الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

التطبيع في القرآن

امور المستعصية علينا أن نرجع الى كتاب الله العزيز ونستنطقه، حتى نستلهم منه الموقف الصحيح، وهنا نمر بشكل سريع على بعض الآيات لاستنطاقها حول التطبيع:
1-مسلمون - أو يدّعون الاسلام - ولكنهم يلهثون وراء التطبيع مع الصهانية، بينما القرآن يصف الصهانية كالتالي:
﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ... 1.

إذن، فالتطبيع مع من هم أشد الناس عداءً لنا، أمر قبيح، يرفضه العقل السليم، ويتناقض مع الايمان بصدق الله، وصدق آياته.
2-وكان جماعة من المنافقين (والمنافق هو من يتظاهر بالاسلام إلا أنه في واقعه وحقيقته غير ملتزم به) كانوا يوالون اليهود المعادين للمسلمين ويقيمون معهم علاقات وينقلون لهم أخبار المسلمين، فنزلت الآية الكريمة:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ 2.
-﴿ ... قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ... 2 هم اليهود.
-﴿ ... مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ ... 2 أي إن المنافقين لاهم منكم أيها المؤمنون، ولا من اليهود. ولكنهم يحلفون كذباً بأنهم منكم، رغم أنهم يعلمون حقيقة أنفسهم وخطورة العمل الذي يقومون به.

3-هؤلاء الذين يقيمون علاقات مع أعداء الأمة ويلهثون وراء التطبيع يتخذون من الحلف والقسم على الكذب مانعاً لكي يحافظوا على أنفسهم من السقوط، ثم يصدّون عن سبيل الله، أي يمنعون الأمة من مواصلة طريق المقاومة والتصدي حفظاً على كيان الاحتلال. بهذا الشأن نقرأ قول الله:
﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ 3.

4-في الآية السابقة هدّدهم الله تعالى بالعذاب المهين. وفي الآية 17 التي تلتها يبيّن الله أن هؤلاء المطبِّعين ليس باستطاعتهم الخلاص من هذا العذاب، لا بالأموال التي يملكونها من سرقة ثروات الأمة، ولا بأولادهم الذين يربّونهم على طريق الضلال والعمالة، بل جزاؤهم الخلود في نار جهنم:
﴿ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ 4.
5-هؤلاء ديدنهم الكذب، ففي الدنيا يكذبون على الأمة عبر الأبواق الاعلامية الخبيثة، وعبر القنوات الفضائية، وشبكات التواصل والانترنت وكل وسائل الاعلام، ويحلفون على أكاذيبهم فلعل الأمة تصدّقهم، ولكن الأقبح من ذلك جرأتهم على الله إذ يحلفون على أكاذيبهم في محكمة العدل الالهية في يوم القيامة أيضاً، لأنهم يتصوّرون أنَّ لكلامهم وحلفهم قيمة، بينما لا قيمة للمنافق الكاذب:
﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ 5.
6-ولماذا هذا التوجه الخطير من المنافقين (سواء كانوا حكاماً أو اعلاميين أو من الهمج الرعاع)؟ لماذا اللجوء الى العدو الدود؟
يجيب القرآن:
﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ 6.
بكل صراحة إنهم حزب الشيطان، وحزب الشيطان خاسر، خاسر في الآخرة بلا شك، وخاسر في الدنيا عاجلاً ام آجلا.
7-هؤلاء المنافقون المطبِّعون يصنِّفون أنفسهم بعملهم هذا في خانة أعداء الله والرسول، فهم ليسوا من حزب الشيطان فقط، بل خارجون عن دائرة المؤمنين، ولذلك فهم من أذلّ الناس، لأنهم لاحظ لهم بين الأمة، ولا يعتمد عليهم اليهود، بل يتخذونهم وسيلة للوصول الى مآربهم، وإذا تحققت المآرب رفسوهم وألقوا بهم في المزبلة، يقول الله تعالى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ﴾ 7.
8-ولكن رغم مؤامرات المطبِّعين المنافقين، فانَّ الغلبة لله ولرسوله ولدينه وللمؤمنين بدينه والثابتين على الطريق والمواصلين نهج مقاومة الطغاة والمحتلين:
﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ 8.
9-وبالمقابل فإنَّ الأمة التي تؤمن حقا وصدقاً بالله وباليوم الآخر، لا يمكنها القبول بمعاداة الله ورسوله، ولا يمكنها اللجوء للاعداء والتطبيع معهم، وترفض المطبّعين حتى لو كانوا الآباء او الابناء او الاخوان او العشيرة، لأن معيارهم الايمان فقط، فالمؤمن مقبول وغير المؤمن مرفوض، والله تعالى يؤيدهم بنصره في الدنيا ويدخلهم الجنة في الآخرة، ويمنحهم وسام الرضا عنهم ويشرّفهم بأنهم من حزب الله:
﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ 9.