الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مؤثرية الروح الحسينية في العقول والقلوب

ما من ثورة في التاريخ الإنساني أخذت حيزاً مهماً كما حدث مع ثورة الإمام الحسين عليه السلام، فهي منذ حصولها في العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة وهي في حالة تفاعلية وتصاعدية ويزداد تأثيرها العاطفي والوجداني والإنساني على كل المستويات، وخصوصاً عند أتباع مذهب أهل البيت (ع) الذين لا زالوا يحيون هذه الذكرى عاماً بعد عام من دون توقف، ويبذلون في سبيل إقامتها الكثير من الجهود، وهذا ما يدل على تجذر هذه الثورة في عقول وقلوب المحبين للحسين (ع)، ولا غرابة أن نجد هذا الإنفلاش في عصرنا الحاضر والتوسع في إقامة المجالس حيث تتكاثر الناس في المدن وأحيائها وفي القرى وفي كل مكان من عالم الاغتراب الواسع حيث يقيم المفتربون عن أوطانهم مجالس العزاء لإحياء ذكرى عاشوراء الحسين "ع".

ويمكننا القول عن علم ويقين أن ثورة الحسين "ع" صارت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وليس في أيام عاشوراء فقط، فعندما يسقط شهيد في سبيل الله يقام  له مجالس العزاء تأسياً بمجلس عزاء الحسين "ع"، وإذا فقدنا عزيزاً أو قريباً أو صديقاً تقام له مجالس العزاء أيضاً.

وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الحضور الفاعل والمؤثر للإمام الحسين "ع" ومصيبته في كربلاء في حياتنا الاجتماعية والعاطفية والوجدانية.

فالإمام الحسين (ع) هو الباعث لنا على الجهاد في سبيل الله، وهو الراية التي نرفعها في وجه الظلم والظالمين والطغاة والجبابرة، وهو الذي يمدنا بالقوة والقدرة التي نواجه بها الأعداء مهما بلغوا من القدرات العسكرية والتقنيه، وهو الذي يزودنا بالإرادة الصلبة التي لا تلين من خلال شعار (هيهات منا الذلة) الذي رفعه في كربلاء بوجه يزيد وجلاوزته، وهو نفس الشعار الذي نرفعه اليوم بوجه الشيطان الأكبر "أميركا" وربيبتها جرثومة الفساد الكيان الغاصب لفلسطين وبوجه الأنظمة الرجعية المتخاذلة والمتحالفة مع أميركا اضد المجاهدين الشرفاء من أبناء هذه الأمة الذين يرفعون شعار المقاومة ضد المستكبرين وبعزيمة صلبة لا تلين ولا تنكسر.

وبهذه الروح الحسينية انتصرنا على الكيان الغاصب عام الفين وهزمناه شر هزيمة عام الفين وستة وهي الروح التي أخرجنا بها جحافل التكفيريين من أرض بلدنا لبنان وحررناه من وجود أي تكفيري كان يريد السوء والشر بشعبنا وأهلنا، وأصبحنا البلد الوحيد في المنطقة النظيف كلياً من تواجد التكفيريين، وهذا كله ببركة دماء الإمام الحسين (ع) الذي زرع فيها كل معاني التضحية والفداء والترفع عن الذات وبذل الغالي والنفيس في سبيل حفظ الدين والأمة من هجمات أعدائها من الكافرين والتكفيريين والمنافقين.

من هنا نقول إن الروح الحسينية هي التي فرضت الهزيمة على الأعداء ولم يعودوا قادرين على الانتصار، لأن الحسين (ع) صنع الرجال بشهادته، والرجال هم الذين حققوا النصر بعون الله وتمسكهم بالحسين شعاراً وعلماً ونهجاً، ولن يتوقف زمن الانتصارات حتى تحقيق النصر النهائي على كل أعداء الأمة الإسلامية إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين1.

  • 1. نقلا عن موقع سبل السلام لسماحة الشيخ محمد التوفيق المقداد (حفظه الله).