الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

للتبليغ أهميّة مضاعفة في عصرنا الحاضر

ذكرنا أن التبليغ أولوية الحوزات العلمية. لقد كان الأمر كذلك في العصور كافّة ولكن هذه الأهميّة مضاعفة خاصّة في عصرنا، لأن حدثاً وقع في عصرنا لم يحدث منذ أكثر من ألف عام منذ صدر الإسلام، وهو حاكميّة الإسلام. إن تأسيس النظام السياسي لإدارة البلاد بمحتوى إسلامي ليس له سابقة. عندما يحدث مثل هذا الأمر يزداد العداء للإسلام بطبيعة الحال وأنتم تعلمون ذلك وتشاهدونه وترونه. لقد ازدادت هذه العداوات كثيراً لدرجة أننا اعتدناها جميعاً، ولم نعد نلاحظ أنواع العداء من العدوّ وأشكالها إلى حدّ كبير. إذاً، للتبليغ أهميّة مضاعفة في عصرنا [أولاً] لأنّ الناس هم الركيزة الأساسية في النظام الإسلامي وقوامه، أي إيمان الناس، وإذا لم يمتلك الناس الإيمان، فلن يكون هناك نظام. قال: «حفظ النظام من أوجب الواجبات»1. أحياناً يرى الإنسان أنّه أوجب الواجبات، ولذلك يغدو حفظ إيمان الناس واجباً، فتتضاعف أهميّة التبليغ من هذه الناحية. ثانياً لأنّ المرحلة مرحلة التطور العلمي. توجد اليوم شتّى الطرق لنشر الرسائل [الإعلامية] التي لم يجرِ حتى التفكير فيها في الماضي، بدءاً من التلفزيون والأقمار الاصطناعية وليس انتهاءً بالإنترنت و«ما بعد الإنترنت». هذه الأشياء الجديدة التي ظهرت، الذكاء الاصطناعي وأمثال ذلك، كما أنّ هناك أشياء أخرى في الطريق أيضاً.

إذن، في مثل هذه الظروف، ومع وجود مثل هذه الحال، حيث سيوف العدوّ المستلّة والحادّة والسافكة للدماء حاضرة، ما الذي علينا فعله؟ يكتسب التبليغ هنا أهميّة مضاعفة. واليوم شهدت المعدّات المخالفة والمعارضة والمعاندة تطوّراً وأشرتُ إليه، وكذلك في ما يرتبط بالبرمجيّات، إذْ روّجوا أساليب جعل الرسالة [الإعلامية] مُقنعة – الأمور التي لم يكن يتقنها أحدٌ في السابق – بمساندة علميّة من علم النفس وأمثال هذه الأمور. هذه هي الأدوات البرمجيّة وهي مهمّة جدّاً. إنهم يتحدثون ويُنتجون الأفلام ويُصنّعون المشهد ويجعلون العنوان في الصحيفة على نحو لا يشكّ في صحّته كلّ من يراه لكنه خطأ مئة بالمئة. نحن على مواجهة مع هؤلاء اليوم. وإذا غفلنا عن هذه الأمور، وإذا غفلت الحوزة العلميّة عن أهميّة التبليغ وحساسيّته وكون مسؤوليّة التبليغ اليوم مُضاعفة، فإنّنا سنُصاب بعارضٍ لا يُمكن تعويضه بسهولة، ولا أقول إنّه محال. [إنها] الاستحالة الثقافيّة. ستُصيبنا الاستحالة الثقافيّة، وهذه الاستحالة لو وقعت – لا سمح الله – فلن يكون إصلاحها وتعويضها أمراً بسيطاً. كان الإمام [الخميني] يقول مراراً في مواضع عدة إنه لو حدث مثل هذا الأمر، فسوف يتلقّى الإسلام صفعة سيبقى أثرها سنين طويلة 2. الأمر كذلك. سيحدث هذا لو غفلنا. وإذا غفلنا، فسيُسلب القُبحُ من الذنوب والذنوب الكبيرة والكبائر وستغدو عاديّة. تلاحظون أن هذا قد حدث في الغرب. في الغرب، يتقدّمون خطوة بخطوة في هذا الإطار. لا يرغب المرء في تكرار تعابير هؤلاء الرائجة، أي حقّاً إنّ شأنَ تحدّثِ الإنسان ولسانه أرقى من أن يكرّر هذه [التعابير] لكنّها موجودة على أيّ حال. إذا استخففنا بالتبليغ، فإنّ هذه الأمور ستطاول مجتمعنا 3 4.

 

 

 

  • 1. من جملتها رسالة الإمام الخميني في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية، 11/02/1985.
  • 2. كلمة الإمام الخميني مع جمع من مسؤولي نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، 21/3/1983.
  • 3. مقتبس من كلمة الإمام الخامنئي في لقاء مع المبلغين وطلاب الحوزات العلمية بتاريخ 12/7/2023.
  • 4. المصدر: موقع مکتب سماحة القائد آية الله العظمى الخامنئي دامت بركاته.