَاعَدَةِ التَّوْفِيقِ، وَ لَا شَرَفَ كَبُعْدِ الْهِمَّةِ، وَ لَا زُهْدَ كَقَصْرِ الْأَمَلِ، وَ لَا حِرْصَ كَالْمُنَافَسَةِ فِي الدَّرَجَاتِ، وَ لَا عَدْلَ كَالْإِنْصَافِ، وَ لَا تَعَدِّيَ كَالْجَوْرِ، وَ لَا جَوْرَ كَمُوَافَقَةِ الْهَوَى، وَ لَا طَاعَةَ كَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَ لَا خَوْفَ كَالْحُزْنِ، وَ لَا مُصِيبَةَ كَعَدَمِ الْعَقْلِ، وَ لَا عَدَمَ عَقْلٍ كَقِلَّةِ الْيَقِينِ، وَ لَا قِلَّةَ يَقِينٍ كَفَقْدِ الْخَوْفِ، وَ لَا فَقْدَ خَوْفٍ كَقِلَّةِ الْحُزْنِ عَلَى فَقْدِ الْخَوْفِ، وَ لَا مُصِيبَةَ كَاسْتِهَانَتِكَ بِالذَّنْبِ وَ رِضَاكَ بِالْحَالَةِ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا، وَ لَا فَضِيلَةَ كَالْجِهَادِ، وَ لَا جِهَادَ كَمُجَاهَدَةِ الْهَوَى، وَ لَا قُوَّةَ كَرَدِّ الْغَضَبِ، وَ لَا مَعْصِيَةَ كَحُبِّ الْبَقَاءِ، وَ لَا ذُلَّ كَذُلِّ الطَّمَعِ، وَ إِيَّاكَ وَ التَّفْرِيطَ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ فَإِنَّهُ مَيْدَانٌ يَجْرِي لِأَهْلِهِ بِالْخُسْرَانِ" 2.

  • 1. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 201 ، الصفحة : 176 .
  • 2. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 75 / 162، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية ، نقلاً عن كتاب تحف العقول: 284.