الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

مولد الامام محمد الباقر عليه السلام

واستقبل أهل البيت (ع) بمزيد من الفرح والسرور الوليد المبارك الذي ازدهرت به الحياة الفكرية والعلمية في الاسلام ، وكان ابتهاجهم به كأعظم ما يكون الابتهاج لانه أول مولود التقت به عناصر السبطين والنيرين الحسن والحسين ، وامتزجت به تلك الاصول الكريمة التي أعز الله بها العرب والمسلمين ، أما الاصلاب ، الكريمة والارحام المطهرة التي تفرع منها فهي :

الام

أما أمه فهي السيدة الزكية الطاهرة فاطمة بنت الامام الحسن سيد شباب أهل الجنة ، وتكنى أم عبد الله 1 وكانت من سيدات نساء بني هاشم ، وكان الامام زين العابدين (ع) يسميها الصديقة 2 ويقول فيها الامام أبو عبد الله الصادق (ع) : « كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن مثلها » 3 وحسبها سموا أنها بضعة من ريحانة رسول الله ، وأنها نشأت في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وتربى الامام الباقر (ع) في حجرها الطاهر ، فأفرغت عليه اشعة من روحها الزكية ، وغذته بمثلها الكريمة ، حتى صارت من خصائصه وذاتياته.
ولم تتوفر لنا أية معلومات عن المدة التي عاشها مع أمه فقد أهملت المصادر التي بأيدينا ذلك ، ولم تشر إليه بقليل ولا بكثير ، كما لم تتوفر
لنا أية معلومات عن سائر شئونها.

الاب

أما الأب فهو سيد الساجدين وزين العابدين ، ومن المع سادات المسلمين فقها وعلما وتحرجا في الدين ، وسنذكر عرضا موجزا لشؤونه في البحوث الآتية.

الوليد العظيم

واشرقت الدنيا بمولد الامام الزكي محمد الباقر الذي بشر به النبي (ص) قبل ولادته ، وكان أهل البيت (ع) ينتظرونه بفارغ الصبر لانه من أئمة المسلمين الذين نص عليهم النبي (ص) وجعلهم قادة لأمته ، وقرنهم بمحكم التنزيل وكانت ولادته في يثرب في اليوم الثالث من شهر صفر سنة ( ٥٦ ه‍ ) 4 وقيل سنة ( ٥٧ ه‍ ) في غرة رجب يوم الجمعة 5 وقد ولد قبل قتل جده الامام الحسين (ع) بثلاث سنين 6 وقيل بأربع سنين كما أدلى (ع) بذلك 7 وقيل بسنتين. وأشهر 8 وهو قول شاذ لا يعنى به.
وقد أجريت له فور ولادته المراسيم الشرعية من الاذان والاقامة في اذنه كما أجريت له بعض المراسيم الاخرى في اليوم السابع من ولادته من حلق رأسه والتصدق بزنة شعره فضة على المساكين ، والعق عنه بكبش والتصدق به على الفقراء.
وكانت ولادته في عهد معاوية والبلاد الاسلامية تعج بالظلم ، وتموج بالكوارث والخطوب من ظلم معاوية وجور ولاته الذين نشروا الارهاب وأشاعوا الظلم في البلاد ، وقد تحدث الامام الباقر عن تلك المظالم الرهيبة ، وسنذكر حديثه في غضون هذا الكتاب9.


 

  • 1. تهذيب اللغات والاسماء ١ / ٨٧ ، وفيات الاعيان ٣ / ٣٨٤ ، المحبر ( ص ٥٧ ) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٦٠ ، اعيان الشيعة ١ / ٤ / ٤٦٤.
  • 2. ضياء العالمين الجزء الثاني من مخطوطات مكتبة الحسينية الشوشترية تأليف أبي الحسن العاملي ، الدر النظيم من مصورات مكتبة الامام أمير المؤمنين تسلسل (٢٨٧٩).
  • 3. أصول الكافي ١ / ٤٦٩.
  • 4. وفيات الاعيان ٣ / ٣١٤ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٢٤ ، نزهة الجليس ٢ / ٣٦.
  • 5. دلائل الامامة ( ص ٩٤ ) دائرة المعارف لفريد وجدي ٣ / ٥٦٣.
  • 6. تأريخ ابن الوردي ١ / ١٨٤ ، أخبار الدول ( ص ١١١ ) وفيات الاعيان ٣ / ٣١٤.
  • 7. تأريخ اليعقوبي ٢ / ٦٠.
  • 8. عيون المعجزات للحسين بن عبد الوهاب من مخطوطات مكتبة الامام الحكيم تسلسل (٩٧٥).
  • 9. المصدر: كتاب حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل للعلامة الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله.