الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

الاسلام طريق الخلاص

لقد شكّلت أرض فلسطين محوراً مهمّاً في تاريخ الإسلام قديماً وحديثاً، وكأنّه كُتِب على تلك الأرض المقدّسة أن تكون المنطلق لنهضة الأمّة بعد كلّ كبوة تقع فيها نتيجة تضافر الظروف السلبية لذلك.
فمن أرض فلسطين بدأ انحسار الغزو المغولي بعد الهزيمة التي ألحقها جيش المسلمين بجحافل التتار الغزاة في معركة عين جالوت 658 هجرية، إلى أن استطاع المسلمون إلحاق المغول بالدين الإسلامي وصهروهم فيه كإحدى القوميّات التي انصهرت في هذا الدين كالفارسية والتركية والعربية وغيرها.
ومن تلك الأرض كانت هزيمة المشروع الأوروبي للعالم الإسلامي والذي كانت "الحملات الصليبية" كما يصطلح على تسميتها الأداة التنفيذية.
والمسلمون وإن لم يتمكنوا من استيعاب الحملات التي دفعتها أوروبا للوصول إلى مبتغاها من الناحية العقائدية، إلاّ أنّ الأمّة ردّت ذلك الهجوم واستطاعت بعد قرنين مريرين من الجهاد والكرّ والفرّ من الخروج منتصرة من تلك الحرب الضروس.
والذي يهمّنا التأكيد عليه أنّ انتصار الأمّة على المشروع المغولي من خلال صهره في المشروع الإسلامي، وإلحاق الهزيمة بالمشروع الصليبي وإن لم تتمكّن من صهره لعوامل متعدّدة لا مجال هنا لذكرها، يبدو واضحاً أنّ الأمّة عندما كانت تتعرّض لهجوم عام من هذا النوع، كانت تستنفر كلّ طاقاتها وجهودها وإمكاناتها، وكانت تعود إلى حصنها الأساس وهو الإسلام، فتحمله شعاراً تستنهض فيه الهمم وتستثير فيه النفوس من أجل الدفاع وتحرير الأمّة والأرض من الإحتلال، وكانت تنجح في ذلك نجاحاً كبيراً كما حدث مع الهجومين المغولي والصليبي.
والسبب الأساس في النصر لم تكن العوامل المادية فقط، لأنّ موازين القوى لم تكن متكافئة بين المسلمين والأطراف عبر التاريخ، وإنّما العامل الأساس كان الإسلام بما يحتويه من عناصر الدعم الإيماني المطلق بالقدرة الأزلية والجهاد الذي حمله المسلمون باسم دينهم وعقيدتهم، فجعلهم ينطلقون باذلين المهج والأرواح وحاملين الدماء على الأكف غير آبهين بالنتائج طالما أنّ الهدف هو الحفاظ على الإسلام "الأغلى من الحياة" و"الأجدر بالبقاء" والذي له الأولوية المطلقة على كلّ شيءٍ آخر.
من هنا نصل إلى ما نبغي بيانه وهو أنّ الأمّة الإسلامية تتعرّض في الظرف الراهن إلى هجومٍ عام تقوده القوى الإستكبارية بزعامة أمريكا ويتّخذ هذا الهجوم أنماطاً متعدّدة من التحرّكات العسكرية والسياسية والإقتصادية والإعلامية حتى كادت الأمّة أن تستسلم لهذا الواقع الجديد الناتج عن ذلك الهجوم والذي أفرز قيام كيان دخيل في جسم الأمّة هو "الكيان الغاصب للقدس والمهجّر للشعب الفلسطيني المسلم".
لهذا نقول إنّ الأمّة الإسلامية لن تتمكّن من الإنتصار على كلّ عوامل الضعف في داخلها ولن تستطيع الإنتصار على المشروع الإستكباري في هذا الزمن إلاّ بالعودة إلى الإسلام والتحصّن به والإنطلاق منه شعاراً وجهاداً ودفاعاً عن وجودها وحريّتها واستقلالها، والبداية قد تحقّقت ولله الحمد في ثورة الإمام الخميني "قدس سره" التي أنتجت الجمهورية الإسلامية في إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان والإنتفاضة المباركة للشعب الفلسطيني المظلوم داخل فلسطين.
والحمد لله ربّ العالمين1.

  • 1. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ محمد توفيق المقداد حفظه الله.